البلاد – مها العواودة، أحمد الأحمدي
بعد قرابة عقد من الزمان تعود العمالة المنزلية الأندونيسية للعمل بالمملكة، عقب توقيع وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مؤخرا لاتفاقية مشروع القناة الواحدة لإعادة فتح استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية في عدة مهن، حيث سيكون الاستقدام متاحًا من خلال شركات الاستقدام. وقوبل توقيع الاتفاقية بترحيب كبير من قبل المواطنين الذين أبدوا سعادتهم بالخطوة لرغبتهم في الاستفادة من العمالة الأندونيسية، متمنين أن يكون التعاقد بمبالغ ليست كبيرة بعدما أشيع بمواقع التواصل الاجتماعي عن وصول أجور العمالة الإندونيسية إلى أربعة آلاف ريال، وهو ما نفته وزارة الموارد البشرية،
مبينة أن هذه كانت مرتبات مبنية على مراحل سابقة للاستقدام من إندونيسيا بسبب عدم وفرة العمالة الإندونيسية، أما في الوقت الحالي، وبعد اتفاقية مشروع القناة الواحدة لاستقدام العمالة المنزلية من إندونيسيا، فمن المتوقع أن تشهد العمالة استقرارًا في مرتباتهم بحسب كمية العرض والطلب، في وقت اعتبر قانونيون أن مشروع “القناة الواحدة” يوفر نظام العمل الحماية اللازمة للعامل وصـاحب العمل بما يكفل حق كل طرف.
قال سفير المملكة في إندونيسيا عصام الثقفي لـ”البلاد”، إن السفارة شاركت في حفل توقيع اتفاقية إعادة استقدام العمالة المنزلية التي تنص على أن يكون استقدام العمالة من خلال شركات إندونيسية – سعودية عبر ما يسمى بـ”القناة الواحدة”، مؤكدا أن سفارة المملكة في جاكرتا في انتظار التوجيهات للقيام بدورها في تنفيذ آلية بدء العمل وتطبيق الإجراءات اللازمة.
وأكد المستثمر في قطاع الاستقدام محمد الغامدي، أهمية اتفاق وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية مع الحكومة الإندونيسية، مشيرا إلى الرغبة الكبيرة لدى المواطن السعودي في استقدام العمالة المنزلية الإندونيسية نظرا للتجربة الطويلة التي أثبتت جدارة العامل الإندونيسي، بالإضافة إلى أن إندونيسيا تعد من أوائل الدول التي تعاملت معها المملكة في قطاع الاستقدام. وأضاف: “هذه الخطوة قد يعقبها فتح آفاق جديدة أوسع وأرحب في الاستقدام من دول أخرى وتخفيض أسعار العمالة الوافدة للمملكة”.
بينما يرى الإعلامي إبراهيم بهكلي، أن القرار يصب في مصلحة شركات الاستقدام، التي ستستفيد من الاستمرار جني الأموال، إلا إذا كانت وزارة الموارد البشرية اتفقت مع الجانب الإندونيسي على تحقيق مبدأ ضمان حقوق العمالة ومراعاة حق المواطن في استرجاع حقه في حال هربت العاملة أو العامل بعد مضي ثلاثة أشهر من الاستقدام. وتابع: “في ظل الأنظمة واللوائح الجديدة والمتطورة بالمملكة يمكن مراقبة شركات الاستقدام وإلزامها بتخفيض سعر الاستقدام أسوة بالدول الإقليمية، ويجب أن نكون الأقل تكلفة نظرا لزيادة نسبة استقدام العمالة”.
عودة مبشرة
وتقول المواطنة فاطمة عبد الرحمن: “لا يستغني أي منزل عن وجود العاملات المنزليات لمساعدة ربات البيوت في أعمال المنزل، لا سيما لمن لديها أسرة كبيرة أو الموظفات اللاتي يعدن متعبات من العمل”، مبينة أن إيقاف التعاقد مع العاملات الإندونيسيات في وقت سابق أثر على الأسر كثيرا، خاصة أن العمالة الإندونيسية مفضلة لدى البعض، والآن تفتح هذه الاتفاقية آفاق جيدة للأسر، مضيفة: “لقد استبشرنا خيرا بعودة هذه العمالة ولكن كل ما نأمله من الجهات المختصة أن تكون الرواتب مناسبة لكل شرائح المجتمع، وأن تخفض أسعار مكاتب الاستقدام الباهظة لتصبح مناسبة ومعقولة”.
ويوافقها في الرأي عبدالله أحمد الشهري، الذي أكد سعادتهم بقرار عودة العمالة الإندونيسية بعد غياب طويل، مضيفا: “نرحب بهذا القرار الصائب الذي طال انتظاره لسنوات طويلة خاصة وأن معظم الأسر تفضل هذا النوع من العمالة لطيبتهم وهدوئهم وإخلاصهم وتفانيهم في أعمالهم”، لافتا إلى أنه في ظل تمكين المرأة السعودية أصبحت أغلب الزوجات وبناتهن موظفات وانشغلن بأعمالهن لذلك باتت الحاجة مضاعفة وماسة للعاملات المنزليات لكي يدبرن أمور المنزل.
خفض التكاليف
أشار باسم محمد شاووش، إلى أن عودة العمالة الإندونيسية من جديد أمر جيد لكن المشكلة الكبرى التي ترهق ميزانيات الأسر هي تكاليف الاستقددم الباهظة لهذه العمالة، والتي تصل إلى أكثر من 25 ألف ريال للخادمة المنزلية الواحدة عبر شركات الاستقدام، متمنيا أن تكون هناك مراعاة للمواطنين ويتم تخفيض التكاليف ليكون استقدام العمالة الإندونيسية في متناول الجميع.
