في المدن الكبيرة وما يماثلها من المدن الأخرى المماثلة مقابر قديمة العهد وحديثة الإنشاء، وغيرها من المقابر التي تزخر بها مدن المملكة الشاسعة الواسعة وقراها وهجرها، والتي تحظى بعناية فائقة في حمايتها وصيانتها والعناية بها سواءً من الجهات المعنية في الدولة – أيدها الله، أو من مواطني تلك الجهات، تكريماً – لنزلائها، يرحمهم الله جميعاً ويرحمنا إذا ما صرنا إلى ما صاروا إليه.
في الأسبوع الفارط، كنت في زيارة تفقدية لبعض موروثاتي السكنية والزراعية في محافظة العرضيات، ببلاد بني رزق بالعَرضيّة الجنوبية، وقد سُررت بما شاهدته في المحافظة من نهضة شاملة ومضطردة وتقدم مستمر على كافة الأصعدة وقابلت العديد من مواطني تلك الجهة، ممن لهم نشاط زراعي ملحوظ وخاصة بعد هطول الأمطار الأخيرة التي شملت منطقة الجنوب عامة ومنها محافظة العُرضيات كما شاهدت أثناء طريقي من المخواة جنوباً عملية توسعة وازدواجية الطريق جنوباً، وهو من مشاريع الطرق الهامة التي تحظى بها المنطقة وبتوسعته وازدواجية، يسهل السير فيه وتقل خطورته.
ومن الأعمال الخيرية التي حظيت بها مقابر بني رزق بالعُرضيّة الجنوبية والمتمثلة في قيام بعض الأهالي بحفر وبناء قبور جديدة بمواصفات عالية الجودة على الطريقة الشرعية (لحود) بمقبرة قرية (الحَفنه) وما حولها من القرى والهجر وتجهيزها للموتى.
فجزى الله من قام ويقوم بمثل هذا العمل الخيري خير الجزاء، فالعناية بالمقابر ونزلائها من حيث الصيانة والتسوير والحماية وحفر القبور الجديدة وفق الأصول الفنية، وتجهيزها لاستقبال الموتى وشمولها بأماكن (للغسيل) من أفضل القربات إلى الله، لذا نرى كثيراً من فاعلي الخير يسارعون في تخصيص بعض ممتلكاتهم كمقابر نموذجية، تتوفر في معظمها وسائل الخدمة اللازمة في شؤون الموتى (كالغسيل وما في حكمه).
خاتمة: أذكر أنني كنت ذات مرة في الحرم المكي الشريف، استمع لإحدى حلقات الذكر، وكانت عن (المقابر) وفضل تسويرها وتعهدها بالحماية والخدمة والصيانة وحفر القبور الجديدة فيها، وتجهيزها لاستقبال الموتى، والأفضال العديدة والعظيمة عند الله لمن يقوم عليها سواءً من الدولة أو من فاعلي الخير من المواطنين؟
إن كل من تكتنزهم هذه المقابر، كانوا معنا، وسبقونا إليها تبعاً لأجالهم ونحن لا محالة (لاحقون) بهم طالت بنا الأعمار أم قصرت، والبقاء لوارث الأرض ومن عليها.
فهلا ذكرتنا هذه المقابر بالآخرة؟ وبما يقربنا إلى الله زلفى وقبل فوات الأوان؟ فالرحيل قريب، والآجال أقرب؟!
(وكل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام).
نبض الختام:
ألا كل شيء ما خلا الله باطل ** وكل نعيم لا محالة زائل
وبالله التوفيق،،
Ali.kodran7007@gmail.com