متابعات

40 مليار ريال يضيعها “النهم”.. ومؤسسة الحبوب: تنويع الطعام يوقف الهدر الغذائي

الرياض ـ البلاد

يمثل الهدر الغذائي هاجسا لما له من آثار وخيمة على المستوى الاقتصادي والصحي والاجتماعي والبيئي، ويؤدي إلى خسارة وهدر في الموارد التي تمثل جزءاً لا يتجزأ من عملية إنتاج الغذاء، وما يسببه ذلك من انخفاض في العائد الاقتصادي من الأعمال الزراعية والصناعية، وفي نفس الوقت يزيد من انعدام الأمن الغذائي بالبلدان ذات الموارد المحدودة والتي تكافح لتحمّل تكاليف استيراد السلع لتلبية الاحتياجات الأساسية من الغذاء، وفي هذا الإطار كشفت الهيئة العامة للغذاء والدواء أن نسبة الهدر الغذائي ارتفعت في المملكة إلى 19%، أي ما يعادل 40.480 مليار ريال، موضحة بمناسبة يوم الأغذية العالمي، أن أكثر الأطعمة المهدرة بالمملكة هي الأرز الذي يعد وجبة رئيسة، مشددة على أهمية اتباع الأساليب الصحيحة لوقف الهدر الغذائي من خلال التوعية وحفظ النعمة.

وأطلقت المؤسسة العامة للحبوب، ممثلة بالبرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء حملة توعوية موسعة تحت شعار «لحظة هدر»، انطلاقاً من دورها في رفع الوعي بأهمية التنويع الغذائي والتأكيد على أهميــته، وتعزيز الممارسات السليمة للاستهلاك والتحفيز على تبني الحلول التي تسهم في الحد من الهدر الغذائي، حيث شهدت الحملة التوعوية التي أطلقتها مؤسسة الحبوب شهدت تفاعلا كبيرا من أفراد المجتمع وكذلك الجهات الحكومية والقطاع الخاص والجمعيات وذلك في إطار المسؤولية المجتمعية المشتركة، والتي تنبع من منظور ديني ومجتمعي ووطني، مؤكدة أن الحملة ستتواصل ‏حتى نهاية الشهر القادم، فيما برامج التوعية مستمرة من خلال الحساب الرسمي للبرنامج الوطني للحد من الفقد والهدر في الغذاء بالمملكة (لتدوم Flw_saudia@) على مدار العام لإيضاح خطورة الفقد والهدر الغذائي على كافة مناحي الحياة، مشيرة إلى أن توقيت الحملة يتوافق مع اليوم العالمي للتوعية بالفقد والهدر في الغذاء، والذي يمثل مناسبة دولية لتبني الاستخدام الفعال للموارد الطبيعية.

تكثيف جهود
تكثفت الجهات ذات الصلة، من بينها هيئة الغذاء والدواء مجهوداتها التوعوية تفاعلاً مع احتفاء منظومة دول العالم باليوم العالمي للغذاء الذي يواكب 16 أكتوبر من كل عام؛ حيث يتم الاحتفاء بهذا اليوم على نِطاق واسع مِن قبل العديد من المنظمات المعنية بالأمن الغذائي، وهو اليوم الذي أعلنته منظمة الأغذية والزراعة “الفاو” التابعة لمنظمة الأمم المتحدة ليوافق تاريخ التأسيس الرسمي لها في عام 1945م، إذ يعتبر اليوم العالمي للهدر الغذائي من أكثر الأيام العالمية تفاعلاً ونشاطًا، مقارنة بمجمل فعاليات الأمم المتحدة؛ باعتبار الغذاء جوهر الحياة والأساس الذي تقوم عليه ثقافة المجتمع، فيما تشارك الهيئة بجملة من المحاضرات وورش العمل التي يقدمها مجموعة من المختصين لتسليط الضوء على دورها وجهودها في مجال الغذاء، إلى جانب إطلاق مبادرات الغذاء الصحي في تعزيز الصحة العامة، وبرامج الرصد الوطنية التي تنفذها “الهيئة” والجهات ذات العلاقة المتعلقة بسلامة المنتجات الغذائية، واللوائح والأنظمة التي تسهم في الحد من الهدر والإسراف الغذائي.

