إن البنك الدولي قد حدد عناصر الثروة في كل من رأس المال المنتج والموارد الطبيعية وقيمة المهارات والقدرات البشرية للدولة، حيث تعد الثروة البشرية أحد أهم المعايير التي تقاس بها ثروة الأمم وقد أضحى العنصر البشري ودرجة كفاءته هو العامل المهم لتحقيق التقدم والرخاء، وقد فطنت دول مثل اليابان وألمانيا لأهمية العنصر البشري فبالرغم من أنها قليلة الموارد الطبيعية لكنها أولت اهتماماً بمواردها البشرية مما وضعها في مصاف الدول المتقدمة.
إن كثيراً من مشاريع التنمية في بعض دول العالم قد حاق بها الفشل نظراً لأنها لم تستصحب معها تنمية ثروتها البشرية باعتبارها حجر الزاوية لنجاح تلك الخطط، ذلك أن تنمية العنصر البشري وتطويره ليكون مبدعاً خلاقاً في عمله أمر سابق للتنمية المادية، وضمانة لنجاح كافة مشاريع التنمية إذ لا بد من أن يتقمص الفرد أهداف الخطط التنموية ويتفاعل ويبدع فيها حتى تأتي بمردودها على أرض الواقع.
وفي المملكة ووفق رؤية 2030 يسعى برنامج تنمية القدرات البشرية إلى أن يمتلك المواطن قدرات تمكنه من المنافسة عالمياً من خلال تعزيز القيم وتطوير المهارات الأساسية ومهارات المستقبل وتنمية المعارف، وقد تطور أداء المواطن السعودي كماً ونوعاً كما أن المجتمع السعودي أضحى أكثر إنتاجية ومعلياً من قيمة الوقت وأصبح يتنفس بملء رئتيه بعد أن كانت إحداهن معطلة حيث كان دور المرأة خصماً من جهود البناء إلى أن تم تمكينها لتشارك في الجهود الوطنية كما ازدادت معدلات التعليم ونمت روح المبادرة والتخطيط السليم ونجحت الدولة في تنويع مصادر الدخل واستثمار كل موارد المملكة مما أفضى إلى تعزيز القوة الاقتصادية لها وغيرها من الإنجازات، ولقد أثبت العنصر البشري السعودي كفاءة واقتدارا في مختلف الحرف والمهن التي يشغلها وتلك التي تم توطينها، وفي هذا الصدد لا بد من الإشارة إلى كفاءة العنصر البشري السعودي والعقلية التي أدار بها السعوديون جائحة كورونا بفضل توجيهات القيادة الرشيدة والتي كانت محط إشادة من مختلف دول العالم .
وأخلص إلى أن الثروة البشرية كانت ولا تزال أغلى ثروات الأمم، لذا فقد حان الوقت لبذل المزيد من الجهود لتدريب وتطوير هذه الثروة الغالية، ولا ننسى الدور الفاعل الذي تبذله كل القطاعات الحكومية المعنية وعلى رأسها وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية وغيرها فينبغي علينا التركيز على زيادة الاستثمار في رأس المال البشري صقلاً وتدريباً بجانب الاهتمام بمخرجات العملية التعليمية ومراجعة التعليم التقليدي واستصحاب التقنية ومناهج الإبداع لطلابنا، فضلاً عن رعاية الموهوبين واحتضانهم لأنهم يمثلون ثروة وطنية ينبغي الحفاظ عليها وتطويرها.
باحثة وكاتبة سعودية
J_alnahari@