جدة – البلاد
تتطلع أنظار العالم إلى المملكة العربية السعودية، حيث القمة التاريخية في جدة ، لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ، وصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء ، مع الرئيس الأمريكي جوزيف بايدن ، الذي بدأ أمس زيارة رسمية إلى المملكة ، تعزيزاً للعلاقات الثنائية التاريخية العريقة والشراكة الاستراتيجية المتميزة واتفاقيات التعاون والاستثمار بين البلدين الصديقين في مختلف المجالات.
وتكتسب زيارة الرئيس الأميركي إلى المملكة أهمية خاصة؛ كونها البلد العربي الوحيد الذي يزوره ، مما يعكس الأهمية البالغة التي تنظر بها قيادة الولايات المتحدة للمملكة ودورها الحيوي في تعزيز أمن واقتصاد المنطقة والعالم ، وتنمية فرص الازدهار والنمو ومواجهة تحدياته الإقليمية والدولية.
على مدى تاريخ طويل تميزت العلاقات السعودية – الأمريكية ، بالاحترام والثقة والتقدير المتبادل لمكانة البلدين ودورهما ، ورسوخ الشراكة الإستراتيجية القائمة على المصالح الكبيرة المشتركة في كافة المجالات، والتي تعكس الحرص المستمر من القيادة في البلدين على تعزيزها في مختلف المراحل.
وتكتسب زيارة الرئيس الأمريكي بايدن إلى المملكة أهمية بالغة لكونها أول زيارة لدولة عربية حيث تشهد مدينة جدة القمة السعودية الأمريكية ، وقمة خليجية أمريكية بمشاركة مصر والأردن والعراق، كما تؤكد الزيارة نجاح السياسة السعودية الفاعلة والمؤثرة بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد ، والتي عززت دور المملكة وجعلها رقما رئيسيا ومؤثرا على كافة الأصعدة السياسية والاقتصادية، ودورها المحوري في أمن واستقرار المنطقة والعالم.
شراكة راسخة
تحظى الشراكة السعودية الأمريكية بمكانة خاصة واهتمام كبير لدى الجانبين، نظرًا لتاريخها الذي يعود إلى عام 1931م، عندما بدأت رحلة استكشاف وإنتاج النفط في المملكة بشكل تجاري، ومنح حينها الملك عبدالعزيز -رحمه الله- حق التنقيب عن النفط لشركة أميركية، تبعها توقيع اتفاقية تعاون بين البلدين عام 1933م، ومن خلال ذلك أصبح هذا المجال الحيوي ركيزة الاقتصاد العالمي والقوة الدافعة الأهم لتطوره في العصر الحديث. وفي عام 1945 م ، تعززت العلاقات الثنائية باللقاء التاريخي بين الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود ، والرئيس الأميركي فرانكلين روزفلت على متن الطراد الأميركي (كوينسي)، والذي يعد نقطة التحول إلى مرحلة الشراكة الاستراتيجية في مختلف المجالات. واليوم يؤكد الجانبان تعاظم القواسم المشتركة والإرادة في تطوير الشراكة ، خاصة مع رؤية المملكة 2030 ،التي تحظى بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين ، وقيادة مباشرة وحثيثة من سمو ولي العهد لأهدافها الطموحة ومراحل إنجازها ، لتتبوأ المملكة مكانتها اللائقة على خارطة الريادة في التقدم العالمي.
زيارات مثمرة
استمر تبادل الزيارات وعقد اللقاءات بين قادة البلدين وكبار المسؤولين فيهما منذ عهد الملك المؤسس عبد العزيز بن عبدالرحمن – رحمه الله ـ مرورًا بعهود أبنائه الملك سعود بن عبدالعزيز والملك فيصل بن عبدالعزيز والملك خالد بن عبدالعزيز والملك فهد بن عبدالعزيز والملك عبدالله بن عبدالعزيز ـ رحمهم الله ـ إلى هذا العهد الزاهر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ.