تشريعات تغذوية
وتسهم هيئة الغذاء والدواء في حماية المجتمع عبر وضع تشريعات تغذوية تسهّل من اختيار القرار المناسب فيما يخص خيارات المستهلك الغذائية، إضافة إلى امتلاكها منظومة رقابية فعّالة تضمن سلامة الغذاء وتمكّن المستهلك من اختيار منتجات أكثر صحية عبر تقديم معلومات توعوية غذائية تستند إلى أسس علمية؛ ومن أبرزها مواضيع تتعلق بالدهون المتحولة، والسكر، والحد من الهدر الغذائي، والبيانات التغذوية، والسعرات الحرارية، والبطاقة الغذائية، والملح، والتعامل الآمن مع اللحوم، والأسطح الملامسة للغذاء وغيرها من التشريعات التي تتعلق بسلامة الأغذية. وشاركت الهيئة ممثلة في القطاع الجنوبي في الاحتفال الذي نظمه فرع وزارة البيئة والمياه والزراعة في منطقة جازان بيوم الأغذية العالمي المُقام بالكورنيش الشمالي في جازان، إذ قدم الركن التوعوي إجابات عن استفسارات الزوار المتعلقة بمجال عمل الهيئة التشريعي والرقابي فيما يخص الغذاء وسلامته بالمملكة، إضافة إلى توزيع النشرات التوعوية، حيث تسهم “الهيئة العامة للغذاء والدواء” في حماية المجتمع عبر وضع تشريعات تسهم في سلامة الأغذية، إضافة إلى امتلاكها منظومة رقابية فعّالة تضمن سلامة الغذاء وتمكّن المستهلك من اختيار منتجات غذائية صحية وفعالة، بالإضافة إلى قيام الهيئة بالعديد من الحملات والمبادرات لضمان سلامة الأغذية. وبين الركن التوعوي للزوار أهمية الإسهام في الحفاظ على الغذاء والحد من الهدر الغذائي وكيفية التسوق الذكي وفق الاحتياجات اليومية والطرق الصحيحة والسليمة لحفظ فائض الطعام والاستفادة منه.

نهم الطعام
من جهتها، أكدت مدينة الملك سعود الطبية، أن اضطراب “نهم الطعام” يقود إلى الهدر، موضحة أنه اضطراب قهري يتضمن نوبات متكررة من الشره وتناول كميات كبيرة من الطعام خلال فترة قصيرة، ويُعد اضطرابًا شائعًا وحادًّا قد يهدد حياة المصاب؛ حيث إنه لا يملك السيطرة على نفسه أثناء هذه النوبات، ويرافقه شعور بالذنب. وقالت الأخصائي نفسي أول ندى العيسى إنه يتم تشخيص اضطراب نهم الطعام عادة في سن المراهقة وأوائل العشرينيات؛ إلا أنه يمكن الإصابة به في أي عمر، مشيرة إلى إمكانية تصنيف اضطراب نهم الطعام حسب حدوثه، إلى اضطراب طفيف وتحدث فيه نوبات نهم الطعام مرة إلى ثلاث مرات أسبوعيًّا، واضطراب متوسط تتكرر فيه هذه النوبات ثمانية إلى ثلاثة عشر مرة، واضطراب حاد يصل فيه عدد نوبات النهم إلى أكثر من أربعة عشر مرة أسبوعيًّا.

