البلاد – أحمد الأحمدي، مرعي عسيري، مها العواودة
تميزت الجامعات السعودية بشكل كبير في السنوات الأخيرة، واحتلت مراكز مرموقة على قوائم العالم، حيث ارتفع عددها بعدة تصنيفات عالمية آخرها التصنيف العالمي للجامعات «شنغهاي»، حيث ارتفع عدد الجامعات السعودية إلى 15 جامعة مقارنة بـ6 جامعات في العام 2018، ما يؤكد الدعم غير المحدود الذي تقدمه القيادة الرشيدة -أيدها الله- للجامعات لتكون في مصاف العالمية وتستفيد المملكة من مخرجاتها وكفاءاتها في مختلف المجالات، بعد أن بذلت مجهودات كبيرة لتعزيز وتمكين منظومة التعليم الجامعي، وتحقيق كفاءة البرامج والمشاريع التي تنفذها، مع العناية الدقيقة بمواءمتها مع مستهدفات رؤية 2030.
ويرى أكاديميون أن تميز الجامعات السعودية عالميا جاء إثر تطوير مناهجها وبحوثها الكبيرة المركزة وتطوير البنية التحتية والأنظمة التقنية والبرامج الأكاديمية المماثلة لما هو موجود في أكبر الجامعات العالمية، فضلا عن التواصل مع الجامعات بمختلف الدول لتبادل المعلومات.
ويقول عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور محمد بن مطر السهلي: “لا شك أن الجامعات السعودية تطورت كثيرا ووصلت لمراكز عالمية مرموقة، وأصبحت بين أفضل الجامعات. ومن المفرح أن الجامعات الناشئة تخطو بثبات نحو التميز عبر تطوير المناهج العلمية وتأهيل الكوادر الأكاديمية والإدارية، وتجد التعاون من الجامعات العريقة، مع تنافس بائن يؤكد سعي الجميع للوصول إلى العالمية”.
واضاف: “ما يميز الجامعات السعودية العريقة هو تناسق وتناغم في برامجها ومناهجها التعليمية مع سوق العمل، وإن كان هناك بعض الكليات النظرية بعيدة عن السوق ولكن هذا البعد بدأ يتقلص مع إنشاء مجلس الجامعات وصدور قرارات جديدة صائب. والآن نلاحظ نموا سريعا وتطورا وتحديثا في ضوابط الجامعات والكليات، وكذلك نشوء كليات جديدة متوائمة مع متطلبات سوق العمل”.
وأشار عضو هئية التدريس بجامعة أم القرى الدكتور علي بن سويعد القرني، إلى أن الجامعات تحظى بدعم لا محدود من الحكومة السعودية، مكّنها من توفير المراكز البحثية المتخصصة لإجراء البحوث النوعية، وهذا ساهم بلاشك في الحصول على مراكز متقدمة لبعض الجامعات السعودية في التصنيفات العالمية.
بينما أكد عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى الدكتور عبدالله بن إبراهيم الزهراني، أن الوضع يختلف من جامعة لأخرى، فمنها ما يتميز في علوم الأحياء والهندسة وغيرها، وبعضها يتميز في العلوم الشرعية والعربية، وهذه لا تضاهيها جامعة أخرى في العالم باعتبار أن المملكة منطلق العربية ومئرز الدين، مضيفا:” تعزيز هذا الاتجاه مطلب مهم وعنيت بعض الجامعات بذلك عناية كبيرة قبل تقليص دعم المراكز البحثية التي تعنى بذلك رغم يقيني أنها من مراكز القوة في تلك الجامعات بل بعض مطبوعات تلك المراكز يتلهف كثير من الدارسين وطلبة العلم للحصول عليها، فمناهج جامعات المملكة لا توازن بأي جامعة في الساحة العربية من ناحية القوة والرصانة”.
دعم لا محدود
ونوه مدير جامعة الفيصل الدكتور محمد علي آل هيازع، إلى أن الجامعات السعودية قطعت خطوات كبيرة في طريق التطور بفضل دعم القيادة الحكيمة التي تولي التعليم بمختلف مراحله عناية فائقة، موفرة الدعم اللامحدود للجامعات، مضيفا: “على الرغم من التوسع الكبير الذي شهده التعليم العالي في المملكة إلا أن الحرص على جودة مخرجات التخصصات المختلفة لا يزال مضاعفا لتتواءم هذه المخرجات مع احتياجات سوق العمل في ظل رؤية المملكة 2030.
