جدة – البلاد
تتميز المملكة بجاذبية عالية للاستثمار في صناعة وخدمات الامتياز التجاري “الفرنشايز”، الذي بدوره يعكس ارتفاع مستويات المعيشة وقوة السوق السعودية الأكبر في المنطقة، مما حفز الشركات العالمية للوصول إليه، وفتح آفاقا جديدة لصغار المستثمرين ورواد ورائدات الأعمال.
ويقدر حجمَ الاستثمارات في سوق الامتياز التجاري بالمملكة بنحو 56 مليار ريال، بحسب إحصاءات اتحاد الغرف، وتسارع نموه بنسبة تصل إلى 50% من القيمة السوقية للامتياز التجاري على مستوى الشرق الأوسط، وتجسد ذلك في الإقبال على معرض الرياض.
يسهم نشاط الامتياز التجاري بأكثر من 5% من الناتج العالمي، ويوفر حوالي 20 مليون وظيفة حول العالم، ولهذه الأرقام دلالة كبيرة، تعكس أهمية هذا القطاع والدور المأمول منه ، ومستقبله الواعد في المملكة الذي يشهد نموًّا كبيرًا؛ حيث تولي الحكومة الرشيدة، اهتمامًا بهذا النشاط، والعمل على رفع جودة المنتجات المحلية وتطوير الاستثمارات، مما أسهمَ في انطلاق العلامة المحلية السعودية نحو الأسواق العالمية الواعدة.
تاريخيا.. شهدت السوق السعودية منذ أكثر من أربعة عقود، حضورا لعلامات تجارية عالمية من خلال وكلاء وشركات محلية ومعارض، لكن مع موافقة مجلس الوزراء على نظام الامتياز التجاري عام 2019، انطلقت مرحلة جديدة لقطاع “الفرنشايز” وفتح آفاق واسعة لرواد ورائدات الأعمال، وهو ما أكد عليه وزير التجارة الدكتور ماجد القصبي، بأن نظام الامتياز وفر حمايةً قانونية للعلامات التجارية، وأتاح مبدأ حرية التعاقد وفق أفضل الممارسات الدولية، ليضيف بذلك رافداً مهماً للاقتصاد العام والمجتمعي، ويعززُ تطور البيئة الاستثمارية والتجارية والثقة في عائداتها.
حماية وشفافية
تسري أحكام نظام الامتياز التجاري على أي اتفاقية امتياز تنفذ داخل المملكة، ويضع النظام حدًا أدنى من الخبرة على مانح الامتياز لمنحه حق الامتياز، كما ينظم العلاقة بين أطراف عقد الامتياز التجاري ويحدد الحقوق والالتزامات ويلزم مانحي الامتياز بالإفصاح عن أبرز المخاطر والحقوق والواجبات المتعلقة بفرص الامتياز، وينظم أحكام تجديد اتفاقية الامتياز التجاري، أو إنهائها أو التنازل عنها.
فمع تبني المملكة رؤيتها الطموحة 2030، ومستهدفات المجتمع الحيوي والاقتصاد المزدهر، وإقامة المشاريع العملاقة، أصبحت محلًا جاذبًا للاستثمار ووجهة رئيسة للعديد من الشركات الكبرى حول العالم، ونما قطاع ريادة الأعمال والعلامات التجارية في مجالات عديدة أهمها:( الأغذية والمشروبات والأزياء والعطور والنظارات والسيارات والملابس والأدوات الرياضة وغيرها)، وبذلك تسهم عقود” الفرنشايز” في توسيع وانتشار المنتج والعلامة التجارية السعودية محليا بمواصفات عالية، مع جودة المنتج والخدمة، وانتشار العديد منها عالميًا. فكما استقبلت أسواقنا الكثير من العلامات الشهيرة، تتواجد العلامات التجارية السعودية أيضا في العديد من الدول؛ خليجيا وعربيا وعالميا.
ومن مزايا نظام الامتياز التجاري بتفاصيل لائحته التنفيذية، بحسب محافظ الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة المهندس صالح الرَّشيد؛ تشجيعه لأنشطة هذا القطاع في المملكة عبر وضع إطار نظامي للعلاقة بين مانح الامتياز وصاحب الامتياز وفق أسس تعزز مبدأ الشفافية والوضوح؛ حيث يوفر الحماية اللازمة لصاحب الامتياز ومانحه، ويُمكن أطراف الامتياز التجاري من اتخاذ قرارات استثمارية صائبة تسهم في رفع مستوى جودة السلع والخدمات المعروضة في المملكة، وتحفيز رواد الأعمال وأصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة على المنافسة ونمو أعمالهم، وخلق فرص واعدة للاستثمار، وفق ضوابط تضمن التجانس بين أطراف الامتياز التجاري، والقدرة على التوسع في أنشطته.
معارض واستثمارات
في سياق اهتمام المملكة بالقطاع، أقيمت على مدى ثلاثة أيام في الرياض، النسخة السادسة من “معرض الاستثمار والامتياز التجاري الدولي، بمشاركة أكثر من 115 شركةً محليةً ودوليةً؛ منها شركات أمريكية، وروسية، وبريطانية، وإندونيسية، ومصرية، وكويتية، وبحرينية، وقد افتتحه الأمين العام لاتحاد الغرف السعودية، حسين العبدالقادر، الذي كشف عن الاستثمارات الكبيرة في نشاط الامتياز التجاري، مؤكدا حرص اتحاد الغرف على استمرار نمو القطاع؛ لما له من أهمية اقتصادية كبرى، لافتا إلى أن المجلسَ يعتزم إنشاءَ نسخةٍ من المعرض في العديد من مدن المملكة خلال الفترة المقبلة.