ولفتت إلى أنه لا يوجد حتى الآن أسباب معروفة لاضطراب نهم الطعام إلا أن هناك بعض العوامل التي تزيد من احتمالية إصابة الشخص بهذا الاضطراب؛ وهي الفرق بين الجنسين حيث إن اضطراب نهم الطعام أكثر شيوعًا لدى الإناث من الذكور، مفيدة بأن التاريخ العائلي قد يكون من أسباب الإصابة باضطراب نهم الطعام؛ لافتة إلى أن الأعراض تشتمل على تناول كميات كبيرة وغير طبيعية من الطعام في فترات زمنية قصيرة وغير معتادة، والشعور بفقدان السيطرة على الذات وعدم القدرة على التحكم في كمية الطعام التي يتم تناولها، والتخطيط لممارسة نهم الطعام بشراء كميات كبيرة من الأطعمة، وعدم التوقف عن تناول الطعام حتى عند الشبع والامتلاء، كذلك الشعور بالذنب والخجل من الذات بسبب كمية الطعام التي يتم تناولها، وضعف الثقة بالنفس، وصعوبة التركيز. إلى ذلك، وجهت مدينة الملك سعود الطبية نصائح مهمة للحد من الغذاء المهدر يوميًا، موضحة بعض العادات البسيطة التي تحد من الغذاء المهدر يوميًا والتي تتمثل في التأكد من تاريخ الصلاحية على عبوات الأغذية، توفير الموارد الغذائية بقدر الحاجة، التبرع بالأغذية الزائدة عن الحاجة قبل فسادها.

 

16 مليون طن مواد غذائية ناولتها موانئ المملكة

مقابل الهدر الغذائي الكبير، ناولت الموانئ السعودية أكثر من 16 مليون طن من المواد الغذائية منذ بداية شهر يناير حتى نهاية الربع الثالث لعام 2022م، مما أسهم في استقرار سلاسل الإمداد وضمان وفرة السلع وتدفقها إلى الأسواق، وذلك بالتزامن مع مشاركة المملكة في الاحتفال بيوم الغذاء العالمي، حيث سجلت الموانئ تفريغ 3,060,281 رأس ماشية في المدة بين يناير وسبتمبر لعام 2022م، بزيادة 3.43% عن المدة المماثلة في عام 2021م التي حققت 2,958,919 رأس ماشية.

وتشارك “موانئ” في تعزيز منظومة الأمن الغذائي بتسهيل إجراءات الاستيراد والتصدير وتوفير مستودعات التخزين في الموانئ السعودية وفق أحدث المواصفات العالمية، وأتمتة الإجراءات لتحقيق المعدل العالمي المُستغرق لدخول الشحنات، وذلك في إطار مبادرة الموانئ الذكية التي تستهدف تسريع العمليات وتحسين تجربة العميل باستخدام أحدث الوسائل المدعومة بتقنيات الجيل الخامس.

ويأتي ذلك نتيجة للمبادرات التي أطلقتها الهيئة العامة للموانئ “موانئ” لتعزيز كفاءة الأداء التشغيلي بالموانئ السعودية وترسيخ تنافسيتها، إضافة إلى تطوير البيئة التنظيمية والتشريعية بإعادة هندسة الإجراءات وتعزيز الشراكات الفاعلة مع القطاع الخاص؛ تماشياً مع مستهدفات الإستراتيجية الوطنية للنقل والخدمات اللوجستية لإحداث تحولٍ نوعي يُرسخ مكانة المملكة بصفتها مركزًا لوجستيًا عالميًا ومحور ربط بين القارات الثلاث.

وأسهمت “موانئ” بعدد 17 مبادرة أُطلِقت ضمن الإجراءات التي اتخذتها المملكة لمواجهة تأثيرات الجائحة العالمية، بدعم المستفيدين من خدمات النقل البحري وتعزيز حركة الاستيراد والتصدير، مما يضمن الحفاظ على المخزون السلعي واستقرار السوق المحلية، الأمر الذي أسهم في تحقيق أرقامٍ قياسية في إجمالي الأطنان المناولة بالموانئ السعودية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *