تحدّيات الحج
هناك عدة مفاهيم وعناوين لهذا الموضوع ومعظمها يناقش جوانب من التحدّيات التي تواجه الحج . إلا أنني سأحاول أن أضع نموذجاً أو مفهوماً أزعم أنه مختلف في تسليط الضوء على تحدّيات الحج وهي ثلاثة: الذهنية المتطورة، الفكرالتنظيمي الشمولي والتكامل والتناغم في الخدمات.
نقصد بالذهنية المتطورة ، أن الإنسان مجبول على التطور المستمر الذي لايتوقف عند حدّ معين بل مدفوع بالفطرة للحركة الى الأمام ،فكلما استطاع أن يحقّق هدفه أو حلمه، إندفع لرسم وتحقيق هدف آخر مكملاًً للأول أو مختلفاً عنه يحقّق له التقدم والتطور . لذلك نرى أن إدارة مواسم الحج والعمرة عبر تاريخ المملكة العربية السعودية تتجلّى فيها صور النجاحات في اختيار الذهنيات المتطورة للعمل في مختلف القطاعات التي تخطّط وتنظّم وتدير مواسم الحج والعمرة المتكررة الى يوم الدين .وأصدق صورة لهذا التقدم والتطور هو نجاحات موسم هذا العام 2023م.
ولكي تكتمل الصورة النموذجية لا بدّ من تحقيق البعد الثاني وهو “الفكر التنظيمي الشمولي” في رسم الأهداف الإستراتيجية التي تتعامل مع التحدّيات التي تواجه إدارة مواسم الحج والتي تبدع في تصميم الخدمات التي تعزّز مخرجاتها : الحاج الراضي والسعيد. وهذا يعني أن توظيف أي خدمة أو إنتاج أي سلعة، لا بدّ أن يأخذ في الإعتبار مواءمتها لمتطلبات الحاج الشخصية من لهجات ولغات وعادات وتقاليد وقدرات بدنية وطقوس وملبس ومأكل ومشرب وإعاشة متكاملة وكان أحد النماذج التي أتحدث عنها هو تطبيقات التكنولوجيا الحديثة والمتطورة هذا العام والتي تلبي الإحتياجات اللحظية في شتى المجالات وجميع مراحل الحج بداية من النية وإنتهاءً بعودته الى وطنه عبورا بأدائه لشعائر ومناسك الحج .
وأخيرا: التكامل والتناغم في الخدمات ،حيث أن التخطيط والتنظيم للحج يتطلب مشاركة فاعلة من قبل جهات متعددة حكومية وخاصة تتركّز مسؤوليتها على الجوانب الأمنية والصحية والخدمية وإنشاءات البنية التحتية للمواصلات والاتصالات والسلامة والانقاذ وهذا على سبيل المثال لا الحصر.
ولا يخفي على أي مسؤول أو إداري معرفة حجم التحدّيات التي تواجه مختلف الأجهزة السابق ذكرها في رسم أهدافها وإستراتيجياتها وخططها ونظمها بمعايير متكاملة ومتناغمة بعيدا عن السيطرة والصراعات والتناقضات فيما بينها والتي بالضرورة تحقّق أسمي غايات إدارة فعاليات الحج وشعائره ومناسكه ملبية إحتياجات الحجاج للسكينة والراحة والأمن والأمان والصحة والسلامة يعود بعدها الحاج الى وطنه وهو يحمل ذكريات أعظم تجربة أداء لفريضة دينية في حياته يقصّها على أبنائه وأحفاده وأهله وأصدقائه.