إن الإرهاب هو ظاهرة عالمية وليس حكراً على دولة معينة وقد طال معظم دول العالم من جاكرتا إلى داكار ومن أوسلو إلى مدينة الكاب بل وكل قارات العالم الأخرى، كما أنه ليس مقصوراً على دين بعينه حيث طال كل الأديان السماوية من إسلام ومسيحية ويهودية وكل المعتقدات الأخرى إذ هو ظاهرة تتخطى تداعياتها الحدود والأديان والثقافات، وهو وليد أفكار ومعتقدات وسلوكيات مغلوطة يتبناها البعض لتنفيذ مخططات إجرامية معادية للدول أو عمليات شخصية انتقامية تطال الأبرياء.
ومحاربة ظاهرة الإرهاب لا تقتصر فقط على الجانب الأمني الذي قام ويقوم بأدوار كبيرة وحاسمة في هذا الشأن، فهناك الجانب الفكري الذي يهتم بمكافحة التطرف والغلو ونشر ثقافة الاعتدال والتسامح والتعايش مع الآخر في محيط الأسرة والمجتمع، فالذين اعتنقوا الفكر الضال هم فئة تم غسل عقولها عبر أساليب شيطانية خبيثة غررت بهم وأغوتهم ليشوهوا صورة الإسلام الوسطية السمحة ويدمغوا بها العنف والسحل والقتل والذبح، وخير مثال فإن الفظائع الوحشية التي قام بها تنظيم “داعش” ضد الأبرياء في شمال العراق بحق الأقلية الأيزيدية من قتل وسحل للرجال وسبي للنساء قد خلفت صورة شائهة لدى الآخرين عن الإسلام الدين العظيم نتيجة لفكر منحرف برر إبادتهم باعتبارهم كفرة وعبدة شيطان.
إن المملكة من أوائل الدول التي اتخذت خطوات جادة لمكافحة هذه الآفة على مختلف الأصعدة المحلية والدولية وقامت بأدوار مرموقة لتوضيح الإسلام المعتدل وتقبله للآخر، وهي مهتمة بالأساس الفكري للمجتمع ضماناً لتفعيل رؤية 2030 وتحقيق أهدافها وطموحات المملكة في ظل وجود مجتمع محصن واثق من ذاته ينتهج الحوار والتواصل مع الآخر ويستهدي بالإسلام الوسطي المعتدل وفقاً لما أكده عراب الرؤية ولي العهد رئيس مجلس الوزراء: ( رؤيتنا لبلادنا التي نريدها، دولة قوية مزدهرة تتسع للجميع، دستورها الإسلام، ومنهجها الوسطية، تتقبل الآخر …).
وعلى الصعيد الدولي فقد شاركت المملكة في كافة الفعاليات المتصلة بمكافحة الإرهاب وتجريم الأعمال الإرهابية، ولها عدة مبادرات عالمية منها على سبيل المثال لا الحصر إسهامها في طرح مبادرة تأسيس مركز الأمم المتحدة لمكافحة الإرهاب ودعمه بجانب مساندة ودعم مكتب الأمم المتحدة لتحالف الحضارات وتبادلها المعلومات المتصلة بالإرهاب مع الكثير من الدول والمنظمات كما أن المملكة مؤسس لمركز استهداف تمويل الإرهاب وعضو في التحالف الدولي لمحاربة “داعش” وعضو مؤسس في المنتدى العالمي لمكافحة الإرهاب ومؤسس لتحالف إسلامي عسكري لمكافحة الإرهاب وغيره.
وأخلص إلى أهمية تكاتف الجميع في سبيل تحصين المجتمع من آفة الإرهاب بدءاً من الأسرة والمدرسة والمسجد والإعلام لخلق مناخ فكري صحي لأفراد المجتمع عبر نشر ثقافة الاعتدال وترسيخها كأنجع ترياق ضد الإرهاب من أجل حاضر مزدهر ومستقبل زاهر زاهٍ للوطن الغالي.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@