جدة – البلاد
تتسم العلاقات السعودية الإماراتية بالتطور الإستراتيجي ، تنفيذا لتوجيهات القيادة الحكيمة ، خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ، تحقيقا للرؤية المشتركة والمزيد من الارتقاء بالعلاقات الثنائية وتعزيز التعاون في مختلف المجالات تحقيقاً للمصالح الإستراتيجية والوصول إلى آفاق أرحب وأكثر ازدهارًا واستقرارًا للشعبين الشقيقين وشعوب دول مجلس التعاون كافة. ودعمت دولة الإمارات العربية طلب المملكة استضافة معرض إكسبو 2030 في مدينة الرياض، مما يجسد رسوخ الشراكة والتعاون بين البلدين.
عززت المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية ، دعائم العلاقات الإستراتيجية في المجالات والميادين كافة، على أسس ثابتة وراسخة ومستقرة، وتطمحان، كأكبر قوتين اقتصاديتين في المنطقة في الوصول إلى الشراكة الاقتصادية بينهما من أجل خدمة شعبي البلدين الشقيقين والمنطقة، وتجسد مقولة “السعودي إماراتي والإماراتي سعودي” الكثير من الكلمات التي تعبر عن عمق العلاقة بين البلدين، حكومةً وشعباً بما تحتويه من محبة وانسجام وتعاون وتميز على مختلف الصعد.
لذا تعد الشراكة السعودية الإماراتية نموذجًا رائدًا ومتميزًا على المستويين الإقليمي والعالمي في التعاون والتطوير المستمر للعلاقات، وخاصة في الجوانب الاقتصادية والتجارية والاستثمارية، بما يخدم مسيرة الازدهار والتنمية المستدامة التي يشهدها البلدان ، فالمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات أكبر اقتصادين عربيين، ومن خلال هذه الشراكة الإستراتيجية، تسهمان في دفع مسيرة التنمية في المنطقة نحو آفاق جديدة وفق رؤية واضحة يقودها مجلس التنسيق السعودي الإماراتي ويشرف على إطلاق خطط تنموية ومبادرات ومشاريع نوعية لها دور جوهري في توليد ثروة من الفرص التجارية والاستثمارية والتنموية أمام قطاع الأعمال في البلدين وعلى مستوى منطقة الخليج والوطن العربي.
وبتوجيهات من القيادة الحكيمة في البلدين الشقيقين ، يقدم المجلس النموذج الأمثل للتعاون الثنائي بين الدول وتفعيل أواصره، ويدعم في الوقت نفسه العمل ضمن منظومة العمل الخليجي المشترك، ويعمل المجلس على تنسيق العمل على المبادرات المشتركة، والتي تنعكس بشكل مباشر وإيجابي على المزيد من الازدهار في البلدين. فالمجلس يعد أحد أهم الآليات الراسخة لتعظيم المصالح المشتركة . فقبل نحو خمس سنوات وخلال الاجتماع الأول لمجلس التنسيق في جدة ، تم اعتماد “إستراتيجية العزم” كأحد المخرجات الرئيسة لخلوة العزم، وآلية العمل المشتركة التي أنجزت مجموعة من المشاريع النوعية ، ضمن المجالات ذات الأولوية لكلا البلدين، برؤية شاملة تعمل على تحقيق نموذج استثنائي للتكامل والتعاون بين البلدين عبر تنفيذ مشاريع إستراتيجية مشتركة من أجل سعادة ورخاء شعبي البلدين.
إستراتيجية العزم
وترتكز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين على ثلاثة محاور رئيسة: المحور الاقتصادي والمحور البشري والمعرفي والمحور السياسي والأمني والعسكري، إلى جانب 60 مشروعاً مشتركاً من أصل 175 مشروعاً تهدف في مجملها إلى تعزيز التعاون بين البلدين ودعم منظومة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وبما يمهد لمرحلة جديدة من العمل المثمر والبناء بين الطرفين، فيما تستمر اللقاءات والمناقشات بين فرق العمل المشتركة لاستكمال تنفيذ المبادرات، ورفع التوصيات والمخرجات لمجلس التنسيق.
