البلاد ـــ جدة
وُضعت الاستدامة ضمن أهم جهود رؤية السعودية 2030 منذ إطلاقها. حيث تستهل المملكة العربية السعودية حقبة جديدة بإعلان استهدافها للوصول إلى الحياد الصفري بحلول عام 2060م ويأتي هذا الإعلان في إطار طموحات الرؤية الأوسع نطاقاً لتسريع عملية الانتقال الطاقي، وتحقيق أهداف الاستدامة، وقيادة موجة جديدة من الاستثمارات في هذا المجال.
لطالما كان للمملكة العربية السعودية دور محوري في أسواق الطاقة العالمية، ومساهماً في دفع عجلة النمو الاقتصادي العالمي.
تهدف رؤية السعودية 2030 إلى الارتقاء بمستقبل المملكة العربية السعودية مع التركيز على الاستدامة كمحور أساسي في التخطيط وتأسيس البنية التحتية وتطوير السياسات والاستثمار، حيث تلهم رؤية السعودية 2030 العالم، من خلال تعاملها المسؤول مع التحدّيات العصرية للطاقة والمناخ للمشاركة في الجهود الرامية لبناء مستقبل مستدام.
ومن هذا المنطلق قدمت المملكة مبادرات نوعية تهم المنطقة والعالم، خصوصاً أن العمل لمكافحة التغير المناخي يعزز القدرة التنافسية، ويطلق الملايين من الوظائف، ويطالب اليوم الجيل الصاعد في المملكة، وفي العالم بمستقبل أنظف وأكثر استدامة، ونحن مدينون لهم بتقديم ذلك.
وفي هذا السياق تم إطلاق العديد من مشاريع رؤية 2030، خصوصاً أن رؤية 2030 تدفع بالالتزام الجماعي نحو مواجهة تحديات الطاقة والمناخ الحالية والمستقبلية بصورة ابتكارية وروح من المسؤولية، ففي خلال رئاسة المملكة لمجموعة العشرين في عام 2020م، أقر قادة الدول نهج الاقتصاد الدائري للكربون (CCE)، وهو مفهوم يقوم على نظام “الحلقة المغلقة” التي تحد من انبعاثات الكربون، وتساعد على إعادة استخدامه وتدويره والتخلص منه، حيث يساهم هذا النظام في معالجة التغير المناخي والنهوض بالتنمية المستدامة وتعزيز التنوع الاقتصادي، ومن خلال الحد من الانبعاثات الكربونية والتوسّع في التقنيات المستعملة لاحتجاز الكربون واستخدامه وتخزينه، سيتمكن المجتمع الدّولي من مواصلة النّمو وتحقيق الاستدامة ومواءمة متطلباتها بين كلٍّ من الطاقة والمناخ.
بفضل ما تتمتع به المملكة من إمكانات هائلة من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح للمملكة وبفضل استثماراتها الاستراتيجية في التقنيات المستدامة، تم إطلاق مشاريع مميّزة لتنويع مصادر الطاقة من خلال تحسين مزيج الطاقة في المملكة. كما تلتزم المملكة العربية السعودية بالاستثمار على نحو استراتيجي في التقنيات المستدامة، بحيث تصل نسبة الطاقة المستهلكة من المصادر المتجدّدة إلى 50 % بحلول عام 2030م. وتعد مشاريع الطاقة المتجددة أحد المحركات الرئيسية لتحقيق الاستدامة التي ستساهم في تجنب الانبعاثات الكربونية، وإزاحة الوقود عالي القيمة في توليد الكهرباء.
تعمل أول محطة للطاقة الشمسية الكهروضوئية المتجددة في المملكة والواقعة في سكاكا على توليد 300 ميجاواط من الكهرباء وتعويض انبعاثات الغازات الدفيئة بما يعادل إزالة 120 ألف سيارة من الطريق سَنَوِيّاً. حيث تهدف رؤية السعودية 2030 إلى حماية البيئة الطبيعية في المملكة وتعزيزها، من خلال تبني رؤية شمولية للنظم البيئية الثمينة، كما تعمل على تشجيع الممارسات الزراعية المستدامة في جميع أنحاء المملكة؛ مما يساعد على توفير مواد غذائية محلية آمنة وعالية الجودة للمواطنين والمقيمين، مع الحفاظ على توازن المياه واستعادة التنوع البيولوجي. هذه المنهجيات المستدامة تساهم أيضًا منع تآكل التربة والتصدي لظاهرة التصحر من خلال حماية النباتات المحلية التي توفر الغذاء والمأوى للأحياء البرية.
كما تحتضن المملكة العربية السعودية العديد من الموائل الخاصة والمحميات الطبيعية، كما يشرف المركز الوطني لتنمية الحياة الفطرية على مجموعة مكونة من 15 محميّة موزعة في مختلف مناطق المملكة. يكمن الغرض من تركيز رؤية السعودية 2030 على حماية الحياة البرية والموائل الفريدة في تمتع أجيال المستقبل بالتنوع الطبيعي الغني لهذا الوطن.
أما ساحل البحر الأحمر في المملكة العربية السعودية فهو موطن لبعض الشعاب المرجانية الأكثر مرونة في العالم، لذا تعمل شركة البحر الأحمر للتطوير، بالشراكة مع جامعة الملك عبدالله للعلوم والتقنية “كاوست” على وضع حجر الأساس لبناء وجهة سياحية مستدامة، وقيادة الجهود للحفاظ على المنظومات اﻟﺒﻴﺌﻴﺔ البكر التي تتمتع بالتنوع البيولوجي البحري على هذا الساحل.