وقد بلغت قيمة العلامات التجارية للشركات الأجنبية التي شاركت في نسخة المعرض لهذا العام، نحو 70 مليون ريال لأكثر من 8 علاماتٍ تجارية ، وهي قيمة كبيرة ستزيد من حصة الامتياز التجاري في السوق السعودية، كما شهد المعرض جلسات حوارية وورش عمل؛ بهدف التعريف بالعلامات التجارية الأمريكية المشاركة وكيفية الاستثمار في الولايات المتحدة الأمريكية، وأهمية المنصات المسوقة للامتياز التجاري في أوروبا وأهمية الامتياز بالأسواق الناشئة. كما شهدَ المعرضُ توقيعَ عدد من اتفاقيات ومذكرات التفاهم؛ بهدف رفع حجم الاستثمار في الامتياز التجاري في المملكة، مما يسهم في تحقيق أهداف رؤية المملكة 2030.
وعلى ضوء هذا النجاح المتجدد للمعرض، وما يعكسه من نمو متسارع للقطاع، تجلت أهمية الشراكة الإستراتيجية بين اتحاد مجلس الغرف السعودية ومعرض الاستثمار والامتياز التجاري الدولي، وتجسد ذلك في حرص المنظمين على تقديم كل ما يتناسب مع الحراك الاقتصادي المحلي الدولي في هذا النشاط؛ لإفادة جميع مناطق المملكة ليكون منصةً قويةً للاستثمار في مجال العلامات التجارية التي يستهدفها أصحاب الأعمال في مختلف القطاعات الواعدة.
ثقافة “الفرنشايز”
من الأهداف المهمة لتنمية وتحفيز قطاع “الفرنشايز” عبر المعارض المتخصصة، نشر ثقافة الامتياز التجاري وتشجيع رواد الأعمال السعوديين للدخول في هذا النوع من الأعمال التجارية، وهو هدف أكد عليه رئيس اتحاد الغرف السعودية عجلان العجلان، بالتوجه نحو توسع الأعمال من خلال هذا النظام، وتمكين العلامات التجارية السعودية من إثبات مكانتها في ظل المنافسة القوية، مما ساهم في رفع جودة المنتجات المحلية وتطوير الاستثمارات وتصدر العلامة المحلية السوق السعودي وانطلاقها نحو الأسواق العالمية الواعدة.
في هذا السياق أيضا، أوضحت المديرة التنفيذية لشركة الامتيازات الوطنية والمسؤولة عن تنظيم المعرض، عبير جليح، أن المعرض تميز بالتنوع في عرض الفرص الاستثمارية، ومكتسبات جديدة تتمثل في منصة افتراضية؛ بهدف دعم المانحين والممنوحين والتعريف الكامل بالعلامة التجارية وفرصة الاختيار الجيدة حسب حجم الاستثمار؛ حيث تتراوح الفرص من 150 ألف ريال حتى 15 مليون ريال، وسوف يكون هناك منصة متخصصة تناقش نظام الامتياز التجاري وتقديم ورش عمل متنوعة، يقدمها نخبة من المستشارين المتخصصبن بالعلامات التجارية والاستشارات، وعرض قصص النجاح على المستويين الدولي والمحلي، فأضاف المعرض وفعالياته الكثير لخارطة مستقبل الامتياز التجاري محليا وعالميا.
مركز الامتياز
استكمالًا للجهود التي تبذلها الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة “منشآت” لدعم وتنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في المملكة، تم إنشاء مركز الامتياز التجاري في الرياض؛ للمساهمة في ازدهار هذه الصناعة واستدامتها، من خلال إتاحة مجموعة من العلامات التجارية المانحة للامتياز، وربط هذه العلامات برواد الأعمال في المملكة.
وسيتم استحداث مراكز امتياز تجاري قريبا في كل من الخبر وجدة والمدينة المنورة، وفي جميع مناطق المملكة مستقبلاً، لدعم العلامات التجارية في المنشآت المتوسطة والصغيرة، وزيادة العلامات المانحة في السوق السعودي، وتوسع العلامات المحلية في منح الامتياز إقليميًا وعالميًا، وزيادة تنوع العلامات المانحة لتشمل القطاعات ذات الأولوية.
تجنب الفشل
قد تتعرض بعض مشروعات الامتياز التجاري الصغيرة والمتوسطة لعثرات، حذر منها مستشار الامتياز التجاري في الهيئة وليد علي آل حميد، موضحا أن من الأسباب الأكثر شيوعًا: نقص الأموال، الامتناع عن اتباع نظام الامتياز، أن يكون مانح الامتياز غير كفء، سوء مهارات إدارة الأفراد، عدم التطابق مع مانح الامتياز.
وأوضح آل حميد، أنه تم إنشاء اللجنتين الإشرافية والتنفيذية على الامتياز التجاري لتحسين منظومة الامتياز التجاري، وتدريب عشرات المحامين المتخصصين في الامتياز التجاري في التحكيم والتسوية، مؤكدا أن نظام الامتياز التجاري هو المرجعية في الفصل بين المتخاصمين للتسوية، ويحمي حقوق المستثمرين المانحين والممنوحين.
وينصح خبراء متخصصون بتجنب أسباب النزاعات في مشاريع الامتياز التجاري، وضرورة التزام الأطراف بالاتفاقيات والتعاقدات والحرص على ضمان جودة الخدمة من جانب الممنوحين للامتياز والعلامة التجارية؛ حفاظا على سمعتها في السوق.