المحليات

الرياض- باريس .. صداقة تاريخية وشراكة استراتيجية

جدة – البلاد

وسط اهتمام كبير على كافة الأصعدة ، يقوم صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، بزيارة رسمية إلى فرنسا في ثاني محطات جولته الخارجية بعد اليونان ، وذلك تعزيزا للتعاون والشراكة بين الرياض وباريس في مختلف المجالات.

وتتمتع العلاقات السعودية الفرنسية بقوة ومتانة وتاريخ حافل من التعاون والصداقة بين البلدين عبر التاريخ ، وترتكز هذه العلاقة على الثقة والاحترام المتبادل، والتنسيق المشترك للمحافظة على الاستقرار الإقليمي والدولي بالتشاور المستمر حيال الكثير من القضايا ذات الاهتمام المشترك.

بدأت ملامح العلاقات السعودية الفرنسية عام 1926 عندما أرسلت فرنسا قنصلا مكلفا بالأعمال الفرنسية لدى المملكة، ثم أنشأت بعثة دبلوماسية في جدة عام 1932م، وتوالت خطوات إرساء العلاقات حيث دخلت مرحلة جديدة ومتميزة عقب زيارة الملك فيصل بن عبدالعزيز لفرنسا عام 1967 ولقائه الرئيس الفرنسي شارل ديجول، ومثلت تلك الزيارة دعما وتطورا مستمرا ليشمل مجالات أرحب بما يحقق المصالح المشتركة على البلدين الصديقين والمنطقة.

وفي عام 1986م افتتح خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود حينما كان أميرا لمنطقة الرياض والرئيس الفرنسي جاك شيراك، (معرض المملكة بين الأمس واليوم) في باريس تعرف الزائرون من خلاله على ماضي المملكة وتقاليدها وقيمها الدينية والحضارية ونموها الحديث ومنجزاتها العملاقة.

وزار خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في 29 أبريل 1997م، فرنسا التقى خلالها الرئيس جاك شيراك، ووقع مع عمدة باريس جان لييري ميثاق تعاون وصداقة بين مدينتي الرياض وباريس، والتقى عددا من كبار المسؤولين الفرنسيين.
وفي 5 مايو 2015م حضر الرئيس فرانسوا هولاند رئيس الجمهورية الفرنسية السابق افتتاح أعمال الاجتماع التشاوري الخامس عشر لقادة دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية بالرياض، حيث يدعى للمرة الأولى رئيس دولة أجنبية لحضوره تقديرا من المملكة لفرنسا.

وشهدت العلاقات السعودية الفرنسية تطورا ملحوظا خلال السنوات الأخيرة في مختلف المجالات، خاصة في المجال الاقتصادي والاستثمارات المتبادلة بين الجانبين.

وتعد المملكة ومن خلال كونها القوة البتروكيماوية العالمية، شريكا أساسيا لفرنسا، وفي المقابل تعتبر باريس شريكا قويا للسعودية في مجال معدات النقل والزراعة والبضائع الفرنسية ، كما تم العمل على إنشاء عدد من المشاريع المشتركة بين الشركات السعودية والفرنسية وعلى رأسها شركة أرامكو وشركة توتال إنرجي، من خلال إنشاء أكبر منصات التكرير والبتروكيماويات في العالم مثل ساتورب، والتي تم رفع طاقتها الإنتاجية إلى 440 ألف برميل من النفط الخام يومي.

شراكات لوجستية
في المجالات اللوجستية تتنوع الشراكات السعودية الفرنسية، ومنها شركة كامكو، والتي تمثل المشروع المشترك بين شركة «RATP» الفرنسية، إلى جانب شريكها السعودي «Saptco» في عقد تشغيل وصيانة خطي مترو تحت الإنشاء في الرياض ، بجانب الشركات الفرنسية العاملة في قطاعات النقل والطيران والطاقة والطاقات المتجددة والمياه والنفايات والنفط والبناء، وتعمل فرنسا على مشاركة المملكة في جميع القطاعات الجديدة ضمن تنويع الاقتصاد السعودي، والاقتصاد الرقمي، والذكاء الاصطناعي، والثقافة، والضيافة، والتكنولوجيا الزراعية، والتكنولوجيا الحيوية، والصحة.

ووقع الجانبان اتفاقية لتعزيز التعاون السياحي، لتعزيز نشاطهما السياحي، في نهاية العام الماضي من خلال مذكرة تفاهم، التي توطد التعاون كرائدين عالميين في مجال السياحة، وتعمل شركات فرنسية في تطوير منطقة العلا، إذ تحتل فرنسا موقع الصدارة في تطوير مشاريع العلا بفضل التعاون بين الهيئة الملكية للعلا والوكالة الفرنسية ، وتعمل شركات فرنسية على أكثر من 78 مشروعاً في العلا بين 2019 و2020، بفضل توقيع اتفاقية في هذا الشأن بين الدولتين.

وكانت زيارة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لفرنسا في عام 2018 ، قد شهدت توقيع 19 بروتوكولا واتفاقا بين شركات فرنسية وسعودية بقيمة إجمالية تزيد على 18 مليار دولار، شملت قطاعات صناعية مثل البتروكيميائيات ومعالجة المياه، إضافة إلى السياحة والثقافة والصحة والزراعة. كما وقعت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات السعودية مذكرة تفاهم بهدف تعزيز وتشجيع التعاون المؤسسي والاقتصادي والأكاديمي والعلمي بين الطرفين في الابتكار الرقمي والذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة، وذلك على هامش زيارة الرئيس الفرنسي إلى الرياض في ديسمبر الماضي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *