مكة المكرمة – أحمد الأحمدي
باتت أغلب بقالات الأحياء في قبضة العمالة الوافدة التي تسيطر على العمل فيها بشكل كبير، إذ تشير الإحصائيات إلى أن البقالات في مدن المملكة يديرها الوافدون بنسبة تقترب من 100 %، ما يعني أن نسبة توطينها صفرية على الرغم من صدور قرار توطين العمل في التموينات والأسواق المركزية التي تزيد مساحتها عن 300 متر، ما فرض التساؤل بقوة عن الآلية المثالية لإصلاح أوضاع البقالات وتوفير الوظائف للشباب فضلا عن تعزيز الأمن الغذائي، بينما يتساءل البعض عن أسباب سيطرة جنسيات بعينها على العمل في التموينات، وماهي أسباب إحجام المواطنين عن العمل في هذا القطاع. وأكد مستثمرون ومواطنون لـ”البلاد” أهمية افتكاك التموينات من قبضة العمالة الوافدة لتوفير المزيد من الفرص لأبناء الوطن للعمل في هذا القطاع وتنميته ليواكب الطفرة التنموية في المملكة تزامنا مع رؤية 2030 التي اهتمت بالتوطين في مختلف القطاعات ليتمكن الشباب من تحقيق آمالهم وطموحاتهم، فضلا عن مساهمتهم بشكل كبير في النهضة الشاملة.
ويقول المستثمر منصور أبو رياش، إن سيطرة العمالة الوافدة على تموينات الأحياء أصبحت بائنة، ويلاحظ أن محلات بيع الفاكهة والخضار أيضا تسيطر عليها جنسيات معينة، تنتهج أسلوبا معينا لرفع الأسعار بشكل غير مقبول، فسعر كيلوجرام من الموز مثالاً لا حصراً، وصل إلي 10 ريالات بالرغم من أن سعر الكرتون لا يتجاوز 30 ريالاً. ومضى أبورياش قائلاً: “مثل هذه الممارسات تضر بالسوق كثيراً وتعود على المواطن سلباً، وأتمنى أن تنتهي تكتلات العمالة الوافدة في الأسواق بشكل عام، فإذا نظرنا لسوق الفاكهة والخضار بالكعكية في مكة المكرمة نجد أن جنسية واحدة تسيطر على أغلب السوق وتتحكم في الأسعار، وقد لاحظ الجميع ارتفاعا جنونيا في أسعار بعض الفواكه والخضروات دون مبرر، لذلك لابد من حملات منظمة لإيقاف مثل هذه الممارسات.
ويرى المستثمر سعد جميل القرشي، أن هناك الكثير من المهن للأسف لا تزال في قبضة الوافدين، ولابد من تحرك الجهات المختصة عاجلا للعمل على توطينها بالتسهيل على شباب وشابات الوطن وتشجيعهم على العمل فيها، مضيفا: “لدينا كوادر مؤهلة ومدربة للقيام بمثل هذه الأعمال وإدارة وتشغيل الأنشطة التجارية بطرق صحيحة، ولا شك أن شبابنا أصبحوا يحسنون العمل في مختلف القطاعات”، مبينا أن أبناء الوطن أولى بإدارة مثل هذه القطاعات التي تسهم في رفعة الاقتصاد حال إدارتها بصورة إيجابية تعود بالنفع على الجميع.
الرقابة تضبط السوق
أكد المواطن باسم محمد شاووش، أن احتكار الوافدين للعمل في بقالات الأحياء السكنية يرجع إلى عدم الاهتمام بتأهيل الشباب في هذا الجانب على الرغم من أن إدارتها بسيطة ولا تحتاج لكثير عناء وبالتأكيد الشباب السعودي قادر على إدارة ما هو أكثر منها بكثير، ولكن يحتاج فقط للتشجيع لكي يتقدم ويدخل في هذا المجال.
ولفت شاووش إلى أن الوافدين يتصرفون بشكل غريب تجاه الأسعار فتجد أن هناك أسعاراً خفية للسلع لا ينتبه لها الكثيرون وربما تغيب عن الجهات الرقابية بشكل ما، فالوافد العامل في التموينات همه الأول هو الربح الكبير لا مصلحة المواطنين، لذلك لابد من قيام وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالالتفات لهذا القطاع والعمل على توطينه بالكامل ليتمكن شباب وشابات الوطن من العمل فيه، لأنهم أولى بإدارة مثل هذه المنشآت لحرصهم الشديد على ترقية القطاع وجعله مميزا كغيره من القطاعات الأخرى. وأضاف: “الملاحظ أن جميع التموينات يعمل بها الوافدون ولا نعلم هل هو تستر أم أن تشغيلهم من قبل كفلائهم هو السائد، وفي الحالتين أرى أن السعودة أمر ضروري ومطلوب للغاية لمنح الشباب الفرصة للعمل بها”، مؤكدا أن الإقبال على البقالات داخل الأحياء أحيانا يشجع العاملين بها من الوافدين على رفع أسعار السلع، خصوصا أن الرقابة ضيئلة على عكس ما تجده السوبر ماركتات من على الشوارع الرئيسية من رقابة تضبط أسعارها.