بينما يرى آدم أبو البشر، أن قرار عودة العمالة الإندونيسية إيجابي ومفيد للغاية للأسر التي تحتاج بشدة لعاملات منزليات وسائقين بعد غياب لسنوات طويلة، مضيفا: “يبقى الأهم هو مبلغ الراتب الشهري، وكلنا أمل في أن تكون الرواتب مخفضة ومناسبة لكل الأسر، كما أن أسعار مكاتب الاستقدام أصبحت باهظة واستنزفت جيوب الأسر، وعلى الجهات المعنية ضبطها لتكون مناسبة مع جميع الفئات”.
حماية قانونية
في الجانب القانوني، قال المحامي البراء بن ممدوح غربي، إن نظام العمل يوفر الحماية اللازمة للعامل وصـاحب العمل بما يكفل حق كل طرف، حيث كرس تعامله مع أطراف العلاقة التعاقدية في ثلاث حالات، فتارة يقف بجانب العامل بحكم أنه الحلقة الأضـعف ويوفر الحماية الكاملة له؛ لعدم استغلاله من قبل صـاحب العمل بحكم حاجته للعمل، وأخرى يقف بجانب صـاحب العمل ويدعم موقفه، وثالثة يقف على مسـافـة واحدة من الطرفين وكل ذلك يختلف باختلاف الموقف وذلك لحماية حقوق أطراف العلاقة التعاقدية.
ومضى قائلا: “مما لا شك فيه أن الالتزام الأساسي والجوهري في عقد العمل الذي يقع على صاحب العمل هو الالتزام بدفع الأجر، إضافة إلى هذا الالتزام يوجد به عدة التزامات تقع على عاتق صاحب العمل تجاه العامل سوف نتطرق إلى أهمها، وهي: الالتزام بمنع العمل ألقسري واحترام حقوق العامل، والالتزام بتمكين العامل من العمل وتوفير أدوات العمل، والالتزام بساعات العمل وفترات الراحة، والالتزام بدفع أجر ساعات العمل الإضافية، والالتزام بمنح العامل الإجازات المقررة نظاما. ومما سبق تعتبر هذا أهم التزامات التي تقع على عاتق صاحب العمل.
التزامات العامل
نوه البراء غربي، إلى أن هناك التزامات تقع على عاتق العمال، وأوضحتها المادة 65 التي تقول إنه على العامل أن ينجز العمل وفقا لأصول المهنة ووفق تعليمات صاحب العمل، إذا لم يكن في هذه التعليمات ما يخالف العقد أو النظام أو الآداب العامة، ولم يكن في تنفيذها ما يعرض للخطر، وأن يعتني عناية كافية بالآلات والأدوات والمهمات والخامات المملوكة لصاحب العمل الموضوعة تحت تصرفه، أو التي تكون في عهدته، وأن يعيد إلى صاحب العمل المواد غير المستهلكة، وأن يلتزم حسن السلوك والأخلاق أثناء العمل، وأن يقدم كل عون ومساعدة دون أن يشترط لذلك أجرا إضافيًا في حالات الكوارث والأخطار التي تهدد سلامة مكان العمل أو الأشخاص العاملين فيه، وأن يخضع- وفقا لطلب صاحب العمل- للفحوص الطبية التي يرغب في إجرائها عليه قبل الالتحاق بالعمل أو أثنائه، للتحقق من خلوه من الأمراض المهنية أو السارية، وأن يحفظ العامل الأسرار الفنية والتجارية والصناعية للمواد التي ينتجها، أو التي أسهم في إنتاجها بصورة مباشرة أو غير مباشرة، وجميع الأسرار المهنية المتعلقة بالعمل أو المنشأة التي من شأن إفشائها الإضرار بمصلحة صاحب العمل. وأيضاً لا يجوز لصاحب العمل أو العامل أن يقوم بعمل من شأنه إساءة استعمال أحكام النظام أو القيام بعملشأنه الضغط على حرية الآخر.
«الموارد البشرية»:«القناة الواحدة» تحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية
أكد مصدر بوزارة المواد البشرية والتنمية الاجتماعية لـ”البلاد”، أن مشروع القناة الواحدة لتوظيف العمالة الإندونيسية يهدف إلى تسهيل إجراءات التعاقد وحفظ حقوق أطراف العلاقة التعاقدية كافة، مشيرا إلى وجود 43 شركة ستتاح لها الاستفادة بشكل مباشر عبر القناة الواحدة، ما سيسهم في تدفق وصول العمالة الإندونيسية بشكل تدريجي وفق الاتفاقية بين الجانبين.
ولفت إلى أن الوزارة تهدف إلى حفظ حقوق جميع الأطراف التعاقدية وأن يكون سوق العمل جاذبا، حيث ستكون القناة تحت نظام إلكتروني بين السعودية وإندونيسيا لضمان حماية حقوق أطراف العلاقة التعاقدية وتعزيز المراقبة الدقيقة من وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية.
وحول أهمية المشروع في تنويع جنسيات العمالة المنزلية بما يخدم متطلبات واحتياجات سوق العمل السعودي. قال المصدر: تهدف الوزارة لشمول وتتنوع جنسيات العمالة المنزلية في المملكة، وبما يخدم كذلك متطلبات واحتياجات سوق العمل وتطوير وتحسين بيئة العمل فيه وحماية حقوق جميع أطراف العلاقة التعاقدية.