جدة – البلاد
بنجاحات ووثبات نوعية، تشهد المملكة حراكا ثقافيا طموحا في كافة مجالات الإبداع وتأصيل المعاصرة، في منظومة متكاملة من خلال المشروع الوطني للنهوض بالقطاع الثقافي السعودي، واستراتيجيات هادفة تحت مظلة رؤية المملكة 2030، والذي تقوم عليه وزارة الثقافة في أكثر من اتجاه، في مناخ رحب لبناء العقل والاستثمار في الصناعات الإبداعية، بدعم وإشراف مستمر من سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان.
واقع الثقافة السعودية في هذا العهد الزاهر، مرصع بإنجازات مضيئة وطموحات ممتدة، تعظيما للدور الثقافي بكافة قطاعاته وفنونه الإبداعية، كقوة ناعمة تدرك اليوم أهمية رسالتها محليا وتأثرها عالميا.
هذه الحقيقة أكد عليها نائب وزير الثقافة حامد بن محمد فايز في جلسة حوارية بعنوان «التحوّلات الثقافية والفنية» ضمن جلسات النسخة السادسة من مبادرة مستقبل الاستثمار، وذلك بمشاركة كل من المدير العام السابق لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة «يونسكو» إيريناجورجيفا بوكوفا، والرئيس التنفيذي لدار «سوثبي» للمزادات الفنية وتشارلز ستيورات، وتناولت الجلسة الآفاق المستقبلية للصناعات الثقافية والفنية، وأهمية الاستثمار فيها لخلق عالم إنساني أفضل، يحتفي بالتنوع والمواهب والإبداع. لقد أكد نائب الوزير على استمرارية تحويل وتطوير القطاع الثقافي السعودي من أجل جعله قطاعاً ديناميكياً ومتفاعلاً مع التوجهات الحديثة في الحياة المعاصرة، مع احتفاظه بأصالة الهوية السعودية.
استراتيجيات مثمرة
وبلغة الأرقام ، أشار نائب الوزير إلى أن وزارة الثقافة أطلقت بالفعل إستراتيجيات الهيئات الثقافية الإحدى عشرة والتي ستعمل على خلق أكثر من مائة ألف وظيفة في القطاع الثقافي بحلول عام 2030، إلى جانب تطوير الفرص الاقتصادية والمساهمة بحوالي 23 مليار دولار أو 3% من الناتج المحلي الإجمالي وإطلاق أكثر من 500 مبادرة ثقافية.
كما تعمل المنظومة الثقافية السعودية التي تشرف عليها الوزارة ، على زيادة وتيرة وحجم التمويل والاستثمار عبر جميع القطاعات الفرعية، «فعلى سبيل المثال؛ يرعى صندوق التنمية الثقافي نظاماً يشجع الاستثمار ويعزز الاستدامة ويعيد التأكيد على دور الثقافة كمحرك للنمو، وذلك بأكثر من 180 مليون ريال من المنح التي قدمها خلال عام 2022م تحت مظلةٍ إستراتيجيةٍ داعمةٍ للقطاع الخاص ستؤمّن 2.5 مليار ريال من الاستثمار الخاص في الثقافة بحلول عام 2030».
وأضاف: قمنا في هذا العام أيضاً بزيادة الفرص لدعم وتمكين الإبداع، عبر تقديم المنح والدعم المادي، والإقامات الفنية والأدبية، ومُسرّعات الأعمال، والحاضنات، والمنح الدراسية التعليمية في جميع القطاعات الثقافية، وقد نتج عن ذلك ارتفاع عدد المؤسسات الفاعلة في الإنتاج الثقافي بالمملكة إلى 36 ألف مؤسسة».
ومن أبرز المؤشرات التي تناولها الأستاذ فايز ، بشأن التوجه التنموي الذي تسير عليه المنظومة الثقافية السعودية ببُعديه المحلي والدولي ، – تسجيل أكثر من 2700 موقع تاريخي في السجل الوطني للتراث العمراني، ومشاركة مصممي الأزياء السعوديين في عروض في نيويورك وميلانو ضمن مبادرة «100 براند سعودي» ، واستقبال معرض الرياض الدولي للكتاب أكثر من مليون زائر واستضاف أكثر من ألف دار نشر عربية وعالمية من 32 دولة.
جودة الحياة
جودة الحياة هدف مهم يبدأ في حقيقته من المعطيات الثقافية والإبداعية ودور المجتمع في ذلك، وهذه الحقيقة أشار إليها نائب الوزير بكل الدقة بقوله «إن إيماننا بأهمية الثقافة يتجلى في الأهداف الإستراتيجية لوزارة الثقافة التي تتمحور حول قدرة الثقافة على تحسين جودة حياة المجتمع عندما تكون نمطاً وسلوكاً مجتمعياً، كما أنها تقود لازدهار اقتصادي وتعزز من إمكانية خلق الفرص للمواهب، إلى جانب دورها في الربط بين الناس وبناء حوار عالمي مؤثر ومثمر، مستشهداً بدراسة حديثة من جامعة بنسلفانيا عن «الثقافة والرفاهية الاجتماعية في مدينة نيويورك» خلصت إلى أن حضور الثقافة في الحياة المجتمعية يُسهم في تحسين الصحة، ويرفع نتائج التعليم ، ويقلل من معدل الجريمة ويعزز الوعي. المثال على ذلك أشار إليه نائب وزير الثقافة، وهو مبادرة «عام القهوة السعودية» حيث قال: احتفلنا هذا العام بالقهوة السعودية التي تعدُّ رمزاً وطنياً لثقافتنا وكرم ضيافتنا، وذلك عبر برنامج مجتمعي شامل مدته 12 شهراً تم تصميمه لزيادة الوعي وخلق الفرص في الصناعات المرتبطة بهذا العنصر الثقافي المهم، ونتيجة لذلك، أصبح مجتمعنا أكثر وعياً بزراعة القهوة السعودية وإعدادها وتقديمها وكيف تختلف نكهاتها ومذاقاتها في جميع أنحاء البلاد، وفرص الوظائف سواء في الإنتاج والزراعة، أو في الضيافة، وفي المجالات الأكاديمية والبحث والتطوير.
منصة «أبدع»
وفي إطار تعزيز مستهدفات المشروع الثقافي الوطني، سبق أن أطلقت وزارة الثقافة، المرحلة الثانية من خدمات منصة «أبدع» الإلكترونية التي تمكن الراغبين من إصدار تراخيص المنشآت التدريبية في المجالات الثقافية والفنية، وتقدم المنصة في بالتعاون مع المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني، تراخيص للمراكز التدريبية التي تقدم دورات تدريبية ، تعقبها في مرحلةٍ لاحقة تراخيص للمعاهد التدريبية ومعاهد التدريب العالي التي تسمح بتقديم برامج تدريبية لأكثر من 4 أسابيع تنتهي بمؤهلٍ أكاديمي كالدبلوم والدبلوم العالي.
كما سبق أن كشفت الندوة الحوارية التي تداولت تقرير الحالة الثقافية في السعودية لعام 2021 “الثقافة في الفضاء العام”، ضمن البرنامج الثقافي لمعرض الرياض الدولي للكتاب 2022، أن المملكة احتضنت نحو 300 متحف، ونشرت 9 آلاف كتاب، والرائع في ذلك ، أن كتب تطوير الذات جاءت في مقدّة الإصدارات التي حظيت بعناية القرّاء، مما يعكس تفاعل المجتمع مع ثقافة بناء الذات والقدرات ضمن الحراك النشط في تعظيم رسالة الثقافة السعودية محليا وعالميا.