تونس – البلاد
وجه الشعب التونسي ضربة قاضية لـ”الإخوان”، بتأييدهم الواسع لمشروع الدستور الجديد الذي طرحه الرئيس قيس سعيد للاستفتاء ورفضه تنظيم النهضة الإخواني، إذ أظهرت مؤشرات نتائج تقديرية لمؤسسة “سيغما كونساي” المتخصصة في عمليات استطلاع الرأي، تصويت 92.3 % بـ”نعم” على مشروع الدستور، وهي نتيجة تعد بمثابة فوز لسعيّد على معارضيه وتأكيد لشعبيته، في وقت خرجت أعداد كبيرة من التونسيين، إلى شارع الحبيب بورقيبة وسط العاصمة تونس، للاحتفال بالمصادقة على الدستور الجديد.
وعقب نجاحه في تغيير الدستور الذي سينقل البلاد نحو حكم رئاسي، سيمضي سعيّد قدماً في الإصلاحات السياسية على الرغم من معارضة خصومه، معتمداً على هذا التأييد الشعبي الواسع، وهو ما تؤكده تصريحاته التي كشف فيها عن خطوته القادمة، فقد قال الرئيس التونسي إن أول قرار بعد الاستفتاء على الدستور، سيكون وضع قانون انتخابي جديد يغير الشكل القديم للانتخابات التي لا يعبر فيها المنتخب عن إرادة الناخب، وذلك استعداداً لإجراء الانتخابات البرلمانية نهاية العام الجاري. ومن المرتقب أن يقوم الرئيس بتعديل القانون الانتخابي، وفقاً لنتائج الاستشارة الوطنية التي جرت بين شهري يناير ومارس من العام الحالي. وأظهرت أن 70.7 % من التونسيين اختاروا نظام الاقتراع على الأفراد، بينما اختار 60.8 % منهم تعديل القانون الانتخابي، فيما أيد 92.2 % فكرة سحب الوكالة من النواب في حال أخلوا بوعودهم.
وأعلن سعيّد في وقت سابق أن التصويت بالانتخابات البرلمانية المقررة في ديسمبر المقبل “سيتم على مرحلتين”، وسيكون بالنظام الفردي وليس القوائم الحزبية، على عكس ما كان عليه الأمر في الانتخابات السابقة. وأكد الرئيس التونسي أمس (الثلاثاء)، أن تونس دخلت مرحلة جديدة، وأنه يجب محاسبة كل من أجرم في حق البلاد، مضيفا: “القانون الانتخابي سيكون جاهزا بوصفه مطلبا شعبيا”، بينما هتف المتواجدون بشارع الحبيب بورقيبة: “يحيا الشعب”، وبالروح والدم نفديك يا علم، ورددوا النشيد الوطني، كما رفعوا شعارات مناهضة لحركة النهضة ولزعيمها راشد الغنوشي وللإخوان، الذين قادوا حملة لدفع الناس إلى مقاطعة الاستفتاء. وسيتم اعتماد الدستور الجديد، الذي يعطي صلاحيات واسعة للرئيس، بمجرد فوزه بأغلبية الأصوات المصرح بها، ولا يشير المرسوم المنظم للاستفتاء الذي أصدره الرئيس سعيّد إلى حد أدنى مطلوب لنسبة المشاركة من أجل اعتماد نتائج الاستفتاء، كما لا يشير إلى النتائج المترتبة لاحقا عن إمكانية رفض الدستور من قبل المشاركين في الاقتراع.
وحظي الاستفتاء بإقبال من التونسيين الذين سئموا “العشرية السوداء” من حكم الإخوان التي تقاطعت عندها محصلات هزيلة على الصعيد السياسي، فيما عانوا في المقابل من ويلات الإرهاب والاغتيالات وتدني القدرة الشرائية.
ويرى ناشطون سياسيون، أن الدستور الجديد يعتبر بداية استقلال تونس من احتلال تنظيم الإخوان وحلفائهم، والذين عاثوا فسادا في البلاد وعبثوا بمقدرات الدولة الوطنية، مؤكدين أنه سيوقف دستور الإخوان ويؤسس للجمهورية الجديدة وينسف أحلام الخونة بالعودة من جديد، معتبرين أن الإخوان فقدوا مع الوقت أيّ تأثير لهم على الشارع، وأن النهضة تعيش على وقع أزمات متعددة سواء فيما يتعلق بالخلافات داخلها والتي أدت إلى انشقاقات واستقالات أو ما يخص مشاكلها مع القضاء في علاقة بتورط قياداتها في قضايا غسيل أموال وضلوعهم في جرائم إرهابية، والتي أدت إلى عرض عدد من قادتها على أنظار القضاء وعلى رأسهم رئيس الحركة راشد الغنوشي.
ويعد مشروع الدستور الجديد من بين الإجراءات الاستثنائية للرئيس التونسي بعد إزاحة الإخوان من الحكم وإقالة الحكومة وتعيين أخرى وحل مجلس القضاء والبرلمان وإصدار تشريعات بمراسيم رئاسية وإجراء انتخابات برلمانية في 17 ديسمبر المقبل.