اجتماعية مقالات الكتاب

وللفكر أيضا .. أعراض انسحابية

إن صلابة الفطرة البشرية وسلامة مظاهرها الإنسانية واستقلال ثوابت قيمها في الجماعات ومفاخر نجاح الحوار مع الآخر المختلف، تؤدي بالكراهية الى الانزواء وتقحط منابع التحريض وتتفجر مكائن التشكيك ومصانع هلوسة الخيالات منتجة يأسًا وأساليب مخاصمات ضحلة وواهنة؛ فتيبس أغصانها الخبيثة شيئًا فشيئًا ويستحوذ العطاء الإنساني الأفكار ويزهرها بالحياة، ويرتفع مؤشر قيم تضامن الجماعة ودفاعها عن تماسكها ومكونها الجوهري (التعايش والتنمية) والذي بهما تجنح خلايا الظلال وتخفت تلك الأصوات الناشزة أصوات القتل والتدمير والتجويع والتفقير والتفريق والتصنيف…لا يبقى إلا أولئك المتأثرين أصحاب المزاج الخصامي ضد كل ما له دور في تنمية ونهضة الأوطان دون أدنى فكرة عن ماهية الحياة وأبجديات عيشها، إذ أن غالب خطابات الكراهية تحرص على استقطاب تلك الأمزجة العدوانية الساذجة دون وعي منها لأنها أمزجة لم يدربها أصحابها على التيقظ والملاحظة وتكاد تكون بريدًا لكل ما يحفز تثبيط البناء برؤى وبأحكام مسبقة حول أي خطوة نماء.

فنجد هؤلاء يتدافعون دفعًا عند كل خطوة استثمار إنساني يجلب الخير للبشرية سواء كان استثماراً مادياً أو معنوياً فنرى تداول عبارات إقصاء لكل ما هو مختلف (كافر، زنديق، فاسق، مبتدع، ضال، تغريبي، منغلق، رجعي…) حيث تأثير خطاب الكراهية خالط أذهانهم وامتزجت ألوان قتامته بصورة الحياة في نظرهم، فيعتقد أنه يحسن صنيعًا بينما هو في الحقيقة يخوض معركة خاسرة مع نفسه ومن يختلف عنه ومع الإنسانية.

لذا كان من الضروري والمهم للغاية أن نعي أن تأثير خطابات الكراهية ومهندسي أطرها في الطور الأخير من استغلال الأمزجة المتعصبة بجهل وحماسة في ظل استمرار مبادرات الوعي في المجتمع وتنبيه العقول ورفع وعيها لمحاولات اختطافها من محيطها الإنساني وسلخهم من فطرتهم والكشف المستمر لطرقهم المتغيرة والمتحورة وسمسرتهم المتطرفة … لا يبقى إلا أن نشاهد قطرات من الأعراض الانسحابية في مرحلتها الأخيرة وهي تخرج من بين أفكار المجتمع واغتسال العقول من كل شوائب الانحراف الإنساني وببوصلة توجه الشعوب لكل ما يثري تنميتها ونموها وسبل عيشها بسلام واستقرار.

samahosaimi@gmail.com‏

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *