طرابلس – البلاد
هدوء حذر شهدته العاصمة الليبية طرابلس أمس (الأحد)، بعد أن شهدت على مدى الساعات الماضية أسوأ قتال منذ عامين، إذ حصدت الاشتباكات التي اندلعت بين الفصائل المتناحرة بعد أن تحولت المواجهة السياسية المستمرة منذ شهور إلى حرب شوارع في أنحاء طرابلس، 32 قتيلاً و159 جريحاً، وأعاد مجدداً شبح الحرب إلى البلاد التي لا تزال غير قادرة بعد على لجم الفوضى التي ألمت بها منذ 2011.
وتقاذف المسؤولون الاتهامات المتبادلة، حيث حمل رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، منافسه في سرت فتحي باشاغا المكلف برئاسة الحكومة الجديدة من البرلمان، مسؤولية ما حدث، مؤكدا أن زمن الانقلابات قد ولى، مشيرا إلى أن قواته ستدافع عن طرابلس، فيما وجه فريق باشاغا أصابع الاتهام إلى الدبيبة. وقال المتحدث باسم الحكومة المكلفة من البرلمان، إن حكومة الوحدة عثمان عبد الجليل هي من تتحمل مسؤولية الاشتباكات وما نتج عنها، مضيفا أن ما وصفها بالمجموعات المسلحة التابعة لحكومة الدبيبة “المنتهية ولايتها” هي من بدأت الاشتباكات. واتهم حكومة طرابلس بأنها لا تتحرى الحقيقة وتقدم الوهم لليبيين. وتدور المواجهة منذ أشهر من أجل استلام السلطة بين حكومة الوحدة الوطنية التي تتخذ من طرابلس مقرا لها، وحكومة باشاغا التي يدعمها البرلمان، ومقره شرق البلاد، وتدعم كل طرف ميليشيات عدة، ما يزيد الوضع خطورة واشتعالاً.
وعقب التطورات الخطرة التي شهدتها العاصمة الليبية خلال الساعات الماضية من اشتباكات مسلّحة بين طرفي النزاع، انسحبت قوات مسلحة تابعة لرئيس الحكومة المعينة من قبل البرلمان فتحي باشاغا من معسكر 7 أبريل ومنطقة بوابة جبس، جنوب طرابلس، بينما سيطرت قوات داعمة لحكومة الوحدة الوطنية التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة على المعسكر والمنطقة المذكورين. من جهته، ألمح رئيس الهيئة العليا لقوى التحالف الوطنية توفيق الشهيبي، إلى احتمال بدء تفاوض غير مباشر محتمل بين باشاغا والدبيبة، معتبرا أن الوضع في البلاد قد يتجه خلال اليومين القادمين إلى مسار التفاوض غير المباشر بين رئيسي الحكومة المتنافسين.
في وقت أكدت وزيرة الخارجية في حكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش على الاستمرار في السعي لإجراء الانتخابات، قائلة إن هذه رسالة لمن وصفتهم بأنهم يحاولون جر البلاد “للفوضى”، مضيفة: “رغم الأحداث المؤلمة لعاصمتنا، نرى اليوم روح المقاومة لدى الشعب تتجدد وكأنها رسالة للجميع ولكل من يحاول جر البلاد للفوضى والدمار أننا مستمرون في الحياة والوصول إلى ما يتطلع له الشعب ألا وهو الانتخابات”. إلى ذلك، أكد متحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة أن الأمين العام أنطونيو غوتيريش يتابع “بقلق بالغ” ما ورد من تقارير عن وقوع اشتباكات عنيفة في العاصمة الليبية طرابلس أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين وتدمير البنية التحتية المدنية. وقال المتحدث ستيفان دوجاريك في بيان إن غوتيريش يدعو إلى وقف فوري للعنف في طرابلس، ويحث الأطراف الليبية على “الدخول في حوار حقيقي لمعالجة المأزق السياسي المستمر وعدم استخدام القوة لحل خلافاتهم”، داعيا إلى حماية المدنيين والامتناع عن القيام بأي أعمال من شأنها زيادة حدة التوتر وتعميق الانقسامات.