الدمام – حمود الزهراني
تقدمت المملكة بشكل ملفت في كافة المجالات، بفضل اهتمامها بالإنسان وتنمية العقول البشرية لتحقيق النهضة التنموية الشاملة وجعل المملكة تنافس أفضل الدول، إذ أكد خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين -حفظهما الله- في أكثر من مناسبة أن المواطن هو أعظم ما تملكه المملكة وأن الاستثمار فيه وتنمية قدراته هو هدف رئيسي من أهداف رؤية 2030، لذلك جاء الاهتمام بتوفير التعليم بجميع مراحله وتقديم كافة أشكال الدعم للمدارس والجامعات والمراكز البحثية والمكتبات، والتركيز على تطوير التعليم العام والجامعي، وتوجيه الجامعات بالحرص على جودة المخرجات والعمل على تحقيق مراكز تصنيف متقدمة وتطوير منظومة البحث والابتكار على مستوى المملكة، فضلا عن توجيه الابتعاث في تخصصات نوعية وحصره على الجامعات العالمية المرموقة ذات التصنيف المتقدم.
أمضت المملكة سنوات طويلة من الجهد الخلاق لبناء العقل السعودي، حرصا على الاستثمار في بناء المواطن، باعتباره ثروة من ثروات المملكة، فتنمية العقول القادرة على الإبداع والابتكار، أصبحت هدفاً أساسياً لإتاحة الفرصة أمام شباب الوطن للمشاركة في بناء وطن مثالي تتعدى طموحاته كل سقف، لذلك ظهر النبوغ العلمي والإبداع المعرفي، والذكاء الشبابي بعد تأهيل وتدريب وابتعاث في أفضل الجامعات العالمية، وتوفير معينات التميز في الجامعات السعودية التي خرجت كوادر يشار إليها بالبنان لتساهم في نهضة الوطن وتحقيق مستهدفات رؤية 2030، وفي هذا الإطار أطلق سمو ولي العهد في وقت سابق استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث التي تمثل مرحلة جديدة للابتعاث تسهم في تعزيز تنافسية المواطنين من خلال رفع كفاءة رأس المال البشري في القطاعات الجديدة والواعدة، ويأتي إطلاق هذه الاستراتيجية للبرنامج استكمالاً لجهود المملكة العربية السعودية في تنمية القدرات البشرية ساعية بذلك إلى تحقيق مستهدفات الرؤية.
ثلاث ركائز
وعملت لجنة برنامج تنمية القدرات البشرية على تطوير استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بالتعاون مع عدد من الجهات ذات العلاقة متمثلة في عدة مسارات تم تصميمها بما يتواءم مع أولويات رؤية المملكة 2030م وبرامجها التنفيذية واحتياجات سوق العمل المتجددة والمتسارعة. وتشتمل استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث على ثلاث ركائز استراتيجية تمثلت الركيزة الأولى في التركيز على التوعية والإعداد للمبتعثين لتسليط الضوء على أهمية تأهيل المبتعثين للبدء بالتخطيط المبكر لرحلتهم العلمية والعملية في الجامعات الدولية حسب المجالات المختلفة، أما الركيزة الثانية التي تُعنى بتطوير مسارات وبرامج الابتعاث وتهدف إلى تعزيز تنافسية المملكة محلياً ودولياً من خلال الابتعاث للمسارات التي يتطلبها سوق العمل المحلي والعالمي في أفضل المؤسسات التعليمية حسب التصنيفات العالمية، وتأتي الركيزة الثالثة متمثلة في المتابعة والرعاية اللاحقة للمبتعثين من خلال الإرشاد وتطوير الخدمات المقدمة لهم من أجل التعزيز من جاهزيتهم للانخراط في سوق العمل أو المؤسسات البحثية داخل وخارج المملكة العربية السعودية.
