هل أدركت السيدة صديقة شرف الدين زوجة الشيخ عمر نصيف القادمة من بيت العلم والدين
أن حلمها قبل سبعين عاما لتأسيس مدرسة نظامية عام 1375 هجرية رغبة منها في إيجاد المكان الأنسب لابنتها الوحيدة د.فاطمة عمر نصيف -يرحمها الله – ومن في عمرها آنذاك من بنات مدينة جدة.
هل أدركت أنها تشارك بهذا في وضع حجر الزاوية في تاريخ تعليم البنات في المملكة العربية السعودية وذلك بعد أن بحثت كثيراً ولم تجد سوى الكتاتيب البسيطة التي تكتفي بالتحفيظ وتعليم البنات بعض المهارات التي يحتجنها لحياتهن عند الزواج.
كان ذلك قبل التعليم الرسمي للبنات بخمس سنوات شجعها في ذلك والد زوجها الأفندي محمد نصيف الذي طلب من الملك سعود -يرحمهما الله- الإذن بفتح المدرسة التي سميت على اسمه وقد كان من وجهاء المدينة المعروفين بثقة الملك وقربه منه.
ولا شك أن السيدة التي رزقها الله هذا الإحساس بالمسؤولية تجاه بنات مدينتها وابنتها منهن قامت بهذا العمل تدفعها بهذا غريزة الامومة ليس إلا، المدرسة النصيفية التي بدأت من السنة الأولى بثلاثمائة طالبة كن يدرسن منهج البنين اضافة الى بعض المهارات كالتدبير المنزلي والخياطة وكانت السيدة صديقة تزور العائلات مع بعض العاملات في المدرسة لإقناع الأسر في جدة بتسجيل بناتهن في المدرسة التي كان مقرها شارع العلوي بوسط البلد وانتقلت الى حي الكندرة ثم الىشرق شارع الامير ماجد بعد ذلك ،وخلفتها في إداراتها السيدة فتحية عبيد ثم ابنتهاالسيدة إيمان سرور بعد ذلك .
تخرج من النصيفية الآلاف من البنات منهن الطبيبات اليوم والمعلمات والمسؤولات في العديد من نواحي الحياة العملية يساهمن في نهضه الوطن ورفعته .
وكانت السيدة صديقة شرف الدين تقوم بزيارة النصيفية لمتابعة المدرسة والاطمئنان على الطالبات والمدرسات والعاملات حتى بعد أن أقعدها السن والمرض ،تأتي بكرسيها المتحرك يدفعها في ذلك إيمانها بضرورة التعليم للبنات اللواتي حملن على
عاتقهن بعد ذلك المسؤلية تجاه البناء والتطور.
وأشكر هنا زاوية 97 على دعوتها الكريمة الى الجلسة الحوارية بعنوان ( ذاكرة الزمان- المدرسة النصيفية ) والتي أقامتها مساء الجمعة 23 رمضان في مكتبة الشيخ عبدالرحمن نصيف -يرحمه الله- والذي كان مقر المدرسة النصيفية في أول عهدها وذلك ضمن النشاط الثقافي الذي قامت به المنطقة التاريخية خلال هذا الشهر المبارك .
sal1h@