تكملة لمقالي السابق،بخلاف غيرهم من العرب، لا يميل الحضارم إلى رفع الصوت عند الخلاف، ولا يدخلون مع بعضهم في نقاش حاد، ولا تسمع لهم
صراخاً ولا تشابكاً بالأيدي في نزاع ،لا يدخلون مراكز الشرطة لحل خلافاتهم ونزاعاتهم بل يذيبونها في مهدها ،ولذا يقول كبار السن عنهم: “الحضارم لا يدخلون أقسام الشرطة”.
في تجارتهم ، يقف الحضارم بأنفسهم على صندوق المحاسبة ،ولا يدَعونه أبداً لعامل غير حضرمي.
هم من يستلم المال وهم من يعيد الباقي، والعمال عندهم فقط للتحميل والتنزيل والشيل والحطّ.
العامل عندهم لا يمسّ الريال أبداً، وعندما تكاسر البائع الحضرمي، لا يخفض السعر أبداً ،ولن تسمع إلا قوله: “النص قبل الريال”.
في محلاتهم ينظمون العمل مناوبات فلا يأتون كلهم في الصباح ويدعون المساء لعامل من غير جلدتهم.
ولديهم جلدٌ وصبرٌ عجيب على البقاء في المحل حتى وإن كان عددُ الزبائن قليلاً في بعض الأوقات والأيام، حيث يرون المداومة على فتح المحل من أسباب المنافسة والنجاح، وعاملاً مهماً للاستمرار والبقاء .
لا تهمهم المظاهر في اللبس فتجدهم يلبسون ثياباً لونها شتوي في عزّ الصيف لأنهم عمليون جداً.
ما يميزهم ،التبكير للعمل من بعد صلاة الفجر مباشرة، بحيث يفطرون في المحل وفطورهم بسيط جداً.
في مناسبات الأفراح والأعراس ، لا يأتون للعرس إلا متأخرين بحيث يقترب منتصف الليل قبل أن يكتمل جمعهم، والسبب أنهم أصحاب تجارة ولن يغلقوا محلاتهم ليذهبوا للعرس، بل يذهبون إليه بعدما يغلقون محلاتهم ومتاجرهم فالتجارة عندهم أولى من الذهاب للعرس.
الحضارم لديهم مثل يقول: “مهنة أبوك لا يغلبوك”، كما أنهم يمتازون بالجرأة في التجارة، ويرددون دوماً: “التجارة تبي خسارة وشغل”.
أخيراً ،يتميز الحضارم بالصدق والأمانة والرضا بربح يسير مقابل بيع كثير وهذه تحدث دورة أسرع للمال عندهم وتعوّضهم عن رفع الأسعار، لكن ما يؤخذ عليهم ، أنهم لا يطورون محلاتهم.
وآخراً ،فإن ما سطِّر أعلاه بعض من صفات حميدة وقيّم سامية وخصال إسلامية لمواطنين قدموا من بقعة غالية من الجزيرة العربية، أناس فرضوا أنفسهم في عالم التجارة والأعمال بفضل صفات اتصفوا بها وقيّم تربوا عليها فصارت مضرب المثل لمن أراد النجاح في عالم التجارة. والله أعلم.
ogaily_wass@