طرابلس – البلاد
تتعقد الأزمة الليبية يوما بعد آخر، ففي ظل تصارع حكومتي باشاغا المكلفة من البرلمان، وحكومة عبدالحميد الدبيبة، أعلن عدد من أهالي وأعيان الجنوب الليبي، من أنصار النظام السابق والداعمين لسيف الإسلام القذافي، نيتهم تشكيل حكومة ثالثة في ليبيا، تتولى العمل لتلبية احتياجات ومتطلبات منطقتهم، أسوة بالمنطقتين الشرقية والغربية.
وأرجعت المجموعة في بيان مصوّر، قرارها إلى التهميش والإقصاء الذي تمارسه الحكومات ضدّ منطقتهم طوال السنوات الماضية، ومن أجل الدفاع عن حقوقها الاقتصادية والسياسية، داعية منتسبي الجيش من أبناء الجنوب العسكريين إلى الانسحاب من المؤسسة العسكرية، وتشكيل قوة موازية في الجنوب لتأمينه وحمايته، كما طالبت بضرورة إنهاء جميع المراحل الانتقالية في ليبيا، وإجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية دون إقصاء، بعد الإفراج عن القائمة النهائية لمترشحي الرئاسة.
بالمقابل، استنكر مجلس فزان الأعلى، ما وصفه بـ”التمرّد”، معتبراً أنها محاولة تقسيم ليبيا عبر إعلان حكومة موازية في الجنوب، مشددًا على أن سحب أبناء المنطقة من المؤسسة العسكرية يعدّ خدمة لأجندات خارجية تسعى لعدم استقرار البلاد وتقسيمها. وأكد أن ما حدث يرفضه جميع الليبيين في كافة أنحاء البلاد، مؤكدًا استمراره في دعم القيادة العامة للجيش الليبي، والمؤسسة العسكرية التي تعتبر صمام الأمان للوطن.
من جهته، كشف رئيس الحكومة الليبية فتحي باشاغا عن مفاوضات جارية مع مجموعات مسلحة بالعاصمة قبل دخول طرابلس، مميطا اللثام عن وجود مفاوضات مع بعض المليشيات، وفقًا لشبكة “بي بي سي”، مؤكدًا أن هناك اتصالات مع مجموعات مسلحة بطرابلس. وأضاف: “حكومتنا التي نالت الثقة من البرلمان الليبي، هدفها البناء والإصلاح وتنظيم الانتخابات، لكنها ليست مسؤولة عن ملاحقة شخص، فهذه مهمة السلطات القضائية والنيابية.. طلبنا من قادة كتائب ونخب سياسية الانضمام لنا والمشاركة والاندماج.. لكن طريقنا يجب أن يكون طريق الدولة، وليس طريق الميليشيات أو القوى الموازية، أو الفساد”.
وفي العاصمة الليبية طرابلس، خرج المواطنون في احتجاجات منددة باستمرار انقطاع الكهرباء لساعات، وسط رفض لسياسة حكومة عبدالحميد الدبيبة منتهية الولاية. وتزداد أزمة احتجاجات الكهرباء في طرابلس مع ارتفاع درجات الحرارة وانقطاع المياه، وسوء الخدمات المقدمة لليبيين في العاصمة. وخرج عشرات المتظاهرين من تاجوراء مرورا بسوق الجمعة وصولًا لشوارع العاصمة طرابلس وهم يهتفون بشعارات غاضبة رافضة لسياسة الحكومة المنتهية ولاياتها وفشلها في إدارة الملفات الهامة كتوفير الأمن لليبيين.
إلى ذلك، أكد المشاركون في جلسة مجلس الأمن بشأن ليبيا أن الانتخابات هي السبيل الوحيد لحل الأزمة في البلاد. وقالت وكيلة الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون السياسية، روزماري ديكارلو: إن أولوية الأمم المتحدة في ليبيا تظل تسهيل العودة إلى العملية الانتخابية، على أساس دستوري سليم وتوافقي للانتخابات، قائلة: “هذا ما طلبه الشعب الليبي”، مرحبة بإطلاق الرؤية الاستراتيجية للمصالحة الوطنية للمجلس الرئاسي الليبي، مجددة التزام البعثة بدعم جهود المصالحة الوطنية الليبية، والعمل عن كثب مع الشركاء، بما في ذلك الاتحاد الأفريقي، لتحقيق المصالحة في البلاد. وشددت على ضرورة أن تكون عملية المصالحة في ليبيا شاملة وأن تقوم على مبدأ العدالة الانتقالية وجبر الضرر.
وحول التصعيد العسكري الذي تشهده العاصمة طرابلس ومحيطها قالت ديكارلو: ” إن مراقبي وقف إطلاق النار التابعين للبعثة يقيمون في طرابلس وهم على استعداد لمباشرة أعمالهم”، داعية إلى العمل على نزع السلاح، وتسريح وإعادة دمج الجماعات المسلحة والمليشيات وانسحاب المرتزقة والمقاتلين الأجانب والقوات الأجنبية من ليبيا. وأشارت إلى أن تمديد ولاية البعثة المستقلة لتقصي الحقائق في ليبيا أمر ضروري؛ للتحقيق والإبلاغ عن انتهاكات القانون الإنساني الدولي وحقوق الإنسان.