إن الهيئة العامة للإحصاء ” Gastat” تشير في أحد تقاريرها الإحصائية إلى أن الشباب السعودي للفئة العمرية ” 15 إلى 34″ عاماً يمثلون 36.7 % من إجمالي السكان السعوديين، وهو ما يؤكد أن المجتمع السعودي مجتمع شاب، ولا غرو فإن رؤية 2030 الطموحة تراهن على دور الشباب الواعد باعتبارهم أهم وأكبر الفئات الأساسية فيها.
إن الشباب بعانون جراء بحثهم وحصولهم على وظيفة في ظل عدم وجود البوصلة التي توجههم لأماكن العمل المناسبة أو تتيح لهم التدريب المطلوب الذي يسهل لهم عملية الحصول على الوظيفة سواء كانت في القطاع العام أو الخاص، وبرغم مناشدة المعنيين للشركات الكبرى بتوفير وظائف للشباب السعودي وبرغم القرارات الجريئة التي تتخذها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لتوطين الوظائف، فما زال هنالك خلل في ظل وجود وظائف مع وجود بطالة في أوساط الشباب.
الوطن في حاجة إلى تفكير وطني في موضوع توظيف الشباب، فالمسؤولون والمواطنون مطالبون بتطبيق عصف ذهني في هذا الجانب لاستنباط الأفكار والحلول الناجعة لهذه المشكلة، وليس ببعيد عنا تجربة العصف الذهني الإماراتي الذي أطلقه صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم في العام 2013م الذي دعا فيه لمشاركة الإماراتيين في أكبر عصف ذهني بالعالم عبر “تويتر” لتطوير قطاعي الصحة والتعليم، فضلاً عن تجربة برنامج الضمان الشبابي الذي طبقه الاتحاد الأوروبي عام 2014، وفي المملكة فهنالك تجارب مؤسسة “مسك” التي أسسها سيدي سمو ولي العهد رئيس مجلس الوزراء للتشجيع على التعلم وتنمية المهارات القيادية للشباب والأخذ بيدهم وتوفير الوسائل المختلفة لرعاية المواهب والطاقات الإبداعية وتمكينها وغيرها من أهداف.
وبجانب العصف الذهني لإيجاد حلول لتوظيف الشباب، فهنالك عدة مقترحات عاجلة مثل تنظيم حملات توعوية منظمة لتغيير نظرة الشباب إلى العمل والدونية لديهم لبعض المهن، وتوجيه الشباب للوظائف المتاحة في منشآت القطاع الخاص عبر الأجهزة المعنية وتحقيق الهدف الأسمى من السعودة بعيداً عن الالتفاف والاحتيال وأن تضطلع المنشآت بالتعاون مع الجهات المعنية بتأهيل وتدريب الشباب وتوظيفهم برواتب ومكافآت مجزية تضمن استمرارهم في العمل، ودعم المنشآت المتوسطة والصغيرة بما يتيح لها توظيف الشباب والتوسع في إقامة المعاهد الخدمية التي توظف وتوجه قدرات الشباب المتسرب عن التعليم العام ومراجعة المناهج الدراسية والتدريبية لتتسق مخرجاتها مع سوق العمل مع التركيز على الجانب التطبيقي في تلك المخرجات.
بقيت لي رسالة معنونة إلى أرباب المنشآت والشركات، بأن لا يضنوا على شبابهم ومجتمعهم إذ عليهم مسؤولية اجتماعية وطنية تتمثل في المبادرة بتوظيف الشباب في منشآتهم، وإلى شبابنا بأن يستصحبوا العلم والتدريب وعدم التقليل من أية وظيفة طالما كانت شريفة وتخليهم عن قاعدة العيب الاجتماعي والنظرة الدونية لبعض الوظائف.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@
