البلاد – الباحة
حافظ أهالي جبلي شدا الأسفل والأعلى بالقطاع التهامي في منطقة الباحة على زراعة البُن المتميز بجودته ومذاقه الطيب ليسجل علامة فارقة عرفت شعبياً بالبن الشدوي في امتداد لعلاقة ابن الأرض مع هذه الشجرة منذ مئات السنين. وللبُن وطرق غرسه والعناية به تفاصيل هي الأصعب بين مختلف الأشجار بصفة عامة، ويصل حجم إنتاجها إلى قرابة 2000 مدّ سَنَوِيّاً.
يقول المزارع صالح بن حلسان الغامدي أن زراعة شجرة البُن تمتد إلى ثلاث سنوات، تبدأ في أواخر فصل الصيف على أن يكون قِطاف ثمرها في بداية صيف السنة الرابعة، لتبدأ مرحلة تجفيف وفرز مكونات ثمرة البُن، ثم تنقل إلى أسطح المنازل لنشره وتجفيفه تحت أشعة الشمس لمدة ثلاثة أيام.
وأشار صالح الغامدي إلى أنه بعد ذلك يُجمع البن، ويُبعد عن أشعة الشمس ليومين داخل البيوت، ثم يُعاد نشره مرة أخرى فوق الأسطح لخمسة أيام، عندها يتحوّل لون حبات البن من الأحمر إلى الأسود، في حين يخف وزنه نتيجة فقدانه الرطوبة والماء جراء التجفيف.
تعقب تلك الخطوة ما يعرف بالجرش، ويشرح المزارع مساعد بن علي الغامدي كيف يستخدم الرحى لإتمام العملية بعد رفع حجر الرحى الأعلى لدرجة معينة ليتناسب مع حجم حبات البن، وهناك من يجرشه بحجارة خاصة أعدت لذلك بعدها يتم فصل القشرة عن الثمرة.
ويصف طريقة سحق البن وفصل القشرة عن اللب بما يُسمى بالصرف ليكون جاهزاً للاستخدام والتسويق حيث تختلف ذائقة المستهلك، فمنهم من يفضلها بالقشر والآخر الصرف الخالص، وبينهما من يجمع بين الخيارين. وعن اختلاف ألوان حبّات ثمرة البُن قبل الحصاد، أوضح المزارع غرم الله الزهراني أنه عندما تُصبح الحبوب جاهزة للحصاد يتحول لونها للأحمر، ومن ثم يتم قطف الثمر من الشجرة، وفرزها وإبعاد البذور غير الناضجة، وتُغمر الحبوب في الماء داخل خزانات، وتنقع لمدة تتراوح ما بين 17 – 36 ساعة حتى تتشرب الماء، بهدف فصل النواة عن اللب، وتمرريها على قوة دفع مياه عالية ليُزال ما تبقى عليها من رواسب، فيما يتراوح سعر المد من 300 إلى 400 ريال، وتتفاوت أسعار شتلة شجرة البُن ما بين الـ100 إلى 200 ريال.
من جانبه بيّن مدير عام فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة بالمنطقة المهندس فهد بن مفتاح الزهراني، أن القهوة العربية ارتبطت بقيم وعادات وتقاليد الشعب السعودي حيث تعد موروثاً ثقافياً أصيلاً يعبّر عن حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
وأكّد أن زراعة البن العربي تشتهر في جنوب المملكة بشكل عام، وفي منطقة الباحة على نحو خاص، حيث يوجد بجبل شدا الأعلى والأسفل وصدر المزاودة ما يتجاوز الـ 200 مزرعة يوجد بها أكثر من 22 ألف شجرة من أجود أنواع البن العربي، مشيراً إلى جهود وزارة البيئة والمياه والزراعة لا ستدامة الزراعة عبر العديد من البرامج والمشاريع منها مبادرة تأهيل المدرجات الزراعية وحصاد مياه الأمطار التي تقدم الدعم العيني للمزارعين من إنشاء ممرات مائية وخزانات لتجميع المياه مختلفة السعة منها ما يبلغ 240،120، 90، 60 طناً، إلى جانب تقديم شبكات الري الحديثة وتنظيف وتعميق الآبار وتغطيتها وتوزيع الشتلات التي بلغت 13500 شتلة, استفاد من المبادرة 122 مزارعاً حتى الآن.
وأضاف أن برنامج ريف الذي يقدم دعماً مادياً غير مسترد لضمان التنمية الريفية الزراعية المستدامة يهدف إلى تحسين القطاع الزراعي الريفي ورفع مستوى معيشة صغار المزارعين وزيادة كفاءة الإنتاج حيث يستهدف 8 قطاعات زراعية، ومنها تطوير وإنتاج وتصنيع وتسويق البن العربي.
وعن الجهود المبذولة في سبيل دعم زارعة البن، قال المهندس الزهراني إن إنشاء أول مدينة لزراعة البن في المملكة بمنطقة الباحة على مساحة إجمالية 1,600,000 متر مربع وبطاقة استيعابية تصل إلى 300 ألف شجرة سترفع من حجم الإنتاج العام للبن العربي إلى 100 %, كما توفر 1000 فرصة وظيفية، وتتضمن مركز أعمال ومركز تدريب وسكناً وضيافة ومعرضاً دائماً بما يحقق عنصر جذب للمنطقة كوجهة سياحية زراعية مميزة.