متابعات

النفط قصة عزيمة وإصرار ونجاح من الملك المؤسس

 عبد الله صقر – مركز المعلومات

في الرابع من مارس عام 1938 م بدأت المملكة إنتاج أول كمية لها من النفط المكتشف من خلال الحقل رقم 7 حقل الدمام، وفي العام 1939م ذهب الملك عبدالعزيز يصحبه وفد إلى الظهران، مجتازاً صحراء الدهناء ذا الرمال الحمراء حتى وصل إلى مخيم الشركة مدشناً عصراً جديداً من عصور المملكة .. عصر إنتاج النفط. تعود قصة اكتشاف النفط في المملكة الى العام 1933 إلى القوة والعزيمة التي كان يتمتع بها موحد هذا الكيان الملك المؤسس عندما وقّع اتفاقية الامتياز للتنقيب عن النفط مع شركة ستاندرد أويل أوف كاليفورنيا سوكال بعد أن أنعش اكتشاف النفط في البحرين المجاورة الآمال بوجود مخزون من الذهب الأسود في الأراضي السعودية. وأعقب التوقيع توافد الجيولوجيين والنزول عند قرية الجبيل الساحلية التي تبعد نحو 105 كيلومترات شمال مدينة الدمام،
وفي أبريل 1935، تقرر بدء العمل بحفر بئر الدمام رقم 1، وبعد سبعة أشهر من التأرجح بين الأمل واليأس، أنتجت البئر دفعة قوية من الغاز وبعض بشائر الزيت، وذلك حينما وصل عمق الحفر إلى قرابة 700 متر، ولكن أجبر عطل في المعدات طاقم الحفر على إيقاف تدفق البئر وسُدَّ بالإسمنت، وكانت بئر الدمام رقم 2 أفضل حالاً.


وفي مايو من نفس العام كان فريق الحفر قد وصل إلى عمق 633 متراً ، وحينما اختبرت البئر في شهر يونيو 1936، تدفق الزيت منها بمعدل 335 برميلاً في اليوم ، وبعد انقضاء أسبوع على ذلك الاختبار ، وإثر المعالجة بالحامض ، بلغ إنتاج الزيت المتدفق من البئر 3840 برميلاً يومياً , وشجع ذلك على حفر آبار الدمام 3 و4و5 و6 دون انتظار التأكد من أن الإنتاج سيكون بكميات تجارية أو التعرف على حجم الحقل المكتشف, ثم صدر قرار في شهر يوليو بإعداد بئر الدمام رقم 7 لتكون بئر اختبار عميقة.
ومع نهاية عام 1936 حدث في ذلك الوقت ما لم يكن متوقعاً، فقد أخفقت بئر الدمام رقم 1 بعد أن حُفِرت إلى عمق يزيد على 975 متراً، أما بئر الدمام رقم 2 فقد تبين أنها رطبة ، بمعنى أنها تنتج الماء بشكل رئيس، إذ كان إنتاجها منه يزيد بمقدار 8 أو 9 مرات على حجم إنتاجها من الزيت, ولم يزد إنتاج بئر الدمام 3 على 100 برميل من النفط الثقيل يومياً ، مع وجود الماء في هذا الإنتاج بنسبة 15 بالمئة.
وبالنسبة لبئرَيْ الدمام 4 و 5 فقد اتضح أنهما جافتان ، أي غير قادرتين على إنتاج أي سوائل، وكذلك كان الحال مع البئر رقم 6 .
وفي ديسمبر 1936م، بدأ اختصاصيو حفر الآبار الاستكشافية في حفر بئر الاختبار العميقة رقم 7 ، وإذا كانت الآبار الأخرى مخيبة للآمال، فإن البئر رقم 7 لم تكن خالية من ذلك في البداية.
فحدث تأخير في عملية الحفر، كما كانت هناك بعض المعوقات، حيث علق أنبوب الحفر، وحدث كسر في جنزير الرحى، وسقطت مثاقيب الحفر في قاع البئر المحفورة، وكان لا بد من التقاطها كما حدث انهيار لجدران البئر.


ورغم وصول جهاز الحفر الرحوي -الذي يعمل بقوة البخار- إلى طبقة البحرين الجيولوجية، ظلت النتيجة واحدة، وهي أنه لا يوجد نفط. ابن رمثان دليل الأدلاء مع توالي الإخفاقات كان هناك تصميم من الملك المؤسس وإصرار على النجاح والمضي قدماً في البحث فكلف شخصين أحدهما امريكي ماكس ستاينكي والآخر سعودي وهو الدليل الصحراوي خميس بن رمثان للبحث والتنقيب حيث جابا الصحاري بحثاً عن الزيت حتى تدفق بين يديهم البئر رقم 7، بعد 7 محاولات فاشلة.
عمل “خميس بن رمثان”، دليلاً مع “أرامكو”، ومكلفاً من قبل الملك عبدالعزيز بالعمل معهم مع بداية عام 1934، ليبدأ بتتبع كل المواقع الذي يعرفها وموارد المياه. واعتبره وزير النفط السابق علي النعيمي، مع ستاينكي الأميركي من الشخصيات الملهمة له في سنواتهم الأولى في العمل للبحث عن النفط في السعودية.
واستعانت شركة أرامكو بابن رمثان لمساعدة مهندسيها على معرفة الطرق والمواقع، وعلى الرغم من وجود بعض الأجهزة في ذلك التاريخ مع الجيولوجيين الأمريكيين، إلا أن المعرفة بمسار النجوم والاتجاهات كانت الأقوى لدى بن رمثان.

ومع امتلاك الشركة لأحدث أجهزة البحث والقياس والمسح آنذاك.إلا انهم لم يستطيعوا الوصول الى الحقل رقم 7 ومن هنا لم يؤمن الجيولوجيون الأمريكيون كثيراً بما لدى ابن رمثان من معارف فطرية حول الطرق والمواقع، لكن حينما جلسوا في حيرة من أمرهم طلب ابن رمثان منهم اختباره بالسير خلفه في طريق مستقيم، فساروا خلفه وهو على راحلته حتى أوصلهم للموقع المطلوب، وهكذا استطاع الجيولوجي الأمريكي الأشهر ماكس ستاينكي، بمساعدة ابن رمثان أن يعثر في الرابع من مارس 1938 على حقل النفط الشهير المعروف باسم «حقل الدمام 7» وكان ذلك عند مسافة 1440 متراً تحت سطح الأرض بإنتاج 1938برميلاً في اليوم ، ثم ارتفع هذا الرقم إلى 3690 برميلاً في السابع من مارس ، وسجل إنتاج البئر 2130 برميلاً بعد ذلك بتسعة أيام ، ثم 3732 برميلاً بعد خمسة أيام أخرى ، ثم 3810 براميل في اليوم التالي مباشرة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *