اجتماعية مقالات الكتاب

الجيل السادس للاتصالات

أحدثت التقنية الرقمية الهائلة التي شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية؛ تحولاً كبيرا في مختلف أنشطة الحياة الإنسانية، فأصبحت مجتمعات اليوم تعتمد بصورة كلية على تكنولوجيا الاتصال وقواعد البيانات Connected and data driven وما ترتب على ذلك من تغيير كبير في أنماط الحياة البشرية؛ الذي أدى لأن يصبح العالم الكبير كما لو أنه قرية صغيرة بفضل شبكة الاتصالات الفعالة التي سهلت عملية تبادل المعلومات ومعالجة البيانات وسهولة الوصول إليها بطرق ميسرة وآمنة.

وكانت شبكة الهواتف المحمولة بأجيالها، نقطة فارقة في عالم التقنية الرقمية مقارنة بوصيفاتها من شبكات الاتصال الأخرى بما أتاحته من حرية التنقل للمستخدم متجاوزا عبرها الحدود الزمانية والمكانية، فوفرت له هامشا كبيرا من حرية الحركة والاستقلالية من خلال استخدام متصفحات الهواتف وتطبيقاتها الذكية.

توفر شبكة الاتصالات اللاسلكية اتصالا آمنا وعالي الجودة، وذا سرعات واعتمادية عالية يماثل الاتصال السلكي، وقد مثل كل جيل من أجيال الاتصالات قفزة كبيرة في هذا الاتجاه. فمنذ عام 1979م تقريبا كل 10 سنوات يتم تقديم جيل جديد من أجيال الاتصالات اللاسلكية، بحيث يوفر تحسينًا كبيرًا في الأداء والوظائف والكفاءة مقارنة بسابقه.

ويمكننا تعريف الجيل في عالم الاتصال والتقنية الرقمية؛ بأنه رؤية ومحددات ومؤشرات أداء تضعها بعض الجهات المنظمة مثل الاتحاد الدولي للاتصالات (ITU-R) ومشروع شراكة الجيل الثالث 3-GPP لشركات الاتصالات والمراكز البحثية، بهدف الوصول لهذه الرؤى والمحددات وصناعة التكنولوجيا التي تحققها. فالجيل الخامس تم إطلاقه تقريبا عام 2019 ومن ذلك الحين بدء التخطيط للجيل السادس والذي أخذ أشكال متعددة أحدها السباق المحموم بين الدول الصناعية للريادة وامتلاك السبق لهذا الجيل كرغبة في الاستفادة الاقتصادية والتقنية الواعدة في مشهد نستطيع تسميته “بالتطلع لشبكة الاتصالات المحمولة في العام 2030”.

ويمكننا القول بأن أهم التطبيقات الواعدة للجيل السادس هي الوسائط ثلاثية الأبعاد وخدمات الاتصال متعدد الحواس والتي تشمل نقل اللمس والإحساس والشم والذوق. من المتوقع أن تؤدي هذه التطبيقات الجديدة إلى ظهور خدمات جديدة تمامًا في مجالات متعددة كالترفيه والرعاية الصحية والسيارات والتعليم والصناعة وغيرها. فجامعات العالم الغربي أصبحت تتنافس في هذا المجال ومنها جامعة Warwick بالمملكة المتحدة والتي أدرس بها مرحلة الدكتوراه في أحد أبحاث الجيل السادس. ومن خلال المقارنة السريعة أستطيع الجزم بأن جامعاتنا وباحثينا لديهم الإمكانيات العالية والأساس العلمي المتين للإبداع في ذلك، وحجز مقعد متقدم في صدارة تقنياته.

ختاما أشيد بسعي وزارة الاتصالات، وهيئة الاتصالات وتقنية المعلومات وجهودهما في مبادرات تخصيص الطيف الترددي وغيرها، مما يمثل أساساً ونقلة نوعية في تمكين التقنيات المبتكرة والريادة فيها. ومن المبشرات أن “المنتدى الدولي للشبكات غير الأرضية” ستعقد أعماله في الرياض نوفمبر المقبل مما يمثل رؤية المملكة الجدية في موكب التطور السريع في خدمات الاتصالات.

dokhyl@

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *