العنصرية هي الأفعال والمعتقدات التي تقلل من شأن شخص معين؛ لكونه ينتمي لعرق أو لدين أو لجنس مختلف، كما يستخدم هذا المصطلح ليصف الذين يعتقدون أن نوع المعاملة مع سائر البشر يجب أن تحكم بعرق وخلفية الشخص متلقي تلك المعاملة، وأن المعاملة الطيبة يجب أن تقتصر على فئة معينة دون سواها، وأن فئة معينة يجب أن تتحكم بحياة الأعراق الأخرى.
والتفرقة العنصرية وكراهية الأجانب وما يتعلق بذلك من تعصب ليست مجرد مشاكل يتعين على المجتمع الدولي أن يبحثها طلبًا لعلاجها في وقت السلم فقط، ولكن ينبغي أن تحصل أيضًا على نفس الاهتمام في حالات النزاع المسلح.
وانطلاقًا من خصوصية هذه المشكلة، وكونها أحد مجالات عمل الدبلوماسية الإنسانية من ناحية أخرى – ترى كل المنظمات التي تعمل في الميدان الإنساني أن مسألة عدم التمييز ونبذ العنصرية في حالات النزاعات المسلحة ينبغي أن تحظى باهتمام كافٍ في المؤتمرات العالمية، وأن تقدم الاقتراحات العملية لحل هذه المشكلة من الأساس.
ويلاحظ أن محاربة العنصرية ينبع من مبدأ يقوم عليه العمل الإنساني، وهو مبدأ (عدم التمييز)، وهو يعد من العوامل المهمة التي يتشكل منها القانون الدولي الإنساني، الذي تقوم أهدافه الأساسية على حماية ضحايا النزاعات المسلحة والحد من وسائل وأساليب الحروب، وتقديم المساعدة والغوث إلى الجرحى والمرضي في صفوف المتحاربين دون تمييز أو تفرقة بينهم.
وقد نصت اتفاقيات جنيف الأربع على حظر التمييز في كثير من قواعده المحددة والملزمة للأطراف المشاركة في النزاعات المسلحة الدولية أو غير الدولية على السواء، وتنص إحدى المواد فيها على أن الأشخاص غير المشاركين بشكل فعلي في الأعمال العدائية أو غيرهم من المصنفين على أنهم عاجزون عن مواصلة القتال يجب أن يَلْقَوا في كل الظروف معاملة إنسانية، وبدون أي تمييز ضار قائم على العنصر أو اللون أو الدين أو العقيدة أو الجنس أو الميلاد أو الثروة أو أي معايير مماثلة أخرى.
ومن هنا -على سبيل المثال – كانت ممارسات الفصل العنصري في جنوب أفريقيا وغيرها من الممارسات غير الإنسانية والمُحطة من قدر الإنسان وبكل ما تحويه من اعتداءات صارخة على الكرامة الشخصية والقائمة على أساس التمييز العنصري – تشكل انتهاكات بالغة الخطورة للبروتوكول الأول الإضافي لاتفاقيات جنيف؛ لذا لا بد من وجود رادع لهذا، وعقد محاكمة للأشخاص أو التكتلات التي تقترف تلك الانتهاكات المنطلقة من أساس عنصري يفترض أنه لا وجود له في عصر العلم والتقدم.
* رئيس مركز الاستشارات والتدريب والتطوع بالمنظمةالعربية للهلال الأحمر والصليب الأحمر.