وبرزت في تاريخ العلاقات السعودية الأمريكية، محطات مهمة عُدّت مرتكزًا أساسيًا في دعم مسيرة العلاقات بين البلدين، ومنها الزيارة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ في إبريل 2012م للولايات المتحدة – حينما كان ولياً للعهد نائباً لرئيس مجلس الوزراء وزيراً للدفاع – بدعوةٍ من وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا ، والتقى خلالها – حفظه الله – الرئيس الأمريكي باراك أوباما، وبحث معه تعزيز العلاقات بين البلدين خاصة في المجال العسكري والاستراتيجي المشترك. وفي سبتمبر 2015 م، قام خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ بزيارة رسمية للولايات المتحدة الأمريكية، تلبيةً لدعوة من الرئيس باراك أوباما رئيس الولايات المتحدة الأمريكية السابق ـ وشهدت الزيارة مباحثات لتعزيز العلاقات المتينة بين البلدين ، وفي نفس اليوم، استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز آل سعود ـ حفظه الله ـ في مقر إقامته بمدينة واشنطن، رؤساء أمريكا السابقين جورج دبليو بوش، وبيل كلينتون، كلاً على حدة.
وخلال الزيارة شرّف الملك المفدى في واشنطن، حفل عشاء منتدى الاستثمار، الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي ، وألقى – حفظه الله – كلمة خلال الحفل، أكد فيها متانة العلاقات السعودية الأمريكية ووصفها بأنها علاقات تاريخية واستراتيجية، منذ أن أرسى أسسها الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن – رحمه الله – والرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت.
ومنح تشريف خادم الحرمين الشريفين لمنتدى الاستثمار ، الذي سبق وأقامه مجلس الأعمال السعودي الأمريكي، ومجلس الغرف السعودية، العديد من الدلالات والرسائل القوية لقطاع الأعمال في الولايات المتحدة، في مقدمتها تأكيد حرص المملكة على منح فرص استثمارية كبيرة للشركات الأمريكية، وتسهيل أعمالها وتعزيز الشراكة بين البلدين في مختلف مجالات الاقتصادية.
جهود ولي العهد
في ذات السياق تقف جهود صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع ـ حفظه الله – شاهداً على المضي قدماً بالصداقة السعودية / الأمريكية، فعمل على توثيقها وتعزيز أوجه التعاون وبناء شراكات استراتيجية تسهم في خدمة المصالح المشتركة بين البلدين ،بما يتسق مع روية المملكة 2030، إلى جانب تكامل الجهود السياسية كقوتين مؤثرتين على الساحة الدولية تجاه المتغيرات إقليماً ودولياً، انطلاقاً من مواقف المملكة إزاء مختلف القضايا. فقد حققت زيارة سموه إلى الولايات المُتحدة الأمريكية عام 2016 ، دوراً أساسياً في تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين الرياض وواشنطن، انطلاقاً مما يجمع البلدين من مصالح مشتركة في مختلف مجالات التعاون ، حيث بحث مع كبار المسؤولين التعاون القائم بين البلدين، في عدد من المجالات المشتركة والسبل الكفيلة بتطويره، إلى جانب جملة من المسائل ذات الاهتمام المتبادل ، وأفضل السبل لتعزيز التعاون المشترك والمستمر بين البلدين خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وبرامجها الاقتصادية الطموحة بما فيها برنامج التحول الوطني. كما شهدت الزيارة الثانية لسموه إلى الولايات المتحدة عام 2018 ، العديد من النشاطات الاقتصادية، حيث التقى حينها وزيرة التجارة الأمريكية وبحث معها المجالات التجارية، وسبل تطويرها بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين ، واجتمع سموه مع رئيس الغرفة التجارية الأمريكية وجرى استعراض عدد من الموضوعات المتعلقة بالمجال التجاري والاستثماري بين البلدين، وبحث مواصلة تنميتها ، وأفضل السبل لتعزيز التعاون المشترك والمستمر بين البلدين، خاصة في المجالات الاقتصادية والاستثمارية، في ظل رؤية المملكة العربية السعودية 2030، وبرامجها الاقتصادية الطموحة، بما فيها برنامج التحول الوطني. وشهدت الزيارة أيضًا، اجتماعات مع عدد من الشركات المتخصصة في الصناعات العسكرية، وتناولت رؤية المملكة لتوطين هذه الصناعات ، وما تشمله من تقنية وخدمات تدريبية وخدمات مساندة ، وأبدت الشركات استعدادها للمشاركة بدور فعال في هذه البرامج.