لا حظنا مؤخراً عزوف الكثير من الشابات والشباب عن الزواج لأسباب متعددة منها: غلاء المهور، الأمور المادية، الاستقلالية في الحياة، الخوف على المستقبل المهني وتأثره بالزواج، المفاهيم الخاطئة عن الزواج التقليدي، التوفيق بين العمل والمسؤولية الشخصية في الحياة الزوجية، عدم تحمل المسؤولية أثناء حياة العزوبية.
تعقدت بعض الشابات من الحياة الزوجية في منزل والديها وتخشى تكرار ذات التجربة، أما الشاب فقد استمع وشاهد تبدل حال صديقه قبل الزواج وبعده فيما يراه هو للأسوأ! إضافة الى مشاهدة عدد من اصدقائه الذين سبقوه في التجربة وقد انتهى بهم المطاف الى الطلاق.
المشكلة الان في تعميم الخبرات السابقة وتقمص الأدوار فمعلوم منذ الأزل أن مفهوم الزواج والأسرة يختلف اختلافا جذريا بين الأسر باختلاف المكان والزمان والعادات والتقاليد، وأكبر دليل على ذلك بان مشاكل كل زوجين مختلفة عن الاخرين حتى بين الأقرباء من نفس العائلة، فكل زوجين يشكلون حياتهما بنفسيهما أو هذا المفترض على الأقل! كانت المشاكل قديما تتطور بسبب تدخل عائلة الزوج أو الزوجة، ولكن الان مع تطور الشخصيات واستقلاليتها تقلصت هذه الإشكالية بشكل كبير ولم تنتهي بشكل تام.
نواجه مؤخراً مشكلة مؤثرة جدا وهي العلاقة المادية بين الزوجين! يطالب الزوج بالمشاركة الفعلية في المسؤوليات المادية بالذات مع الزوجة العاملة! وبرأيي أن الزوجة بطبيعتها لا تمانع ذلك بشرط الاطمئنان التام للزوج ومخارج مصروفاته، لأنها لن تقبل المشاركة معه وهو يصرف أمواله على أمور شخصية متعلقة به خارج منزل الزوجية ولا تعود على العائلة بالنفع! ولحل هذه الإشكالية نحتاج إلى التفاهم والعقلانية وتفضيل المصلحة العامة للأسرة والعمل بمبدأ المشاركة والاشتراكية بين الزوجين، بالذات في حال طلب قروض بنكية أو استثمار الأموال في شراء أصول أو منقولات لتعود بالنفع على جميع الأطراف كل بحسب نسبته المباشرة أو غير المباشرة المقدمة في هذا الاستثمار.
اعيب على البعض ممن يتدخل تدخلا سافرا في حياة الزوجين ويملي عليهما ما يجب وما لا يجب برغم عدم علمه بمواطن الخلل الحقيقية، لأن من غير الممكن ان تكون المصارحة كاملة بسبب الاحراج الطبيعي في طرح جميع الإشكاليات بمنتهى الصدق والوضوح بين الزوجين، وعليه يجب عدم طرح الحلول الجازمة بينهما والاكتفاء بطرح نقاط القوة ومحاولة سد الخلل والثغرات الموجودة بين الزوجين في نقاط الضعف، إلا في حالات معينة يكون الطلاق هو الحل الأمثل كما قال تعالى: (امساك بمعروف أو تسريح بإحسان).
أخيراً من الضروري ان نعلم ان الزواج مشروع يجب العمل على تنميته وتطويره والمحافظة على استمراريته بكل قوة وفهم، وأن على قدر الصبر والتحمل والتفهم ستأتي النتائج الجميلة بإذن الله.
محامية
NUJOODQASSIM@