إعداد – عبدالله صقر (مركز المعلومات)
في الثاني من ديسمبر عام 1964 نشرت البلاد خبرا تحت عنوان (تمهيد الطريق الساحل الغربي) وتحته عنوان آخر “تجهيز فرقة هندسية لهذه المهمة”.. تحدثت فيه البلاد أن تمهيد طريق الساحل الشمالي للمملكة دخل حيز التنفيذ في المرحلة الفعلية، وأضاف الخبر أن فرقة هندسية قد تم تجهيزها بالكامل ومعهم 60 عاملا ومساحاً.. وأول المناطق التي ستباشرها الفرقة العمل فيها الطريق الذي يربط ينبع النخل بينبع البحر، ثم تعود الفرقة أدراجها بعد الانتهاء من هذا الطريق إلى المنطقة الساحلية حيث تكمل بقية الطرق الموصلة إلى تبوك والعلا.
ويتميز الشمالي الغربي من البلاد بطبيعته الجبلية، كما تتوشح قمم الجبال في الشتاء بالوشاح الأبيض؛ نظرا لتساقط الثلوج عليها، ومنها “جبل اللوز” إحدى القمم الجبلية في المملكة، ويقع في شمالها الغربي، ويصل ارتفاعه عن سطح البحر إلى 2600 متر تقريباً، وتعود تسميته بذلك إلى كثرة شجيرات اللوز فيه.
حيا الله المملكة بثروات طبيعية متنوعة تشكل ميزة تنافسية كبيرة يندر أن تتوفر بهذا التنوع في أي بلد في العالم، ومن هذه الثروات الطبيعية قمم الجبال الشاهقة بارتفاعاتها التي تعانق السحاب، واعتدال مناخاتها طوال العام، التي تشكل وجهات سياحية جميلة من شأنها تحقيق قيمة اقتصادية مضافة للاقتصاد الوطني.
تعد الجبال بتشكيلاتها الجيولوجية ضاربة في أعماق التاريخ، حيث صخورها الجميلة الأخاذة بألوانها المتعددة. وقد سبقت المملكة العالم في الاهتمام والعناية بالجبال وإدراك مدى أهميتها كونها تستمد تشريعها من القرآن الكريم، والذي سلط الضوء على الجبال، وعدها -سبحانه- من آياته العظيمة. ويكفي الجبال فخراً أنها المكان الذي اختاره الله لنزول كلامه على رسله الكرام كجبل النور وجبل الطور.
جبل طويق
“أعيش بين شعب جبّار وعظيم.. وهمة السعوديين كجبل طويق لن تنكسر”..
مقولة خالدة لسمو ولي العهد والذي شبه فيه همة الشعب السعودي بهمة جبل طويق.. وكان سمو ولي العهد قد شبه همة السعوديين بجبل طويق الواقع في وسط شبه الجزير العربية، وذلك في ثنايا حديث سموه بمؤتمر “مبادرة مستقبل الاستثمار” والذي عقد في العام 2018 بالعاصمة الرياض قائلاً: “همة السعوديين مثل جبل طويق، لن تنكسر حتى يتساوى مع الأرض”.
فهو الجبل الذي طالما ظل شامخاً لا يعرف الانكسار، ويمثل مصدر إلهام للرؤية السعودية وللسعوديين، فقد أدركت المملكة أهمية الجبال لما تمثله من قيمة اقتصادية مضافة وقوة ناعمة.
وتنافس المملكة المجتمع الدولي في الاهتمام بالجبال ومكانتها الرفيعة على المستويات جميعهن بتنظيم الفعاليات العلمية والاجتماعية لإبراز أهمية التنمية المستدامة للجبال تزامنًا مع يومها العالمي، وتفعيل الأنشطة السياحية، وجذب الشركات الاستثمارية العالمية المهتمة بسياحة الجبال.
إضافة نوعية
في الثالث من مارس الماضي أعلن سمو ولي العهد عن إنشاء “تروجينا” الوجهة العالمية للسياحة الجبلية في نيوم، والذي سيسهم في إعادة تعريف مفهوم السياحة الجبلية العالمية عبر توفير منظومة سياحية صديقة للبيئة في كل أبعادها، تنسجم مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 لتعزيز جودة الحياة، وستشكل “تروجينا” إضافة مهمة ونوعية للمشاريع السياحية في المنطقة انطلاقاً من الاستثمار الأمثل للتنوع الجغرافي والبيئي لمختلف مناطق المملكة وفق رؤى عصرية متقدمة، وبما يسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني والاستفادة من الثروات الطبيعية وتنميتها وحفظها للأجيال القادمة.
ويعد مشروع “تروجينا” ابتكاراً هندسياً فريداً لا مثيل له على الصعيد العالمي بأكمله، تتناغم فيه الطبيعة الساحرة لجبال نيوم مع المواقع السياحية المطورة فيها، لتقدم تجربة جديدة غير مسبوقة في العالم تعكس الأسلوب المستقبلي للمعيشة والعمل والترفيه في نيوم. ويعد التزلج على الجليد في الهواء الطلق إحدى العلامات البارزة في مشروع “تروجينا” على مستوى المنطقة عموما ودول الخليج العربي تحديداً.
السياحة الفلكية
شكلت السياحة الفلكية أو سياحة مراقبة النجوم عنصر جذب لمرتادي الجبال واستحواذ على اهتمام الكثير، وفرصة لإقامة الفعاليات الفلكية والأنشطة التي تواكب مختلف المسارات السياحية، فالمواقع الجبلية تمتاز في حال صفاء السماء من الغيوم والسحب بانعدام التلوث الضوئي ونقاء أجوائها من الغبار مثل جبال الفقرة غربي المدينة المنورة والشفا والهدا في الطائف وجبل “رال” بالقرب من مركز المنجور بالوجه، إضافة إلى المواقع المناسبة للرصد الفلكي في العديد من المدن مثل العلا شمال غرب المملكة، والتي تعد أحد أهم الوجهات السياحية في السعودية، وحائل وتيماء إلى الجنوب الشرقي من مدينة تبوك.
وفي الصيف يقوم العديد من السياح بقطع مسافات طويلة وسط جبال العلا الشامخة، للبحث عن الهدوء، والابتعاد عن زحام المدن، والتلوث الضوئي، لمشاهدة النجوم في السماء الصافية، وأخذ الصور والفيديوهات الاحترافية، من خلال شركات معتمدة ومخصصة لتنظيم الرحلات.