البلاد – مها العواودة
رفع أنصار التيار الصدري شعار الاعتصام المفتوح في مقر البرلمان العراقي، ملوحين بقائمة مطالب طويلة في انتظار تحقيقها، بينما أكد المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة العراقية اللواء يحيى رسول، أمس (الأحد)، أن الأمن العراقي بدأ بفتح الطرق المؤدية إلى المنطقة الخضراء، مشددا على أن القوات العراقية قادرة وجاهزة لحماية المحتجين وأمن البعثات الدبلوماسية.
ورهن ممثل زعيم التيار مقتدى الصدر رفع الاعتصام بتنفيذ المطالب التي تقدم بها المحتجون ومن بينها عدم التبعية لإيران، لافتا إلى أن قوى الأمن العراقية لا تمنع المتظاهرين من الدخول إلى المنطقة الخضراء، مشيرا إلى أنه من غير الواضح حتى الآن إمكانية عقد حوار بين القوى السياسية العراقية.
ووجه رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، بتعطيل الدوام الرسمي في المؤسسات الرسمية كافة، أمس، في أعقاب اقتحام آلاف من أنصار التيار الصدري للمنطقة الخضراء وإعلانهم الاعتصام داخل مقر البرلمان، فيما دعت أطراف سياسية عراقية إلى حوار جاد لتجنيب البلاد أي مخاطر محتملة بعد اقتحام المنطقة الخضراء والبرلمان.
وحمل الكاظمي الكتل السياسية مسؤولية التصعيد وطالبها بتقديم تنازلات لتجاوز الأزمة. ودخل مئات من المتظاهرين إلى البرلمان وقاعته الرئيسية السبت، رافعين الأعلام العراقية وصور مقتدى الصدر، وهذه المرة الثانية خلال أيام يدخل مناصرو الصدر البرلمان بعد أن اقتحموا المبنى الأربعاء والتقطوا الصور، وتجمّع آلاف من المتظاهرين المناصرين للصدر على جسر الجمهورية المؤدي إلى المنطقة الخضراء المحصنة التي تضم مقرات حكومية وسفارات أجنبية، وتمكّن مئات منهم من تجاوز الحواجز الاسمنتية على الجسر والدخول إليها، مجددين رفضهم اسم محمد شياع السوداني الذي رشّحه الإطار التنسيقي الموالي لطهران. من جهته، أكد الأكاديمي والكاتب السياسي الكويتي الدكتور عايد المناع لـ”البلاد”، خطورة المشهد العراقي الذي يزداد تعقيدا مع الزمن، محذرا من استمرار الأوضاع على ما هي عليه الآن، مضيفا: استمرار الأوضاع بهذا الشكل سيجعل العراق في وضع صعب ربما يوصله للانهيار”، مشيرا إلى أن الحل يتمثل اقتناع العراقيين بدولة المؤسسات والديمقراطية وليس الموالاة للغير. وتابع: “عدا ذلك سيبقى العراق يدور في حلقة مفرغة إلى أن يقفز إلى السلطة مجموعة من المغامرين القادرين على تغيير الأوضاع”.
وأشار المناع إلى أن التدخل الإيراني في العراق لم يأت عبثا، إنما نتيجة موالاة قياديين للمرشد الإيراني أكثر من ولاءهم للوطن، فكانت أحزابهم تنطلق بدعم مباشر من إيران.
ومضى قائلا: ما نشاهده من هبوط للقيادات الإيرانية وفيلق القدس في بغداد مع أي حدث يؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن هؤلاء هم من يقودون الصراع بين ما يعرف بالقوى الشيعية والمرجعيين ممثلين في تيار الصدر، والولاءيين ممثلين في الخزعلي والمالكي”.
ويرى المناع أن خروج العراق من هذا المأزق يتمثل في ظهور تنظيم وطني حقيقي لا ينظر للمذهبية ولا للعرقية ولا للمناطقية، إنما الاهتمام بالوطن والولاء له ليلتف حوله الداعمون والمؤيدون، وسيكبر مع الزمن وسيكون قادرا على تغيير حال العراق إلى الأفضل من خلال إيجاد الروح الوطنية التي تعمل من أجل وطن واحد، واختلافات مباحة ضمن حدود القانون واللجوء إلى آلية للانتخابات بطريقة ديمقراطية، منوها إلى حاجة العراق إلى نظام رئاسي قوي غير مستبد، ديمقراطي ينتخب من قبل الأمة وأن تكون الصلاحيات الدستورية للرئاسة قوية بحيث من يتولى الرئاسة يستطيع أن يفرض هيبة القانون ويحد من التطرف واستغلال الأوضاع لإثارة الفتن، مشددا على حاجة العراق إلى تنمية شاملة وتحسين الأوضاع المعيشية، وإلى دعم دول الجوار.
واعتبر أن العراق في وضع صعب، ويخشى أن ينزلق إلى صراع مابين أطراف القوى السياسية والدخول في حرب ودوامة صراعات ليس لها نهاية، مبينا أن المطلوب هو ابتعاد إيران عن التدخل في الشأن العربي، فوجود طهران يؤدي للكثير من الصراعات ويثير النزاعات الداخلية.