البلاد – الرياض
للإبل من مكانة مميزة شعبية، حيث يتسع جمهور محبيها والمهتمين بها في المملكة، وفي دول الخليج العربي، كذلك في معظم البلدان العربية والإسلامية، حيث أولتها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود وسمو ولي العهد حفظهما الله عنايتها واهتمامها باعتمادها نادي الإبل للعناية بها وبملاكها وتنظيم مسابقاتها وأنشطتها تحت مظلة واحدة.
ويمثل مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل الذي يقام في الصياهد الجنوبية للدهناء، إحدى المنارات الوطنية والعالمية التي تسهم في التعريف بعلاقة الإبل بإنسان الجزيرة العربية، التي تعد رمزاً أصيلاً للحياة في الصحراء، ولها ارتباط ثقافي واجتماعي واقتصادي مؤثر في تاريخ وحياة الإنسان العربي على مرّ العصور. ونقل المهرجان المزاينات من العشوائيات والبدائيات إلى كرنفال عالمي وواجهة سياحية ومحطة اقتصادية عانقت التراث عبر رؤية 2030.
ونشأت فكرة مزاين الإبل عام 2000م بشكل مبدئي بسيط عبر عدة تنظيمات بدائية لعدد محدود من الألوان وبشوط واحد لكل لون، ليأتي بعدها الإعلان عن تنظيم مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل عبر قرار مجلس الوزراء رقم 21 الذي صدر بتاريخ 9/ 1/ 1438هـ بالموافقة على تنظيم فعاليات جائزة الملك عبدالعزيز لمزاين الإبل والفعاليات المصاحبة لها، وفق قواعد وضوابط تراعي الجوانب الصحية والأمنية والثقافية.
وسعت إدارة المهرجان بنادي الإبل في نُسَخ المسابقة وعبر مجموعة من الأفكار المبتكرة إلى إحداث نقلة نوعية في هذا المجال وإضفاء الجو التنافسي العادل في مختلف دوراته، حيث استحدثت في الدورة السابعة مجموعة من المستجدات كتعديل عدد المتون المشاركة في فئات سيف الملك وشلفا ولي العهد، واستحداث شوط جديد باسم شوط البداوة، وإطلاق الخدمات المشتركة لملاك الإبل بهدف جمع اللجان في مكان واحد، بالإضافة إلى اعتماد آلية جديدة لاحتساب نقاط الهجيج بهدف رفع التنافسية بين الملاك، وزيادة الحراك الاقتصادي في أسواق الإبل، فضلًا عن مناقشة عدد من النقاط التطويرية والتحسينية للفئات بمختلف ألوانها خلال مسابقات المهرجان. كما شهدت الدورة الماضية أيضاً إقامة شوط مفتوح للنساء، وآخر دولي، ومسابقة الشداد وإنشاء لجنة الاستئناف تحقيقًا للعدالة والشفافية.
واستحدثت في النسخة الخامسة لجنة مستقلة للون “المجاهيم”، وأخرى للون “المغاتير” في جميع فئاتها بسباقات المهرجان كافة. وفي النسخة الرابعة تم إضافة مسابقتين جديدتين وهما نخبة النخبة في جميع الألوان، إضافة إلى مسابقة الهجيج، وزيادة العدد في مسابقة الفحل وإنتاجه إلى 8 قعود و7 بكار، كما شهدت النسخة الرابعة استحداث مسابقات عديدة للجماهير وهي مسابقة “القعود قعودك إذا طرحته”، وغيرها من المسابقات المتنوعة للجمهور.
كما خصصت في النسخة الثالثة من عمر المهرجان لجاناً أوكلت لها مهمة الكشف عن العبث الذي يلجأ إليه بعض ملاك الإبل، وفرضت عقوبات صارمة بحق المخالفين بالعبث، تتمثَّل في الاستبعاد من المشاركة، وحرمان المخالف وإبله من المشاركة بالنسخة الحالية والنسخ المقبلة، كذلك إحالة المخالف إلى الجهات المختصة لتطبيق العقوبات النظامية بحقه.
ويحضر هذا الموروث كمكون أصيل لثقافة المملكة، الذي دعمته رؤية 2030 بإقامة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل، والفعاليات المصاحبة له ليكون مركزاً ثقافياً اقتصادياً ترفيهياً رياضياً، يدعم صناعة واقع ثقافي يتميز بمستويات عالية من الجودة والتنوع لتحقيق التطلعات بصورة تواكب مكانة المملكة ووضعها الاقتصادي المزدهر، وبتوجيهات من القيادة الرشيدة -حفظها الله- تم تخصيص الأماكن المناسبة لاحتضانها، لتمكين المهتمين بهذا الجانب من إبراز ما لديهم من شغف، بالإضافة إلى تشجيع المستثمرين من الداخل والخارج للاستثمار في هذا الموروث العريق، الذي سيوفر العديد من فرص العمل، ويدعم إيجاد خيارات ثقافية وترفيهية متنوعة تناسب الأذواق والفئات المختلفة، ليصل اليوم إلى نسخته السابعة وسط تطوير شامل، محققًا قفزات مختلفة وتطورًا مشهودًا جعلت منه أكبر تظاهرة في عالم الإبل على مستوى العالم.
وقد عملت إدارة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل على تصميم موقع مهرجان مزاين الإبل تحت مسمى “القرية السعودية للإبل” على أفضل المواصفات المعتمدة لإقامة المهرجانات. وحددت الإدارة موقع الصياهد الجنوبية للدهناء التي تبعد 120 كيلومتراً شمال شرق مدينة الرياض على طريق الرمحية الحفنة، موقعا للقرية على مساحة 30 مليون متر مربع، لاتساع رقعته المناسبة لتربية الإبل وإقامة منشآت المهرجان، وأيضا لمكانته التاريخية، بوصفه نقطة انطلاق جيوش الملك عبدالعزيز لتوحيد البلاد. كما أُعِدت إدارة المهرجان نطاق العمل للمشروع، بإجراء التصميم العمراني لكامل القرية والتصميم الأولى وهي المرحلة المستعجلة لمتطلبات إقامة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل من قبل الهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض، ونفذت هذه المرحلة تمهيداً لتشغيلها في مهرجان في شهر جمادى الآخرة 1438هـ.
وأُعِد المخطط الشامل لكامل القرية السعودية للإبل، الذي يحدد توزيع الوظائف بناءً على تحليل الموقع، ويشمل تحديد المداخل والطرق وأماكن المرافق والخدمات، والتوسعة المستقبلية والتأثيرات العمرانية على محيط الموقع، كما تم إعداد المخطط العام للمرحلة الأولية، وشملت توزيع المتطلبات الوظيفية والفراغية للمهرجان، والتصميم العمراني التفصيلي لكامل القرية لتشمل كل العناصر والمرافق والطرق والخدمات ومراحل التنفيذ، مراعية طبيعة الموقع المميزة والملاحظات على تجربة مهرجان الملك عبدالعزيز للإبل في العام الماضي وتحديد أولويات التنفيذ، بالإضافة إلى دراسات الجدوى الاقتصادية للمكونات الاستثمارية بالموقع.