بقلم: د. خالد الخضري
لأننا في عصر المعرفة، بل في عصر تصدير المعرفة، وهو ما تعمل الدولة ـ أيدها الله ـ على تحقيقه في المملكة العربية السعودية مع أبنائها، كونها دولة شابة، وتستهدف أن يحقق الشباب الآمال العراض التي وضعتها الدولة في رؤيتها المباركة 2030 سعينا جادين لتحقيق التميز.
هذا ما استمعنا إليه أثناء لقائنا بمعالي الفريق سليمان بن عبدالله العمرو أنا ومجموعة من زميلاتي وزملائي الكتاب، ضمن فريق عمل المبدعين السعوديين، وقد كان لقاءً مختلفاً، حيث تكونت لدينا صورة ذهنية مغايرة تماماً عما كان في أذهاننا عن رجال الدفاع المدني، التي كانت صورة وتصور تقليدي في بادئ الأمر، مثلنا مثل كل مواطن ينظر إلى الصورة من الخارج، دون أن يتوغل في العمق، وهنا يكمن السر، عندما تتعرف وتطلع عن قرب على الجهود العظيمة والإمكانيات الجبارة التي توفرها الدولة لهذا القطاع الحيوي وغيره من القطاعات الاستراتيجية الهامة.
إذن هو بحق، السر ـ يكمن ـ “بكل بساطة” في القيادات التي يتم اختيارها بعناية من قبل قادة هذه البلاد رعاهم الله الذين يحرصون على أن يتسنم زمام العمل في رأس الهرم شخصيات تميزت بالخبرة والدراية والكفاءة، وكذلك الشهادات العليا التي ترفد تلك الخبرات، وهي ذاتها الصفات التي كانت تنطبق على معالي الفريق سليمان بن عبدالله العمرو الذي تميز بالخبرة التراكمية التي جاءت من خلال تنقلاته في مهام عمل مختلفة في نفس القطاع على مدى 50 عاماً.
قابلتنا مفاجآت عدة أثناء زياراتنا لمواقع مختلفة من قطاعات الدفاع المدني، كانت المفاجأة الأبرز عندما قمنا بزيارة مركز البحث والإنقاذ الدولي الذي قام معاليه بإنشائه خلال فترة عمله التي انتهت مؤخراً، فإين كانت المفاجأة ـ غير المتوقعة ـ أن هذا المركز هو مركز دولي يقوم بمهمة الإنقاذ الدولية لدول تعرضت لكوارث وقامت بالاستعانة بالمملكة العربية السعودية للقيام بعمليات الإنقاذ، وهي الدول التي بينها وبين المملكة اتفاقيات في هذا الشأن، وقد قام هذا المركز المجهز تجهيزاً عالياً بعمليات إنقاذ فعلية في عدد من الدول كان من أبرزها: الدعم والإسناد الخارجي لدولة باكستان (سيول وفيضانات).
بالإضافة إلى المهام العملاقة التي قام بها فريق البحث والإنقاذ السعودي في الداخل وهي كثيرة جداً على رأسها: حادثة سقوط رافعات الحرم، وانهيار مبنى جامعة القصيم، ومشاركة فريق الإنقاذ في انهيار مبنى جامعة المعرفة بالرياض، وفي عمليات انقاذ في عدد من مناطق المملكة، وعمليات الحج بشكل سنوي.
وهذا المركز مر بعدة اختبارات، وهو يخضع لاختبارات دورية كل 4 سنوات، من قبل منظمات دولية، التي تعطي رخصاً دولية في هذا الجانب، ليصبح من المراكز النموذجية على مستوى العالم.
ليس هذا فحسب، بل إن معالي الفريق كان له العديد من المساهمات في بناء مشاريع الأتمتة في هذا الجهاز الهام، ليصبح التحكم الآلي حاضراً في تنفيذ العديد من العمليات المهمة، باستخدام أنظمة تحكم متعددة لتشغيل أي آلة لإتمام عملية معينة، بهدف زيادة دقة وجودة الأنظمة، بالإضافة إلى زيادة الإنتاجية، وهذه الخطوات الهامة تأتي متوافقة مع التحول الحكومي لنحقق منجز الحكومة الإلكترونية، وقد أصبحنا الأوائل عالمياً في هذا الصدد، بعد أن نجحت العديد من قطاعات الدولة في هذا الجانب، متماشية مع رؤية المملكة 2030
وكذلك إعادة هيكلة المديرية العامة للدفاع المدني، وإعادة تأهيلها لتصبح منافساً عالمياً من حيث كونها خدمة أمنية تستهدف حماية المواطن والمقيم، وحماية الوطن عموماً، هناك جهود جبارة يقوم بها هذا القطاع، فهو شريك في كافة العمليات الأمنية التي تتم.
ولعل مشاركة المديرية في ملتقى المحاسبين الذي عقد في الرياض أكد أن الدفاع المدني قطع مراحل متقدمة في حوكمة الحسابات، إلى جانب الجهود العظيمة التي تميزت بها وزارات عدة على رأسها وزارة الداخلية وزارة الصحة وقد حققت المديرية العامة للدفاع المدني كل ذلك في وقت قياسي لتدخل ضمن منظمة الحكومة الإلكترونية التي سعت الدولة ـ أيدها الله ـ إلى تحقيقها في كافة القطاعات وفي وقت قصير.
إن العمل الدؤوب هو ما كان يتميز به الفريق سليمان العمرو، حيث كان انتشار فرق الدفاع المدني في خدمة الوطن والإنسان المقيم على هذه الأرض الطيبة، هدفاً مهماً، وكان التدريب على رأس العمل للعاملين استراتيجية أساسية، حيث يوجد 13 فرقة تدريب لهذا الغرض، إلى جانب المهام التي يقوم بها معهد تدريب الدفاع المدني في تخريج دفعات من العاملين الجدد في هذا القطاع الهام.
وكان ضمن الأهداف رفع مؤشرات الأداء التي كانت تخضع لمعايير دقيقة لتحقيقها، وتجهيزات رجل الدفاع المدني بالملابس، والمعدات اللازمة أمر أساسي ومهم، كان مما يقلق معاليه جداً إذا حدث خلل في هذا الجانب وذلك كله من أجل حماية رجل الدفاع المدني.
من يعرف معالي الفريق العمرو جيداً يدرك أنه ليس من السهل على مثله أن يترجل، وهو الذي خدم في قطاع الدفاع المدني قرابة الخميس عاماً، كإداري ناجح، خلوق ونبيل، يشهد له الجميع بدماثته وطيب معدنه، وهو يودع موقعه في المديرية العامة للدفاع المدني بصفته مديراً عاماً له، وبعد استكمال مدته النظامية يتقاعد الآن، بعد مشوار حافل من العطاء، متمنين له دوام التوفيق والسداد في مستقبل أيامه، وأن يطيل الله في عمره، ويمده بالصحة والعافية.