إبراهـيـم العـقــيـلي
احتفالية يوم التأسيس مناسبة وطنية مجيدة، تخلد تاريخاً مجيداً وبطولات أخرجت للعالم دولة باتت محط الأنظار ومقصد الحجاج والعمار.
إن من أولى ما يمكن التذكير به عندما تحل ذكرى التأسيس أن تتضمن البرامج، التي يتم التخطيط لها، تلك المتصلة بتعليم وتذكير الأجيال الناشئة بما كانت عليه حياة الآباء المؤسسين، وإمكانيات الحياة ومقوماتها في هذه البلاد على مر القرون الثلاثة الماضية،
وطوال قرنٍ مضى نمت هواية وشغف لدى كثير من أبناء هذه البلاد، وفي المناطق كلها، هذه الهواية هي تأسيس متاحف شخصية عمل عليها، وهام بها مواطنون عزَّ عليهم أن تندثر كثيرٌ من أدوات ومقتنيات الحياة في عصور عاشها آباؤهم وأجدادهم ومن سبقوهم، فدفع عشق التاريخ وحب التراث والوفاء للأرض، عدداً من مواطني كل منطقة إلى السعي نحو حفظ مقتنيات تؤرخ لأنماط معيشة من سبقوهم، وإمكانيات عيش آبائهم وأجدادهم ومن سبقوهم، فتأسست متاحف شخصية بجهود ذاتية من أصحابها، وضعوا فيها كل مواردهم المالية وجهودهم الذاتية، ومع الأيام تشكلت متاحف تستحق أن تكون مزاراً للمواطن، ومحطة سياحة لمن يزور هذه البلاد من مختلف دول العالم، إلا أن ما يؤلم وما يؤسف عليه أن هذه المتاحف تندثر أو تُهمل أو تُعرض للبيع مع تقدم أصحابها في العمر أو رحيلهم فلا تجد بعدهم من يوليها الأهمية التي تستحقها، يحدث هذا وبعض هذه المتاحف يضم مقتنيات نادرة جداً تحكي فترات من تاريخ هذه البلاد،
وهنا، فإن كاتب هذه الأسطر يقترح إطلاق مشروع تراثي وطني أو مبادرة لحفظ والمحافظة على المتاحف الشخصية وإعادة تأهيلها لتستمر تاريخاً ينطق ومقتنيات تحكي ما مرت به هذه البلاد من أنماط معيشة، وما أسسه أهلها من حياة صنعوها من العَدم، وحضارة بلغت القمم.
لعل وزارة الثقافة والهيئات العامة المتخصصة المنضوية تحتها والمتخصصة في المتاحف والتراث والأزياء، تطلق مشروعاً أو مبادرة وطنية لحفظ المتاحف الشخصية والمحافظة عليها، بحيث تحفظ بأسمائهم لكي تستمر تؤدي رسالتها في حفظ تاريخ وتراث ومقومات حياة أبناء الوطن من أجيال التأسيس في كل منطقة، ومن الأفكار التي تُطرح هنا إنشاء مجمعات في كل منطقة شبيهة بالموقع الذي كان يشغله مهرجان الجنادرية بالرياض، تكون مجمعاً للمتاحف الشخصية، يدير كل متحف صاحبه طالما كان راغباً وحياً يخلفه في ذلك أبناؤه، وإن عزف الأبناء عن ذلك تنتقل المحافظة عليه وتطويره إلى وزارة الثقافة أو أي هيئة من هيئاتها، ولا بأس أن تكون الزيارة بمقابل مالي يكون مصدر دخل لصاحب المتحف لكي يستمر ويواصل المحافظة على وتطوير متحفه.
نقول هذا؛ لأن بعض المتاحف الشخصية باتت معروضة للتصفية، ومهددة بالاندثار مع تقدم أصحابها في العمر وما يرافقه من تراجع حالتهم الصحية، وعدم قدرتهم على متابعة العناية بهذه المتاحف وتطويرها، وما يتطلبه كل ذلك من صحة جيدة وموارد مالية تزيد عن حاجة صاحب المتحف ومعيشة أسرته، وفي احتفالية يوم التأسيس أملنا كبير في قيادة هذا الوطن الغالي علينا جميعاً، أن يتم إطلاق مثل هذه المبادرة.
ogaily_wass@