حرصت جامعاتنا السعودية، على تطبيق أفضل معايير الجودة المحلية، بما يُواكب الأنظمة الأكاديمية الدولية، وغني عن التعريف أن هذه المعايير، عكست أعلى المستويات التي قدَّمت إنجازات طبية متتالية، لما يزيد عن أربعة عقود زمنية، مما جعل المتابع لتلك البدايات، من قبل ومن بعد! بتسجيل أرقام متنامية، أثمرت عن إنجازات تُؤكد جدية كليات الطب، باعتماد القبول بنسب مئوية، تتجاوز نسبة الــ (95 %)، ويُؤخذ الأعلى مُعَدَّلاً، ويُحسب هذا لعمادات القبول والتسجيل، بجميع الجامعات والسياسة التعليمية، التي تتبعها الجامعات الحكومية، ومن الأمانة القول: إن الجامعات الخاصة التي زادت أعدادها في الآونة الأخيرة، وساهمت بتغذية المستشفيات الحكومية والخاصة، ووجدوا الدَّعم المعنوي والمادي، بحسب تخصص هذه الكوادر الطبية، ولم تتم هذه الإنجازات، إلاَّ بتوحيد نظام القبول المُوَحَّد، الذي تعمل بموجبه وتشرف عليه وتتابعه وزارة التعليم.
لكنني أتساءل كغيري من خلال حزم من التساؤلات، لاسيما من قبل جيل من الأطباء والطبيبات، يمثلون الرعيل الأول، ممن خدموا رسالة الطب الإنسانية، وأدوا القسم الطبي السعودي عند التخرج ونصه: (أقسم بالله العظيم، أن أكون مخلصاً لديني وبلادي ومليكي، وأن أراقب الله في ممارسة مهنتي، مُسخِّراً علمي، لصون حياة الناس، دونما تفريق بينهم، مُحافظاً على أعراضهم، ساتراً لعوراتهم، وكاتماً لأسرارهم، وأن أجتهد في طلب العلم، مُوقراً مَنْ عَلَّمَنِي، ومُعَلِّماً مَنْ يَصْغرني، والله على ما أقول شهيد). تعمَّدت أن استشهد بهذا القسم، لأنه يمثل وثيقة تاريخية لأجيال سابقة ولاحقة، تأخذ طريقها لنرى تلك الإيجابيات، وأن وُجدا عدا ذلك بنسب لا شأن لها بالأخطاء الطبية المُتَعَمَّدة، مقارنة بالغير، وليتنا نُدرك أخطاء (الغير)، خارج حدود الوطن، والأمثلة ليس المجال هنا لذكرها.
وببراءة السؤال آنفاً، الذي يُلامس حاجتنا بالمملكة، بدعم من خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده، اللذين جعلا من صحة المواطن، ضمن أسمى أهداف القيادة السياسية، إنْ لم يكن في ُمقدِّمَتها، وللسؤال واقع خاص: ما دور كليات الطب بجامعاتنا السعودية، عن الحوافز التي يمكن تقديمها، لخريجي وخريجات الطب، الحاصلين على درجة الشرف الأولى والثانية، ومن هذه الحوافز، ما يُعزز المهنية لمواصلة الأبحاث وحداثة المعامل والمختبرات، ولا يتم ذلك إلاَّ أن تكون هذه النماذج، على رأس العمل الوظيفي، بمرتبات وبدلات سكن ومواصلات، وإتاحة الفرصة لهم لحضور المؤتمرات المحلية والدولية، تُصرف لهم تذاكر السَّفر، وبدلات الانتداب، والإقامة بالفنادق داخل المملكة وخارجها، وحق الأولوية بالبعثات الدراسية، في كُبرى الجامعات العالمية، ولست هُنا فَارِضاً رأياً ؟ وإنما مُذكراً بقيمة ومكانة هذه البذور اليانعة.