وعلى هامش الاجتماع الأول للمجلس التنسيقي السعودي الإماراتي ، جرى توقيع 20 مذكرة تفاهم بين البلدين ضمن المحاور ذات الأولوية، وذلك لإدخال مشاريع إستراتيجية العزم حيز التنفيذ وتمثل المشاريع مرحلة جديدة في التكامل السعودي الإماراتي، وتضم مبادرة لتحسين تجربة المواطن للخدمات الحكومية في البلدين، وإطلاق برنامج الرفاه السكني، وإطلاق سياسة تمكين القطاع المصرفي، وإنشاء صندوق استثماري للاستثمار في المشاريع المتوسطة والصغيرة بالمشاركة مع القطاع الخاص، وغيرها من المشاريع. ويركز المحور الاقتصادي على مجالات الخدمات و الأسواق المالية والقطاع اللوجستي والبنية التحتية، والإنتاج والصناعة، وأمن الإمدادات، والاتحاد الجمركي والسوق المشتركة، والبيئة والزراعة والمياه، والطاقة المتجددة، والسياحة والتراث الوطني، وريادة الأعمال، والشراكات الخارجية، والتطوير الحكومي والخدمات الحكومية، والإسكان، والشباب، والرياضة، والنفط والغاز والبتروكيماويات.
التجارة والاستثمار
وبلغة الأرقام، بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين الشقيقين أكثر من 72 مليار ريال سعودي. وتتصدّر دولة الإمارات قائمة الدول الخليجية المصدرة إلى المملكة, كما تأتي في مقدمة الدول الخليجية التي تستقبل الصادرات السعودية، وتأتي في مرتبة متقدمة في قائمة الدول العشر الأولى التي تستورد منها المملكة، ما يعكس متانة وتنوّع العلاقات التجارية ونموها بشكل مستمر،و يشمل التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين قطاعات حيوية وإستراتيجية، مثل: الابتكار، والتكنولوجيا،والصناعة، والخدمات واللوجستية، والأمن الغذائي، والسياحة، والتعدين والنفط والغاز الطبيعي، والقطاع العقاري والبناء والتشييد، وتجارة الجملة والتجزئة، والقطاع المالي والتأمين. وتمثل الاستثمارات المشتركة بين المملكة والإمارات أحد العناوين المهمة في منظومة العلاقة الاستراتيجية الهادفة إلى تحقيق المزيد من المصالح المشتركة وبما يسهم في النمو والمزيد من الرخاء والازدهار ، إذ تتجاوز استثمارات المملكة في الإمارات 35 مليار درهم، حيث تعمل في الإمارات حاليًا نحو 2366 شركة سعودية مسجلة لدى وزارة الاقتصاد و66 وكالة تجارية، ويبلغ عدد المشاريع السعودية في الإمارات 206 مشاريع، بينما يصل عدد المشاريع الإماراتية المشتركة في المملكة إلى 114 مشروعًا صناعيًا وخدميًا، برأسمال قدره 15 مليار ريال.
السياحة
تقوم السياحة بين البلدين بدور مهم وحيوي في تعزيز الروابط التجارية والاقتصادية بينهما، وتعد من بين أهم القطاعات الواعدة التي توفر فرص الاستثمار وجذب المزيد من المشاريع المشتركة، لتنويع القاعدة الاقتصادية والتجارية في البلدين، خاصة بعد أن خصصت دولة الإمارات مبالغ مالية ضخمة للسنوات العشر المقبلة، لتطوير هذا القطاع، بعد النجاحات المطردة التي حققتها في جذب شركات السياحة العالمية، لما تتمتع به من مقومات أساسية، تكفل نجاح الصناعة السياحية فيها، وفي مقدمتها الأمن والاستقرار، والموقع الجغرافي الذي يربط بين مختلف قارات العالم، والبنية الأساسية الحديثة والمتطورة من مطارات وموانئ وشبكة طرق ووسائل اتصالات وغيرها من الخدمات الراقية.
التنمية البشرية
وفي المحور البشري والمعرفي ضمن “إستراتيجية العزم” تهدف المشاريع إلى بناء منظومة تعليمية فعالة ومتكاملة قائمة على نقاط القوة التي تتميز بها الدولتان لإعداد أجيال مواطنة ذات كفاءة عالية ويركز على مجالات التعليم العالي والتعاون البحثي، والتعليم العام، والتعليم الفني.
ومن المشاريع في هذا المحور:
– التعاون بين مؤسسات التعليم العالي من خلال وضع خطة مشتركة لتشجيع برامج التوأمة بين الجامعات السعودية والإماراتية لتمكين الطلاب من الاستفادة من المزايا العلمية لدى المؤسسات التعليمية في كلا البلدين.
– إطلاق منظومة التعليم الرقمية والتي تضم ملفاً رقمياً كاملاً لكل متعلم ” أكاديمي وصحي وغيرها ” تمكنه من استشراف مستقبل كل قطاع ووضع توقعات للمسار الأكاديمي والمهني الخاص به بناء على الأنظمة القائمة على الذكاء الاصطناعي.
– تعزيز الابتكار في مجال التعليم التقني بهدف تشجيع الابتكارات التقنية من خلال إيجاد منصة مشتركة تتضمن الابتكارات والإبداعات.