البلاد ـ المدينة المنورة
بدأ مزارعو النخيل بمنطقة المدينة المنورة مرحلة تلقيح أشجار النخيل “التوبير” في عملية تستمر قرابة 60 يوماً، حيث تعدّ “التوبير” من أولى وأهم مراحل تكوين وإنتاج التمور، وتشكّل أهمية بالغة لدى المزارعين لإتمام عملية الإخصاب وتكوّن الثمار. ويشرح المزارع فيصل سلمان العوفي عملية التوبير مبيناً أنها تحمل مسميات عديدة قد تختلف بين المزارعين من منطقة لأخرى منها التلقيح بالبار أو لقاح النخيل “الطلع” لكنها تشترك في طرقها الأساسية، حيث تجري عملية التوبير عبر إدخال ما بين خمسة إلى سبعة أعواد من الطلع في قنو النخلة، بحسب معرفة وتقدير المزارع لحال النخلة، فبعضها يحتاج إلى خمسة أعواد، وأخرى سبعة، أو تسعة، أو ثلاثة فقط. وبين أن المرحلة التي تلي التوبير تأتي عملية فرز الأقنية عن بعضها “التفكيك” لكي يأخذ كل قنو موقعه الصحيح، مشيراً إلى أن القنو يختلف من نخلة لأخرى في الحمولة، فهناك نخيل به 8 أقنية، وهناك الذي يحمل 15 قنواً، وهناك نخيل به 20 قنواً، وبعد مدة من الزمن يكبر البلح، ويسمى سربان، ويتم توريده إلى السوق لبيعه، ويكون ذا لون أخضر أو بني من الأعلى. وأرجع العوفي تميّز محصول التمور بمنطقة المدينة المنورة بحباته الكبيرة والفاخرة إلى السربنة التي تعني تخفيف حمولة القنو الواحد بمسك الشماريخ، ونزع من 12 إلى 15 تمرة من الشمروخ الواحد لكي يوفّر مجالاً لحبة التمر لتأخذ مساحة للنمو، وتضمن وصول الماء بشكل كاف إلى الأعلى ليصل إلى جميع الثمار، ولكي لا يزاحم التمر بعضه بَعْضاً، فتكون حبة التمر فاخرة وكبيرة الحجم عند نضوجها.
وحول الجدوى الاقتصادية للتمور أوضح المزارع الدكتور أحمد البلادي أن الاهتمام والعناية بمرحلة التلقيح هذه الأيام تعدّ سبيلاً للخروج بموسم حصاد ناجح ومميز – بتوفيق الله – مؤكداً أهمية الحرص على تطوير مراحل الإنتاج وحصر السلبيات في أثناء كل مرحلة يمرّ بها المزارع لتحسين جودة الإنتاج والاستفادة الكاملة من النخلة في الصناعات التحويلية، بوصف التمر يشكّل قيمة غذائية عالية، ويعدّ أحد أهم السلع الغذائية الطبيعية التي ارتبطت بحياة الإنسان منذ القدم، فقال الله تعالى: “وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رَطْباً جِنِّيّاً” كما تصاعدت أشكال الصناعات التحويلية التي تتخذ من التمر مكوناً أساسياً لها في السوق المحلية والعالمية.