تلبية الاحتياجات
تأتي استراتيجية برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بأربعة مسارات، لكل مسار من هذه المسارات مستهدفات واضحة ومحددة يعمل على تحقيقها، حيث يستهدف مسار (الرواد) ابتعاث الطلاب إلى أفضل 30 مؤسسة تعليمية في العالم حسب تصنيفات الجامعات المعتمدة عالمياً في جميع التخصصات مما يسهم في تمكين المبتعثين السعوديين من التميز والمنافسة عالمياً في جميع المجالات، بينما يركز مسار (البحث والتطوير) الذي يُعد أحد أهم المسارات الرافدة لتمكين منظومة البحث والابتكار على ابتعاث طلاب الدراسات العُليا إلى أفضل المعاهد والجامعات حول العالم محققاً بذلك التأهيل والتمكين لتخريج عُلماء المستقبل، كما يعمل مسار (إمداد) على تلبية احتياجات سوق العمل في تخصصات محددة يتم تحديثها بشكل دوري من خلال الابتعاث إلى أفضل 200 جامعة لضمان تزويد سوق العمل بالكفاءات المطلوبة. وآخر هذه المسارات هو مسار (واعد) الذي يهدف إلى ابتعاث الطلاب في القطاعات والمجالات الواعدة حسب المتطلبات الوطنية للمشاريع الكبرى والقطاعات الواعدة، من خلال تدريب الطلاب المبتعثين في أفضل البرامج والأكاديميات العالمية لتزويد القطاعات بالقدرات البشرية المؤهلة عالمياً في القطاعات الواعدة مثل قطاع الصناعة وقطاع السياحة وغيرها من القطاعات.
ويأتي إطلاق هذه الاستراتيجية استمراراً لجهود المملكة العربية السعودية لرفع جاهزية المواطنين للاستعداد للمستقبل وتعزيز منافستهم عالمياً، وسيكون التقديم على برنامج خادم الحرمين الشريفين للابتعاث بمساراته الواعدة من خلال منصة سفير التابعة لوزارة التعليم.
مواهب وقدرات
في ظل الاهتمام الكبير بالطلاب من مختلف الفئات، ظل الطلاب يحققون جوائز عالمية في الأولمبيادات الدولية خلال العام الحالي 2022، إذ حصلت المملكة من خلال مشاركاتها المتنوعة على عشرات الميداليات الذهبية والفضية والبرونزية وشهادات تقدير بعد رحلة إعداد وتأهيل لطلاب مؤسسة الملك عبدالعزيز ورجاله للموهبة والإبداع “موهبة”، الذين تلقوا آلاف الساعات التدريبية على يد نخبة من المدربين العالميين. وأشادت الأمين العام المكلف لـ”موهبة” الدكتورة آمال الهزاع، بالدعم غير المحدود الذي توليه القيادة يحفظها الله لدعم مسيرة العلم والتميز في المملكة، وتوفير أفضل سبل التعليم والمعرفة والثقافة، من خلال دعمهم الكريم للإبداع والتفوق الطلابي، إضافةً إلى دور الشراكة الفاعلة بين موهبة وشركائها من المؤسسات الوطنية الرائدة، مؤكدة أن المملكة تزخر بالعديد من المواهب والقدرات الشبابية التي تتميز بالموهبة والإبداع، وعمق التفكير، وتوسع آفاق المعرفة والبحث.
تطور علمي
من جهته، قال عضو هيئة التدريس في كلية الجبيل الصناعية الدكتور صالح بن سعيد الزهراني، إن التطور العلمي ونجاح المملكة في المشاريع الرقمية فخر لكل سعودي وسعودية، مضيفا: “هذا التطور ينعكس إيجاباً في كل مناحي الحياة في المملكة. ولو نظرنا إلى النجاحات العلمية نجد أن خلفها اهتمام الدولة -أيدها الله- بالعنصر البشري المؤهل وفي مقدمتهم الشباب الذين أثبتوا وجودهم من خلال شغفهم واهتمامهم ومثابرتهم في كافة المجالات في ضوء رؤية المملكة 2030 وطموح صانعها وعرابها سمو ولي العهد. وهذا بدوره أدى إلى حصول الشباب على جوائز محلية وإقليمية ودولية، وكل ذلك قاد المملكة لتكون أهم عضو في مجموعة العشرين G20، وكذلك ارتفاع مؤشرات الأداء في شتى المجالات، مما جعلها تتنافس على مراكز متقدمة مع دول العالم”.