البلاد- وكالات
ما إن يبدأ شهر رمضان، إلا وتنتشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي، العديد من الفيديوهات والتغريدات التي تحذر من ممارسة الرياضة أثناء الصيام!
هذه التحذيرات تصدرُ من بعض الأطباء وأخصائيي التغذية، ويتناقلها الناسُ وكأنها مسلمةٌ وحقيقة لا يدانيها شكٌ، فيما هي وجهة نظر قابلة للنقاش، وهنالك من الأطباء من يختلفُ معهم فيها، ويجدها مبالغة لا طائلَ منها. لأن الأجدى تحذير الناس من النظام الغذائي الخاطئ في رمضان، الذي ينهك صحتهم، ويزيد معدلات السمنة، عوضَ تخويفهم من الرياضة.
أحد الناشطين في الحقل الطبي، في “تويتر”، غرد عبر حسابه، مدعياً أن الرياضة أثناء الصيام، قد تسبب “جلطة”، دون أن يقدمَ دليلاً علمياً على وجهة نظره هذه؛ في الوقت الذي تساهم فيه الرياضة في خفض مستويات هرمونيَّ التوتر والإنسولين والدهون الضارة، وترفع من مستوى هرموني النمو والسعادة، ما يعني أنها تساهم في التقليل من الأسباب المؤدية إلى “الجلطة”، لا العكس، خصوصاً أن الصائم لفترة تمتد لأكثر من 16 ساعة، سيعمل جسمه على التخلص من الدهون الحشوية المتراكمة حول الأعضاء، وتحويلها لطاقة أثناء ممارسة الرياضة.
“الجفاف” أثناء شهر رمضان، أحد أهم الموضوعات التي دائماً ما يكررها الأطباء في توصياتهم، محذرين من الوقوع فيه أثناء ممارسة الرياضة، خصوصاً تلك التي تتطلب جهداً أكبر، معتبرين أن ذلك سيعرض صحة الإنسان لخطرٍ كبير محتمل! من هنا، ينصح الأطباء بشربِ كميات كبيرة من الماء بُعيد انتهاء الصيام، ويفضلونَ أن يقوم الإنسان بالرياضة بعد الإفطار أو قبل السحور، فهل هذه النصيحة راجحة علمياً؟
أولاً، هنالك فهم خاطئ لمفهوم “الترطيب”، فكثير من الأخصائيين والمتابعين يعتقدون أنه عملية تتم عبر شرب الماء والسوائل، وذلك تصور غير دقيق. فـ”الترطيب” أساسه حصول الجسم على الكمية الكافية من الأملاح والمعادن الضرورية مثل: المغنيسيوم، الصوديوم، البوتاسيوم، البورون، الكلوريد، السليكا.. فوجود هذه العناصر والمعادن الأيونية هو شرطٌ أساسٌ لحصول عملية الترطيب للأنسجة العضلية، وقيام الخلايا بعملها الدقيق، وتوصيل السيالات العصبية والمواد بين أعضاء الجسم المختلفة.
من هنا، لو شرب الإنسان كميات كبيرة من الماء، أو احتسى سوائل فقيرة المكونات المعدنية المهمة، فإن عملية الترطيب لن تتم إلا جزئياً، وستكون منقوصة؛ وهذه مشكلة يقع فيها الكثيرون، ظناً منهم أن الماء الذي يحتوي على الأملاح المعدنية الطبيعية يرفع معدل ضغط الدم ويسبب تسارع ضربات القلب، وهو توهمٌ مروجٌ له تسويقياً وحتى طبياً – للأسف الشديد – لدى مجموعة من الأطباء، فيما هو أمرٌ غير صحيح!.
هنالك كثيرون يمارسون الرياضة في نهار رمضان، دون شرب الماء، وبشكلٍ لا يشعرهم بالتعب، فكيف يتم ذلك؟
إن الأساس هو حصول الجسم على العناصر المعدنية الضرورية التي يحتاج لها، وهذا يتم من خلال التغذية الصحية، القائمة على الأطعمة الغنية بالفيتامينات، من مصادر غير ملوثة بالمواد الكيماوية، واتباع أنظمة عالية البروتين والدهون النافعة، ومنخفضة الكربوهيدرات.
إذا ابتعد الإنسان عن الأطعمة التي تستهلك المغذيات، وتزيد من الالتهابات، فإنه لن يشعر بالتعب أثناء الصيام. ولذا، فتركُ السكريات والزيوت المهدرجة والأطعمة المصنعة والنشويات المكررة، سيجعل الجسم أكثر قوة وقدرة على تحمل الرياضة أثناء الصيام، حتى لو تعرق الإنسان خلال ذلك.
بالتأكيد سيفقد الصائم الأملاح أثناء ممارسة الرياضة، لكن البرنامج الغذائي القائم على الدهون النافعة والبروتينات والبعيد عن الكربوهيدرات المضرة، وتناول المعادن الأيونية الضرورية، سيجعل الرياضة ممكنة جداً، بل أكثر فائدة، لأنها ستقوي الجهاز المناعي، وتجعل الإنسان أكثر قدرة على التحمل من ذي قبل، وستفقده الدهون الزائدة، ما يعني التخلص من السمنة بطريقة صحيحة!.