في الأيام الماضية وقعت مغشيّاً عليّ في مقر عملي، وذلك نتيجة الجهد المضاعف الذي كنت أبذله ضدّ نفسي داخل العمل وخارجه لشؤون دراسية وعملية تحت مسمّى ” السعي لتحقيق الأهداف” انزعجت لأني كنت أردّد أنها كبوة جواد وأني امرأة قوية، لكن كان حقيقة انزعاجي أني لم أسمح لنفسي طيلة الفترة الماضية بحقي في الإنهيار.
في المفهوم العام للإنهيار أنه يأتي نتيجة الهزيمة والإستسلام، لكنه في حقيقته يكون بعد مراحل طويلة وخطوات لا تُحصى من القوة والتجلُّد،فيجيء كمطرقة في وقت مثالي نكون فيه بحاجة تكسر حدّة ذلك الجمود الذي أحطنا به أنفسنا، فتثقب جدار الوقت ممّا يسمح لنا برؤية حقيقة حاجتنا للراحة بعد ذلك الإنهيار.
في المقابل ثقافة القدوة الحسنة والمثل الأعلى محمودة الإنتشار للآخرين، تشجعهما على تحقيق أهدافهم وتساعدهم على تجاوز عثراتهم كما الشخص الذي اتخذوه قدوةً لهم فعلاً، لكنه في المقابل يكون تحت ضغط نفسي وجسدي مضاعف لا يمكن وصفه يجبره معاملة نفسه كالآلة التي لا تتوقف عن العمل، يفعل هذا حتّى لا تتغير فكرتهم المثالية عنه، ناسياً أن حقه الكامل في النظر لنفسه والانتباه إليه حتى يقع، وحين يمارس حقه في الإنهيار لا يجد سوى نكران فعلته تلك وكأنه ذنب لا يمكن مغفرته من وجهة نظرهم.
ورغم ذلك تكثر وتنتشر العبارات المحفّزة والكلمات الرنّانة لتجاوز الازمات والصعوبات، الأمر جيد ويساعدنا كثيرًاً لكن بالنظر لواقعية الأمر لا أحد ينجو من ممارسة القوة المفرطة على نفسه فإنه سيخسر ذاته وبالنظر اللمقولة شديدة الإنتشار التي تقول: ” بينما كان الناس يمَدحون ثباتي وقوتي، كنت أشفق على نفسي، لم يفهم أحد أنني مجبر على الثبات والقوة لأنني محطّم تماماً، لأنني لا أملك رفاهية الإنهيار” فإنهامقولة محزنه ومخيفة في آن واحد لأنه هناك قوة وشفقة وشخص محطّم، لم يسمح لنفسه بممارسه حقه الإنساني تجاه نفسه.
لكن وحقيقة الأمر لا يكون الإنهيار إلا في حالات محدّدة ما يعني أن الاستجابة لكل انهيار ، ما هو إلا رفاهية، بعد العديد من تجاوز الصعاب والوصول لأهداف تجعلنا راضين عن أنفسنا بصورة كبيرة، لأن سقوط الإنسان لا يعني هزيمته وتوقّف حياته بل مجرد مرحلة هدم يعقبها بناء وتجديد حياة لأنه لا ينهار إلا في الوقت الذي استنفذ كل طاقته للمقاومة، حين يسمح لنفسه بالسقوط لفترة ثم يعود كما كان وأكثر، بعد أن يصحّح ما كان خاطئاً قبل ما شعر أنه هزيمته، لكن في الأصل مازال قوياً كما كان.
@i1_nuha