سأل المذيع صديقي .. عن الأغنية التي يود أن يستمع إليها .. فاختار أغنية يا مسهرني للسيدة أم كلثوم .. وسأله المذيع لمن تريد إهداءها .. وسادت فترة صمت وقال: أهديها لوالدتي الحبيبة .. وهنا أطلق المذيع زفرة طويلة وأنهى المقابلة.
وبحكم علاقتي بصديقي .. كنت أعلم من المقصود بالإهداء .. لقد كان غارقا في حب رومانسي مع مخطوبته والتي تزوجها وعاشا في تبات ونبات.
لقد وقع صديقي في فخ التناقض بين من يحب ونوع الإهداء وطريقة التعبير عنه .. حيث أن الحب أنواع وألوان متعددة .. يأتي في رأس القائمة الحب الرومنسي وحب الوالدين والوطن والأبناء وحب الأصدقاء والزملاء في العمل وحب الزمان والمكان الخ .. ولكل نوع من هذا الحب هورماناته وتفاعلاته الكيميائية وطريقة التعبير عنه.
وتشير الأبحاث العلمية الى أن هورمونات السعادة التي يفرزها الدماغ عندما ننجذب الى شخص ما هي : دوبامين و سيروتينين وأوكسيتوسين .. فتجعل مشاعرنا الإيجابية مندفعة بقوة نحو شخص معين .. ولكل هورمون صفاته ووظائفه وآلياته في التعامل مع مشاعرنا.
وتجدر الإشارة الى أن قدماء اليونانيين يقسمون الحب الى 8 انواع .. ولكن منذ عهد اليونانيين والى اليوم إستجدت أمورا كثيرة بتأثير العلوم والمعرفة الشديد على القيم والمفاهيم والعادات والتقاليد والأحوال الإقتصادية وضغوط الحياة .. وعلى رأسها تطور التكنولوجيا والروبوتات الشبيهة بالإنسان بجنسيه .. ومحفزات العلاقات الرومنسية والأجهزة والأدوات الطبية التي تقيس الانفعالات والمشاعر والأحاسيس الإنسانية.
وهذا بالضرورة يعني أنه ستطرأ ممارسات جديدة في الحب وقيمه وممارساته الرومنسية .. لها جوانب أخلاقية وايدلوجية تغذي عقولنا ومشاعرنا وعواطفنا ووجداننا ولها تأثير شديد على علاقاتنا الرومنسية .. من حيث الكيفية التي نتعامل بها مع الروبوتات المتطورة في المشاعر والاحاسيس وتقع في حب البشر وبالعكس .. وليس ذلك ببعيد.
وأخيرا .. نشاهد اليوم مؤشرات شديدة الأهمية عن تغير مفهوم الحب ومفرداته وسلوكياته وأخلاقياته عند الأفراد .. والتي تغيرت منذ زمن قيس وليلى وأصبح بعضها اليوم أكثر عنفا وشراسة .. أرجو أن لا تنتقل هذه العدوى الى الروبوتات الشبيهة بالإنسان .. فهذا إختيارنا نحن البشر.