العائلة مصدر للراحة والأمن النفسي والاجتماعي فهل هناك أجمل من اللمّات العائلية ولو مرةً في الشهر بينما ما أجملها حين تكون بشكل أسبوعي.
تقول لي إحدى الصديقات التي أتفق أنا وهي بشكل كبير في مفاهيم كثيرة ومن ضمنها الارتباط العائلي حدثتني عن عائلتها وحرصهم الشديد على الملتقى العائلي بشكل أسبوعي قدر المستطاع ومن لم تسعفه الظروف يلتقي بهم عبر اللقاء المرئي بشكل يلغي الغياب عن لمّة العائلة، والعائلة بمفهومها الذي تعودناه والذي يُدخل البهجة على النفوس ويريح القلوب ،هي تلك الّلمّة التي تجمع العائلة من الأجداد إن وجدوا والأعمام وعائلاتهم والعمات وعائلاتهم والأخوال والخالات وعائلاتهم ، فيرتبط الصغار بأهلهم ويتبادل الجميع فيما بينهم الأحاديث الجدية والمفيدة والطريفة وحكايات كبارهم ويتناولون مع بعضهم وجبة مفعمة باللذة والمحبة، قد لا يدرك البعض أن العلاقات العائلية ضرب من ضروب الدواء للنفس فمهما أشبعنا أنفسنا لا نستطيع إشباعها من الشوق للأحبة وللعائلة أو للأهل إلا بتواجدنا معهم ولو سويعات.
أتعجب كثيراً مّمن ينتهج القطيعة مع عم أو خال أو عمة أو خالة أو ذرياتهم ويحذّر أبناءه من التواصل معهم بل ووصل الحال بالبعض من أمهات وآباء أنهم يباهون بعدم معرفة أبنائهم وبناتهم لعماتهم أو أعمامهم أو خالاتهم وأخوالهم متناسين أن صلة هؤلاء فيها موثق من الله فمن وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله.
كم من عائلات تشعّبت وكبرت وتفرّقت حتى أصبح الكبار لا يعرفون الصغار لعدم التواصل العائلي. البعض يجتهد في لمّ الشمل وبناء جسور التواصل والتعارف بين العائلة وبعضها بعضاً فينشئون مجموعات للتواصل وتبادل الأخبار بين العائلة لكن ما تلبث هذه المجموعة أن تتقلّص وينسحب منها البعض بحجة أن جوالاتهم مكتظّة بالمجموعات لذلك أرادوا التخفيف بالانسحاب من مجموعة العائلة مع أنها المجموعة الأولى بالبقاء.
مثل هذا التفكير يحتاج أصحابه إلى إعادة النظر في مفهومهم للعلاقات العائلية وعمق تأثيرها فما أروع تنشئة الأجيال على المحبة ونظافة القلوب وحسن التواصل وعدم إقحامهم في العلاقات المشوّشة والمتوتّرة فاحترام الكبار واجب ديني لا يمكن تجاوزه. وبالطبع ليست كل قطيعة أو عزوف عن الّلمّات العائلية أسبابها كبيرة وشائكة إنما كثير منها نتيجة إنشغالات أو سوء فهم أو نميمة أو صغائر أمور زادها عدم المواجهة والاعتذار تشويهاً ، إضافة إلى أننا نعيش في هذا الزمن مبدأ (إنت في حالك وأنا في حالي) ومشاغل الدنيا واللهاث وراء منافعها صار الشغل الشاغل للغالبية وليس خطأ أن يعمل الناس ويشتغلوا بما ينفعهم ويبذلوا الجهود ، لكن بأولويات ومن أهم الأولويات (العائلة) فيوم في الشهر ولقاء مفعم بالتراحم والتوادّ والحوارات الجميلة سيترك أثراً لا تمحوه السنون.
اللقاءات العائلية والعلاقات الطيبة بين أفرادها ، تمنع الشتات في صفوف الأبناء والبنات وتقوي البنيان الديني والأخلاقي فيهم وتصلب عودهم وتصقل مفاهيمهم فالحرص كل الحرص على العلاقات العائلية فهي حدائق غناء ترتاح فيها النفوس وتهدأ القلوب ودمتم بخير.