يُعرف القطاع الخيري على أنّه المنظمات التي لا تسعى إلى الربح، ويضم هذا القطاع الجمعيات الخيرية والتعاونية والتطوعية، كما يمكن أن يضم لها المؤسسات الوقفية، والتي يتم تأسيسها بهدف تقديم كافة أشكال الخدمات الثقافة والخيرية والتعليمية والمهنية والعامة دون أي مقابل مادي لهذه الخدمات.
نشأ يتيماً ومحروماً والدي يرحمه الله، وتوفي وكان عمري 5 سنوات، ربتني والدتي -يرحمها الله- وأحسنت تربيتي وكانت حريصة على تعليمي رغم أنها لا تقرأ، نشأتي يتيماً كان لها الأثر في حياتي بصفة عامة.
أول جمعية خيرية تشرفت أن أكون عضواً مؤسساً وعضو مجلس الإدارة هي جمعية مكافحة التدخين بالمملكة العربية السعودية عام 1403هـ بدعوة كريمة من معالي الدكتور غازي بن عبدالرحمن القصيبي -يرحمه الله- وزير الصحة سابقاً، وبعدها منّ عليّ المولى بالعمل في القطاع الخيري منذ ما يقارب الـ30 عاماً، وهي مسيرة طويلة استفدت منها الشيء الكثير، ولا أخفيكم فمن خلال عملي في عدد من الجمعيات الخيرية وأبرزها جمعية خيركم، والتي تشرفت برئاستها منذ العام 1415 هـ، كان التركيز على الكيف والكم، وعلى التطوير والتجديد، والبعد عن البيروقراطية والرتابة في العمل، وقد حققت وزملائي جوائز عالمية ومحلية عديدة من أبرزها جائزة أفضل جمعية تحفيظ قرآن تخدم القرآن الكريم في العالم. وقد حصلت عليها قبل ما يقارب الـ7 أعوام، كما حققت خيركم هذا العام بتوفيق الله ثم بتكاتف وجهود المخلصين والداعمين أكبر عدد للحفاظ والحافظات في تاريخ الحلقات والدور بالمملكة بتخريج 1650 حافظاً وحافظة ولله الحمد والمنة، وهنا أقول لو عاد الزمان لاخترت العمل في القطاع الخيري؛ لأن سعادتي تكمن في سعادة الآخرين، وعلمتني السنوات الماضية أن الطريقة الوحيدة لكسب القلوب أن تعطى للذي تعرفه، والذي لا تعرفه بصرف النظر عن الدين أو اللغة أو اللون لذلك من غرس في قلبه حب الخير للآخرين أثمرت له قلوب الناس وفاء ومحبة.
ربما بطبيعتي البشرية مهما حققت من النجاحات سيكون لديّ حلم المزيد والمزيد من التميز والعطاء في القطاع الخيري.
لأن تكون قائداً ناجحاً في القطاع الخيري لا بُد أن تكون قدوة للآخرين في الاجتهاد والانضباط في أداء العمل، وأن تكون في مقدمة فريق عملك لتفتح لهم الطريق، بينما تسير معهم للوصول للنجاح.
هناك العديد من المصاعب التي تقف في كل مسيرة نجاح، وهذه طبيعة الحياة كما يقال، والعمل الخيري إن سألت العاملين فيه وسبب حبهم له سيكون الرد بصوت واحد: المتعة والسعادة في مساعدة الآخرين، فحينما تكون ممن يساهمون في تحفيظ القرآن لفلذات الأكباد، أو يغيثون المنكوبين، أو يكفلون الأيتام، أو يرعون الفقراء، أو يساهمون في مسيرة ذوي الاحتياجات الخاصة دون مقابل سوى تلك الابتسامة والنجاح الذي تراه في عيون من تقف بجانبهم، صدقني أن ذلك سيكون حافزاً كبيراً يغني عن ملايين الريالات، كيف لا ونحن أمة الوسطية والسماحة والتراحم والتعاون والتكاتف.
حينما تعلو صيحات المعوزين وأصحاب الحاجة، وتستصرخ تأثراً بجراحها المؤلمة تجد منظمات القطاع الخيري في الحال قد سبقت بإجابة الدعوة، وكفكفت دموع المحتاجين ومشاركة الآخرين أحزانهم والوقوف معهم، وهذا العون والغوث الإنساني لا يقابل بالمصالح، ولا يطالب بالشكر، بل هي مبدأ تأسس عليه القطاع الخيري.
لقد كثفت المملكة جهودها، وعملت على إطلاق مجموعة من المبادرات لنشر مفهوم وثقافة التطوع، وذلك لتحقيق رؤية 2030 بوصول عدد المتطوعين إلى مليون متطوع، لذا بات من الضروري زيادة الوعي المجتمعي لدور القطاع الخيري ووضع خطط استباقية للأزمات التي قد تواجه تلك القطاع ونشر ثقافة العمل التطوعي، وغرس مفهومه والتوعية بأهميته في المناهج التعليمية ودوره في التنمية المجتمعية والاقتصادية وأثره في توفير فرص العيش الكريم للأسر ذوي الدخل المحدود، بالإضافة إلى ضرورة تمكين هذه المنظمات في القطاع من استخدام التقنية في تعاملاتها؛ مما يطور أداء عمالها والتفاعل المستمر مع المستفيدين، فضلاً عن أي تهيئة بيئة عمل جاذبة ومحفزة للكوادر البشرية والكفاءات تعتبر من أهم ممكنات القطاع لتطويره ونموه وديمومته.