ينجرف المشجعون خلف إثارة اللعبة، ليصبح من السهل عليهم أن ينسوا أن اللاعبين بشر، ففي السابق، كان بإمكان أحد المشجعين أن يعلق تعليقًا عابرًا لأصدقائه، بأن لاعبًا معينًا أو الفريق لم يكن جيدًا بعبارات لا لبس فيها، للتنفيس عن إحباطه بهذه الطريقة، أو في أسوأ الأحوال أن يصرخ بألفاظ غير لائقة من المدرجات تجاه أحد اللاعبين، ولكن اليوم، يمكن للمعجبين التعبير عن أنفسهم على الشبكات الاجتماعية، والبعض لا يخجل مما يقول مهما كانت فداحته؛ بل أن يتحول إلى مدعٍ للثقافة تحت مظلة “حرية التعبير”.
تنمر الكثيرون على حمدان الشمراني بحجة تدخله العنيف، وآخرون على سعود عبدالحميد تجاه روحه المرحة وابتسامته، ولم يسلم عدد من الإعلاميين أيضاً من التنمر، حتى الترصد لآرائهم التي ليس بها أي تجاوز فقط؛ لأنها تمس النادي المفضل للمشجع المتنمر، والأدهى من ذلك هو وصول عدوى هذا السلوك المقيت إلى الإعلاميين الذين أصبحوا يتنمرون على اللاعبين في الأندية المنافسة، بل وذهبوا إلى أبعد من ذلك، ليتنمروا على بعضهم البعض، وهو ما يوصف بالمضحك المبكي؛ حيث تتعجب كيف ينجرف إلى مستنقعه أشخاص يفترض أن يكونوا في قمة النضج، وقدوة للآخرين، بكل بساطة هو سلوك جبان، ولكن بالإمكان تسميته “شجاعة لوحة المفاتيح”.
“شجاعة لوحة المفاتيح” الاسم التجاري للتنمر؛ حيث يشعر المُتنمر بالحرية في كتابة أمور سيئة عن الآخرين، ليس لديه ما يكفي من الجرأة لقولها لهم مباشرة، وبذلك تتخطى تعليقاته الحدود بسرعة إلى إهانات ومضايقات، وتكمن مشكلة التنمر عبر الإنترنت في أن التعليقات السامة لا يمكن تجنبها فهم يتابعون اللاعبين في كل مواقع التواصل؛ بحيث لا يصبح للرياضي مكان للهروب سوى الابتعاد عنها، وهذا أمر غير منطقي في هذا الزمان حيث إن اللاعب بشر يحق له التواصل وممارسة حياته الطبيعية كالآخرين، ورغم مطالبة المختصين أن يكون اللاعب أكثر صلابة في التعامل معها، ولكن مع تأثيرها النفسي عليه، وعلى عائلته يكون من المستحيل عدم أخذ هذه التعليقات على محمل شخصي ، فهي مؤذية ويمكن أن يكون لها تأثير كبير على ثقة الرياضي في نفسه.
لا يمكن للرياضيين ببساطة إيقاف تشغيل حساباتهم على وسائل التواصل الاجتماعي لتجنب التعرض لهذه السهام فتعد وسائل التواصل الاجتماعي وسيلة أساسية للرياضيين للتواصل مع المعجبين، كما يمكن أن يحدث هذا التنمر داخل وخارج الملعب ويمكن أن يشمل الرياضيين، أو المدربين أو الحكام؛ لذلك يجب على المنظمات الرياضية أن لا تسمح أو تتسامح مع التنمر وأن تضع قواعد سلوك وسياسة تعالج سلوكيات التنمر لحماية الأعضاء وتوفير آلية عملية للتعامل مع هذه الحالات.