مونتانا ذكريات حلوة وعتاب مر.
مونتانا اسم حلو بطعم الشوكلاتة والفانيليا وأحيانا الفراولة والكرز.
مونتانا متجر ارتبط بكل ذكرياتي الحلوة اللذيذة التي اعتبرها الأجمل في الطفولة والشباب، في أيام المدرسة وفي الإجازات.
مونتانا الذي كان في البلد بجدة عند موقف حافلة المدرسة حيث أنزل بعد الظهر إلى البيت عائداً من مدرستي الثغر النموذجية حيث كنت أحتفظ بنصف الريال أحياناً، وهو كل مصروفي اليومي للمدرسة لأشتري قطعة الجاتوه التي أحلم بها من أول النهار، والتي التهمها في الطريق إلى البيت.
مونتانا محل الحلويات والمخبوزات في جدة القريب من فندق الحرمين منذ كنت في الابتدائية قبل أكثر من خمسين عاماً، والذي اتسعت فروعه في جدة عندما اتسعت المدينة شمالاً وجنوباً وشرقاً.
المحل الذي يستقبلني فيه المشرف على منتجاته وحلوياته، وأظنه كان إيطاليا أو يونانياً بقبعته البيضاء الطويلة، قبعة الطباخين مرحباً بابتسامته، دون أن يتكلم، يعاونه رجل آخر أغلب الظن أنه من النوبة، وكان اسمه فيما أذكر “عثمان”.
أشعر بالفرح الحقيقي، وانا انقده نصف الريال، وأشير إلى القطعة المفضلة عندي ليضعها لي في منديل ورقي عليه الشعار المحبب لدى “مونتانا” والذي ارتبط عندي بأفخر وألذ ما يمكن أن أضع في فمي من طعام.
حتى تمنيت مرة أني عندما أكبر واستلم راتباً من عملي لن يكون طعامي في وجباتي الثلاث سوى “كيكة الهولنديش”
أو قطع “السويس رول”، أتخيلها تملأ صينينة أمامي والتهمها كل يوم.
وقبل فترة قصيرة لاحظت أن المحلات التي تحمل هذه (العلامة التجارية) التي ارتبطت في أذهان الناس في مدينة جدة تغلق أبوابها، وعلمت بعدها أنها تجدد أماكنها، وعلمت أنها عادت لتباشر عملها، ولكن رأيت -وليتني ما رأيت- فلقد فقدت بما رأيت عزيزاً، وتألمت كثيراً أن رأيت اسماً آخر لا علاقة له بالذكريات والطفولة ولا الشباب.
عتابي المر الذي لا ينتهي
فأنا لا أملك من الأمر شيئاً
ولا أعرف عن الأمر شيئاً
ولكن الأهم عندي أن الطفل الذي كان يستيقظ كلما دخل فرعاً من فروع مونتانا غاب للأبد كأنما مات وماتت معه ذكرياته، وكانت ذكريات حلوة استبدلها بعتاب مر.. مرارة لا تنتهي.