وقال إن التطور الكبير الذي شهدته الجامعات ومنظومة التعليم العالي بوجه عام تم وفق خطط تطويرية مدروسة وبني على عوامل عديدة، كما أن التقييم المستمر لمستوى الأداء ومتابعة مؤشرات التطور له أثر كبير في تفعيل الخطط الاستراتيجية، ومن المعروف أن رسالة الجامعات تقوم على ثلاث ركائز أساسية هي: التعليم، البحث العلمي، وخدمة المجتمع، وهو ما تحققه الجامعات السعودية، فالمنهج الأكاديمي مهم لأداء الجامعة دورها التعليمي المناط بها، ونجد أن جامعات المملكة حدثت مناهجها وفق أعلى المستويات العالمية عبر شراكات مع جامعات عالمية مرموقة”.
وذكر آل هيازع، أن تميز أستاذة الجامعات وحصولهم على شهاداتهم من أفضل الجامعات العالمية له دور في تميز جامعات المملكة، فقد حرصت الدولة -أيدها الله- على تأهيل أبنائها أعضاء هيئات التدريس على أعلى مستوى، لتطوير منظومة التعليم العالي، مشيرا إلى أن أهمية التدريس باللغة الإنجليزية في بعض التخصصات العلمية، وهذا ما عملت عليه الجامعات بشكل عام، لافتا إلى الاهتمام بالابتكار في الجامعات ينمي البحث ويطوره ويعظم الفائدة على المستوى الوطني، كما يعزز تنافسية المملكة ومركزها الريادي عالميًا وفق رؤية 2030.
وقال السفير الأسبق بجمهورية لبنان الدكتور علي بن عواض عسيري لـ”البلاد”، إن ما يميز الجامعات السعودية عالميا هو النهج الحضاري الذي اتخذته قياداتنا الرشيدة للرقي بالمستوى الجامعات والمنهج الذي جرى تعديلة من منهج تقليدي إلى منهج علمي يخاطب احتياجات المملكة الحالية والمستقبلية ويتناسب معها.
وتابع: “لا شك أن القيادات العلمية السعودية المؤهلة والأساتذة الجامعيين وهم جميعا تخرجوا من أرقى الجامعات في العالم جميعا لهم الأثر الايجابي في النقلة النوعية الأكاديمية التي تشهدها المملكة، كما أن النهج الذي اتخذته بعض الجامعات لجعل اللغة الإنجليزية أساسية في التدريس يعتبر نقلة نوعية في رفع المستوى البحثي في الجامعات ورفع مستوى الباحث وتعمقة كون الكثير من المواد والمراجع العلمية هي أساساً باللغة الإنجليزية”، مؤكدا أن ماسبق ذكره وفتح المجال لفتح جامعات علمية تجارية متخصصة أتاح الفرصة للطلبة المتميزين والقادرين بدراسة التخصصات العلمية المرغوبة في بلدهم وبين أهلهم إضافة إلى أن تلك الجامعات أوجدت نوع من التنافس في ما بينها للتميز بأدائها وشراكاتها مع جامعات أجنبية متميزة
خطط تنموية
العميد السابق بعدد من كليات جامعة الملك خالد الأستاذ الدكتور مبارك بن سعيد حمدان، يرى أن الحقيقة التي ينبغي تأكيدها هي أن مسيرة التعليم العالي بالمملكة تمضي في تطور كبير خلال السنوات الماضية بفضل الخطط التنموية، التي يقوم عليها قياديون متخصصون أثبتوا جدارتهم وكفاءتهم، وساهموا بفعالية في مسيرة التنمية، كما أن الاكتفاء الذاتي تحقق في بعض التخصصات، وامتلأت المدارس والجامعات بالكثير من المعلمين الوطنيين في جميع مراحل التعليم، مؤكدا أن الجامعات تمثل مؤسسات تربوية تنويرية ثقافية، وتضطلع بمهمة تنمية الثروة الحقيقة للمجتمع وهي الطاقات البشرية، وتعمل على تحقيق هذه المهمة من خلال إعداد الشباب مستقبل الأمة فكراً وفعلاً وانتماءً، فمن الشباب تنبثق قيادات المجتمع في مختلف المجالات.
