متابعات

«تيك توك» خطر داهم على المجتمع

جدة – البلاد

مخاطر كبيرة تنطوي على متابعة محتوى “تيك توك” لمختلف فئات المجتمع، بينما يكون التأثير السلبي أكبر على الأطفال والمراهقين الذين لم يستوعبوا حقيقة المشاهد التي يتابعونها على مدار ساعات اليوم، فمنها المخادع والمسيء والخادش للحياء، وأخرى تسهدف القرصنة على بيانات المستخدميين، خصوصاً المحتوية على محتوى غير خاضع للمراقبة، ما يقود الشباب للإدمان والتوتر والاكتئاب،

إذ يرى خبراء اجتماعيون ونفسيون أن منصة “تيك توك” أصبحت وباءً اجتماعيا وتلوثا سمعيا وبصريا مليء بمزيج من التمثيل والاصطناع ليأتي لسلب ذات الأطفال والمراهقين والكبار على حد سواء، بدرجة تدعو للوقوف عندها لمنع تأثير هذه الظاهرة على الأبناء، وهو ما دفع المملكة لحذف ما يقارب ثلاثة ملايين مقطع فيديو على “تيك توك” خلال العام الجاري، بحسب تقرير أظهرته الشركة نفسها في وقت سابق، مبينة أن أسباب الحذف تمثلت في المشاهد الخادشة والتنمر على الأطفال والتحرش وسوء السلوك والعنف، وانتهاك سلامة القاصرين، وغيرها من الفيديوهات المسيئة، في تأكيد على أن السعودية تسعى للحفاظ على سلامة المجتمع.

ويستخدم 22 مليون سعودي من جميع الأعمار منصة “تيك توك”، وفقاً لتقارير صدرت مطلع العام الجاري، بينما لا تتوانى المملكة في ضبط المحتوى الرقمي، لحماية النشء والشباب وحفاظا على القيم العربية والإسلامية الأصيلة، دون حرمان الشباب من مواكبة التقنيات الحديثة، إذ طالبت هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وهيئة الاتصالات في السعودية، في يوليو الماضي منصة “يوتيوب”، بإزالة الإعلانات المخالفة، التي تتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية، وذلك بعد تزايد الشكاوى من ظهور إعلانات لها طابع مسيء على “يوتيوب”، إذ أفادت الهيئتان -حينها- أنه لوحظ قيام منصة يوتيوب بعرض إعلانات موجهة لمستخدميها داخل المملكة تضمّن بثّها محتوى يتعارض مع القيم والمبادئ الإسلامية والمجتمعية ومخالفاً لضوابط المحتوى الإعلامي. وطلبت هيئة الإعلام المرئي والمسموع، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات من المنصة إزالة تلك الإعلانات والالتزام بالأنظمة، ما يؤكد متابعة الجهات المعنية في المملكة جميع المنصاب من بينها “تيك تيك” للحد من المقاطع ذات المحتوى المسيء للقيم والأخلاق، وحماية المجتمع من خطرها وتأثيرها السلبي.


رقاية واعية
حذر العديد من المختصين اجتماعيا ونفسيا من خطورة إدمان المقاطع المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي عموما “والتيك توك” بشكل خاص، فقد أكد المستشار الاجتماعي فهد القحطاني، من خطورة تطبيق هذا التطبيق على شخصية الأطفال ونشأتهم، منوها إلى وقوع حالات طلاق ومشاكل عائلية، فضلاً عن الجرائم الأمنية نتيجة التحديات والمقالب والسلوكيات الخاطئة المنتشرة في التطبيق، التي تسبب خطرا على المجتمع. وقال القحطاني في حديث تلفزيوني سابق، إن تطبيق “تيك توك” يؤثر في شخصية الأطفال؛ إذ يقوم بعزل الأبناء عن محيط أسرهم التربوي والنفسي وهم يشاهدون محتوى مسيئًا بقالب مثير وجاذب، يتعارض مع الثوابت والقيم والتقاليد والعادات. وأضاف: “رأينا حالات طلاق ومشاكل أسرية وجرائم أمنية بسبب ذلك”، داعيا الأُسر والآباء إلى اختيار البرامج المفيدة والمناسبة للأبناء، مع الرقابة الواعية وليست التجسسية، التي تساهم في زرع القيم والثوابت. فيما أكدت دراسة علمية أعدتها جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، أن “تيك توك” يشكل خطرا كبيرا على المجتمع حيث تتنامي عبره الممارسات السيئة بنشر مواد غير أخلاقية، إذ بينت ورقة تحليل السياسات الأمنية التي أعدها مركز البحوث الأمنية بالجامعة أن التطبيق انتشر في أكثر من 150 دولة، ويدعم أكثر من 75 لغة، بينما عدد مستخدميه يقارب مليار مستخدم نشط شهريًّا، وهناك 167 مليون مشاهدة في الدقيقـة الواحـدة لما يُنشر عليه. وفي منطقة الشرق الأوسط تشير الأرقام إلى أنه مع بداية عام 2022م؛ هناك حوالي 22.37 مليون مستخدم للتطبيق في المملكة، وما يقرب من 20.28 مليون مستخدم في مصر، وحوالي 6.72 مليون مستخدم في الإمارات، في حين بلغ عدد مستخدميه في المغرب 5.97 مليون مستخدم. وأوصت الجامعة بأهمية التنسيق مع الشركات المالكة لتطبيقات التواصل الاجتماعي؛ لوضع مدونة الممارسات العربية بشأن المعلومات المضللة، والمحتوى المتطرف وغير الأخلاقي المتداوَل عبر هذه التطبيقات، منها تطبيق “تيك توك”.

تعامل بحذر
وكشف جامعة نايف أن الدول العربية حتى الآن تعاملت مع تطبيق “تيك توك” بحذر، ولم توجه أية دولة اتهامات للشركة المالكة للتطبيق، وكل ما تم تداوله على المستويات الرسمية، مجرد تحذيرات مرتبطة بالاستخدام غير المعياري للتطبيق، وأغلبها مرتبطة بالفيديوهات غير الأخلاقية، أو تلك التي تمس قيم المجتمعات العربية، مبينة أن بعض المؤسسات الأمنية العربية تعاملت مع بعض المشاهير باتهامات ارتبطت بالترويج لمحتوى مسيء، ودارت مجمل الانتقادات حول أخلاقيات المنصة وأهدافها وآثارها الأمنية والاجتماعية والثقافية.

وذكرت أن هناك العديد من التحديات الأمنية العالمية للتطبيق منها اتهام التطبيق بالإفراط في جمع واستخراج البيانات الخاصة بالمستخدمين وإخضاعها لعمليات التحليل الموسعة، بما في ذلك النسخ غير الضروري للبيانات من الهواتف، وجمع المعلومات التي يمكن استخدامها لتحديد موقع المستخدم وتتبعه، كما تعرض التطبيق لادعاءات استضافة محتوى ضار أخلاقيًا، ويستغل بشكل غير قانوني وعادل محتوى المستخدمين والأعمال المحمية بحقوق الطبع والنشر، دون عائد مالي على المبدعين، ولأصحاب حقوق الملكية الفكرية، وكذلك ارتكاب جرائم الخداع والتحايل الإلكتروني، إضافة إلى استخدام بعض الأفراد للتطبيق لممارسة التنمر ضد الآخرين والتحرش بهم أو ممارسة أشكال من العنف والابتزاز، واستخدامه وسيلة لبث الشائعات، خاصة تلك التي من شأنها تهديد الأمن الوطني.

تدابير تنظيمة
وأوصت جامعة نايف العربية بعدد من التوصيات لمواجهة مخاطر التطبيق، من بينها أهمية التنسيق مع الشركات المالكة لتطبيقات التواصل الاجتماعي، لوضع مدونة الممارسات العربية بشأن المعلومات المضللة والمحتوى المتطرف وغير الأخلاقي المتداول عبر هذه التطبيقات، ومنها تطبيق “تيك توك”، على أن يكون الغرض من المدونة، تحديد الإجراءات التي يمكن أن تُتخذ لمواجهة التحديات الأمنية، والترويج لخطابات الكراهية والعنف، وتكون الأهداف العامة للمدونة واضحة، وتستهدف تضمين سياسات صارمة تعمل على منع هذه الممارسات، أو بث خطابات تحض على التطرف والعنف، كما تتضمن قواعد لتحسين عمليات التدقيق في مواضيع الإعلانات لتقليل عائدات صُناع المحتوى غير الأخلاقي والمضلل، وتنفيذ وتعزيز سياسات ولوائح مقبولة ضد هذه الجرائم، مع حث المؤسسات الحكومية المعنية؛ للأخذ بسياسات التدابير التنظيمية، التي تشير إلى القوانين واللوائح العامة، وأطر التنظيم الذاتي، فيما يتصل بضبط وتنظيم عمل تطبيقات التواصل الاجتماعي.
بينما نصح خبراء اجتماعيون بأهمية التوعية بالمدارس والجامعات للحد من أضرار “تيك توك، كالمدارس او الجامعات، وعمل حلقات نقاشية للتعريف بالمخاطر، فضلا عن مراقبة الأطفال بالمنازل للتأكد ما إذا كانت محتويات التطبيق تتناسب مع أعمارهم أم لا، مع التحكم في محتويات الفيديوهات عبر إعدادات التطبيق، وأخيرا تنظيم وقت استخدام التطبيق للحد من حدوث أضطرابات الإدمان، الاكتئاب أو العزلة الاجتماعية وغيرها الكثير من الأمراض النفسية المصاحبة.

 

عقوبات مغلظة على ناشرى المقاطع المسيئة

تقابل المملكة نشر مقاطع الفيديو المسيئة على منصة “التيك توك” أو “سناب شات” أو في غيرها من مواقع التواصل الاجتماعي، بعقوبات مشددة تصل إلى السجن لمدة 5 سنوات وغرامة مالية تصل إلى 3 ملايين ريال، بالإضافة إلى مصادرة وإلغاء الحساب بشكل نهائي، كما ينشر هذا الحكم في الجريدة الرسمية بعد الإذن من الجهة القضائية، وفي حال كان مرتكب الجريمة مُقيمًا وليس سعوديًّا، يتم ترحيله عن أراضي المملكة ولا يسمح له بالعودة مرة أخرى. ‫

وفي حال وجود اتفاق بين شخصين في بث على “تيك توك”، تتم معاقبة الطرف الآخر المشارك إذا ثبت اتفاقه واشتراكه مع صاحب الحساب، وقد تصل عقوبة السجن بموجب النظام إلى سنتين ونصف، وقد تتجاوز ذلك، إضافة لغرامة مالية مليون ونصف، وأعلى من ذلك، وإن كان أجنبيا يتم ترحيله عن أراضي المملكة، بحسب المحامي عطية العنزي، الذي ذكر عبر برنامج صباح السعودية أن عقوبة الإعلانات المسيئة على مواقع التواصل الاجتماعي بحجب الموقع والحساب عن التداول في السعودية، وإلغاء ترخيص هذه المنصة إلى الأبد، وقد تصل الغرامة المالية إلى مبلغ 10 ملايين ريال، وفي حال تكرار المخالفة مرة أخرى قد يضاعف هذا المبلغ، موضحا أن حرية التعبير مكفولة للجميع بموجب النظام الأساسي للحكم، وذلك بما لا يخالف الشرع والنظام.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *