لسبب أو لآخر لقد فاتني التعرف على كُتّاب العصر الأيوبي ومنهم ابن الأثير هذا البطل الموصلي الذي عثرت عليه صدفة ودهشت كمن عثر على كنز لفرادة اسلوبه وتميزه، وكان قد أثر عليَّ أيما تأثير وحظى مني بالكثير من التقدير إنه بطل من أبطال الموصل قرأت له المثل السائر وشدتني هذه الأنفة والنزعة النرجسية، لديه فوقيته العلمية جعلته محط اهتمام بالنسبة لي لأنني أعتقد أنه على الإنسان أن يفخر بما له يد في صناعته كثقافته واكتسابه للعلم والمعرفة وأن يزهد في الاحتفاء بما ليس له يد في صنعه، كملامحه وقدر الجمال الذي يمتلكه لأنه صنع رباني خالص لا فضل لنا نحن البشر فيه لذا لم يسقط لدي من عين التقدير التي أنظر له بها على عكس النقاد الذين اعتبروا مادته استنقاصاً للفضلاء واتهموه بالتهكم واحتقار الشعراء فلم يسلم الكبار منهم من تصيّده لأخطائهم مثل المتنبي وابو نواس والبحتري وحتى الحريري صاحب المقامات الذي اكتشفنا في “المثل السائر” محدودية قدراته في الكتابة والذي تحول لأضحوكة في ديوان الخلافة في بغداد.
لقد كشف لنا ابن الاثير في المثل السائر الوجه الآخر لكبار الشخصيات على مر العصور مثل شخصية المتنبي الذي بدا من الواضح أنه لم يكن متفوقاً في النحو للدرجة التي نتخيلها فقد أقدم على أخطاء لاتخفى على أحد حسب تعبير ابن الأثير والقائمة تطول.
لقد استمتعت بمرافقة ابن الأثير ولن أتردد في مواعدته ثانية، تأملوا مدى إعجابه بنفسه في كل مرة يصف كتابه فيها و”الأنا” الطاغية على كل شيء يخصه مثل قوله “إن هذا الكتاب بديع في إغرابه ليس له صاحب في الكتب”.
ويقول: “هذا مما توصلت له وحدي ولم يكن لأحد فيه قول من بعدي”، والمزيد من العبارات التي لا يتسع المكان لذكرها لكنها فريدة وممتعة مع ملاحظة أن هناك أكثر من كاتب يحمل الاسم نفسه لكنه الأكثر نرجسية بينهم.
Amna7mad@