واستطرد قائلا: “الجامعات أصبحت مؤسسات لبناء مجتمعات المعرفة ومنافسة في التطوير والإبداع مع كبريات الشركات في القرن الحادي والعشرين. ولم يعد للحرم الجامعي في عصرنا الحالي حدود بل تصل الجامعة للبيت والمصنع عن طريق التعليم عن بعد والبرامج الموجهة، وتحظى الجامعات السعودية باهتمام بالغ ورعاية كبيرة من القيادة الرشيدة، بدليل الميزانيات الضخمة التي يتم تخصيصها سنوياً للتعليم العام والعالي”، معتبرا أن الجامعات السعودية تنافس عالمياً من خلال عدد من المعايير والمؤشرات التي تتطلبها التصنيفات الدولية، وتتضمن عدداً متنوعاً من التخصصات العلمية والهندسية والطبية والتطبيقية والتقنية. ويضيف: “لعل من الأمور المهمة في المنافسة العالمية هو جانب التركيز على الأبحاث العلمية المتميزة وتشجيع الطلاب على إتقان مهارات البحث العلمي ومنهجيته من خلال تقديم مقررات في البحث العلمي ومهاراته وأخلاقياته”، منوها إلى البحث العلمي في التعليم العالي حظي بالدعم والمتابعة من خلال التركيز في رؤية 2030 على المنافسة العالمية وتحقيق مراكز متقدمة ضمن أفضل 10 دول في هذا الصدد.
وتحدث الكاتب الإعلامي الدكتور صالح بن ناصر الحمادي، عن تميز الجامعات السعودية، قائلا: “جودة التعليم وتميز مخرجات هذه الجامعات جعلها متميز عالميا، إن فاز طلاب المملكة بالعديد من الجوائز العالمية كما أن أعضاء هيئة التدريس مميزين بدرجاتهم العلمية وهذا ما يدعم تميز الجامعات السعودية”.
إنجازات متوالية
لفتت الدكتورة رجاء طه القحطاني من قسم علم الاجتماع والخدمة الاجتماعية في جامعة الملك عبدالعزيز، إلى التعليم أحد أبرز مفاخر مخرجات التنمية والتحديث بالمملكة، معتبرة أن منجزات التعليم توالت مع التطور الاقتصادي للمملكة، بدليل تبوء الجامعات مكانة عالمية رائدة. وتابعت” طوال عقود قدمت المملكة للتعليم العالي جميع أشكال الدعم من ميزانيات ضخمة لتوفير أرقى المدن الجامعية وتزويدها بأحدث المكتبات والمعامل والخدمات الإلكترونية المتطورة”.
وأكدت أن المملكة تهتم باستقطاب الأساتذة المتميزين عالمياً وعربياً الذين ساهموا في تأسيس جامعات المملكة وتطوير مخرجاتها، وفي ذات الوقت حرصت على تطوير القوى البشرية الوطنية من خلال برنامج ابتعاث الأكاديميين أفضل الجامعات العالمية ونقل خبراتهم لتطوير التعليم العالي بالمملكة.
ومضت قائلة: “تعد سياسات التعليم العالي المشجعة على البحث والنشر العلمي في المؤتمرات والمجلات العالمية الرائدة، عاملاً هاماً أبرز مكانة الجامعات السعودية وباحثيها، فهناك برامج بحثية مدعومة مع علماء بارزين عالمياً في تخصصاتهم، وبرامج متنوعة لتشجيع الأكاديميين وطلاب الدراسات العليا على البحث والنشر في أفضل الدوريات العلمية المتخصصة وكذلك تقديم كل الدعم للباحثين لتقديم مخترعاتهم”، مشيرة إلى أن رؤية ٢٠٣٠ تولي رعاية خاصة لتطوير التعليم العالي والتنسيق والتكامل مع المؤسسات الحكومية والخاصة لتحقيق أهداف الرؤية الثلاث: مجتمع حيوي، اقتصاد مزدهر ووطن طموح.
من جانبه، المحاضر في قسم الإعلام بجامعة أم القرى قال حاتم خيمي، إن تطور الجامعات السعودية يعكس حرص المملكة وما توليه من اهتمام في التعليم والجامعات، مؤكدا أن تميز جامعات المملكة عالميا يعود إلى عدة أسباب أبرزها التغيير الكبير في المناهج وتطوير الأقسام، منوها إلى أن حصول أساتذة الجامعات السعودية على شهادات من أفضل الجامعات العالمية له دور في التميز فضلا عن وجود الرغبة الجامحة لعدد كبير من الخريجين من جامعات سعودية لتطوير أنفسهم في نفس مجال تخصصهم.
رؤية طموحة تسهم في تحقيق المستهدفات
اعتبر أستاذ الإدارة التربوية والتخطيط بكلية التربية في جامعة أم القرى الدكتور تركي بن كديميس العتيبي، أن الجامعات السعودية شهدت قفزات كبيرة على كل الأصعدة والمستويات، حيث تطورت بناها التحتية وأنظمتها التقنية وبرامج الأكاديمية المماثلة لماهو موجود في أرقى الجامعات العالمية وهو ما عزز جانب تميزها بين رصيفاتها من جامعات المنطقة والعالم، وأكدته المؤشرات والتصنيفات المتقدمة التي حصلت فيها بعض الجامعات السعودية على مراكز متقدمة عالميا كتصنيفي شنغهاي والتايمز.
ولفت إلى أن التغييرات الجذرية الهيكلية في الجامعات جعلها تتناسب مع متطلبات وتوجهات سوق العمل محلياً ودولياً من خلال طرح وتبني العديد من المبادرات والبرامج والاستراتيجيات والتنظيمات الحديثة التي تنطلق من رؤية المملكة الطموحة وتستهدف على المدى القصير والمتوسط والبعيد تحقيق مستهدفات تلك الرؤية في مجال التعليم عموماً والتعليم العالي على وجه الخصوص وبالتالي ضمان مشاركة الجامعات كرافد مهم من روافد الاقتصاد المعرفي وكجهات معنية بإدارة المعرفة في تحقيق التنمية المستدامة وخدمة أهداف التنمية في المملكة، وما ساعد على ذلك هو الجامعات الجديد الذي يهدف إلى منح الجامعات السعودية استقلالية شاملة وهو مايُمكن كل جامعة من اتخاذ قراراتها التطويرية وتحديث مناهجها وفقًا لرؤيتها الخاصة حيث يعول من تطبيق هذا النظام بعد استكمال تطبيقه أن تمتلك كل جامعة نظاماً مرناً متكيفاً يمنحها جميع الصلاحيات الخاصة التي تُمكنها من إحداث التغيرات والتنوع في جميع مصادر الاستثمار والدخل الخاصة بها في المملكة وهو ما يُعد بمثابة نقلة نوعية في أسلوب تنظيم الجامعات وطريقة إدارتها وفق ذلك النظام مع مراعاة ارتباط ذلك النظام بأهداف التنمية المستدامة في المملكة وذلك من خلال توفير التعليم الشامل العادل لجميع فئات المجتمع، ما مساعداً في بناء رأس المال البشري اللازم لتحقيق التنمية المستدامة.
ومضى العتيبي قائلا: “مؤسسات التعليم العالي تمثل دوماً قلاع المعرفة ومراكز الإشعاع الحضاري لكل أمة وهي قائدة التطوير والتحسين فيها حيث تعد الركيزة الأساسية لتطوير المجتمع في كافة المجالات فالتعليم الجامعي هو أحد عناصر التقدم الاقتصادي والنفسي والاجتماعي وهو المحرك الأساسي لنهضة الأمم وهو أمر جعل تلك الجامعات تعمل على تركيز خدماتها على الإنتاج المعرفي والبحث العلمي والابتكار، ولكي تنجح جامعاتنا في هذا الاتجاه يجب عليها أن توفر العوامل والظروف الكفيلة بمساعدتها على تطوير ثقافة الابتكار.