مردود ضعيف
اعتبر نائب رئيس اللجنة الوطنية للحج والعمرة مازن درار، أن موضوع عمل الشباب في بقالات الأحياء شائك من ناحية أنها لا ترقي لطموح البعض، خصوصا أن مردودها المالي ليس عاليا مثل السوبر ماركت، ولكنه استدرك قائلا:”في المقابل قرار التوطين سيحد من استغلال العمالة الوافدة ويساعد في عملية توطين المهن، ويحمي المواطن من الجشع”. من جهته، قال عضو اللجنة العقارية بالغرفة التجارية الصناعية بمكة المكرمة سابقا حامد بن محمد بن سالم الحربي: “لا شك أن الأحياء مليئة بالبقالات التي يعمل بها الوافدون ولا أحد يعرف هل يعملون بطريقة نظامية أن أن هناك تستر عليهم تحت غطاء كفلائهم، مضيفا: “في حال كان هناك تسترا فإن وزارة التجارة والجهات المعنية الأخرى مثل وزارة الموارد البشرية والاجتماعية ستردعهم بلا شك، ونتمنى أن تكثف الحملات على هذه البقالات لتصحيح أوضاعها وتغريم أصحابها والمتستر عليهم، وعلى مراقبي فرع الموارد البشرية التوغل داخل الأحياء والحارات عبر حملات مستمرة للتأكد من سلامة موقف العاملين بالبقالات الصغيرة”، مشددا على أهمية ضبط الأسعار في هذه البقالات حتى يزداد العبء على المواطنين.
التبليغ مهم
أشار المواطن بخيت عمار اللبيدي، إلى أهمية تصحيح أوضاع بقالات الأحياء، ولابد من حملات خصصة لها لتكون في مرمى أعين الوزارات والجهات المعنية لمعرفة كل صغيرة وكبيرة عنها، ومعالجة العشوائية التي تعمل بها. وتابع: “عيون مراقبي فرع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعيه ينبغي أن تكون مفتوحة على هذه البقالات عبر حملات يومية مكثفة، لمعرفة الممارسات الخاطئة فيها وكيف يتصرف الوافدين في بيع السلع لغياب مالك التموينات عن الأنظار وربما يعرف عنها شيئا على مدى أعوام والوافد هو من يديرها ويتصرف كما يشاء ويبيع السلع كما يحلو له دون رقابة، فالناظر لأسعار السلع في بقالات الأحياء والسوبر ماركت يجد الفرق شاسعا، لذلك لابد من الالتفات لها ومعالجة مشكلاتها التي تنعكس سلبا على المواطن”.
وتقول المشرفة التربوية ام ريان، إن تراخي المواطنين يعتبر سببا رئيسيا في سيطرة الوافدين على بقالات الأحياء، مبينة أنه في حال شمر الشباب عن سواعدهم وتصدوا للعمل في التموينات لما سيطرت عليها العمالة الوافدة، مضيفة: “على الجميع التبليغ عن أي حركة أو نشاط يرونه مشبوها في حيهم فالسكوت يساعد على التستر”.
«الموارد البشرية» لـ«البلاد»: نراجع التوطين باستمرار
أكدت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية لـ”البلاد”، أنها تعمل بشكل دوري ومستمر على دراسة الأنشطة التجارية ومدى ملاءمتها لعمل السعوديين والآثار المترتبة على توطينها.
وفي ما يخص التموينات والأسواق المركزية، قالت الوزارة: “تم إصدار قرار توطين يستهدف التموينات والأسواق المركزية التي تزيد مساحتها عن 300 متر سواء داخل الأحياء أو خارجها، وتراجع الوزارة بشكل مُستمر مع شركائها في الجهات الحكومية الأنشطة الاقتصادية والتجارية وتوطين ما يناسب توطينه لتوفير فرص عمل جاذبة وملائمة لعمل السعوديين”.
وأشارت الوزارة إلى أنه لمزيد من التفاصيل، بإمكان الجميع التعرّف أكثر حول قرار توطين التموينات والأسواق المركزية من خلال زيارة الموقع الرسمي للوزارة والاطلاع على الدليل الإجرائي المصاحب للقرار.