الرياض – البلاد
في تقييم إيجابي وآفاق واعدة لمسيرة التنمية السعودية الشاملة والمستدامة، بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، حفظهما الله، أكد صندوق النقد الدولي متانة اقتصاد المملكة وقوة وضعها المالي، الذي يعكس الجهدَ الكبيرَ الذي تبذلُه الحكومةُ في المضي بإنجازاتها الاقتصادية في ظل رؤية المملكة 2030. أشادَ خبراءُ الصندوق في بيانهم التمهيدي الذي تم إصداره عقب اختتام زيارة مشاورات المادة الرابعة مع حكومة المملكة للعام 2022م، بقوة اقتصادها وقوة وضعها المالي، مؤكدين أنَّ الآفاقَ الاقتصاديةَ للمملكة إيجابية على المديين؛ القريب والمتوسط، مع استمرار انتعاش معدلات النمو الاقتصادي، واحتواء التضخُّم، بالإضافة إلى تزايد قوة مركزها الاقتصادي الخارجي. ونوه البيان بالمجموعة الواسعة من المشاريع الكبرى في عدد من القطاعات؛ من ضمنها البنية التحتية والخدمَات اللوجستية والترفيه والسياحة والتعدين، إضافة إلى الجهود الكبيرة التي تبذلها الحكومة في القطاع المالي لدعم التقنية المالية.
توقعات إيجابية
ووفقًا للبيان، تَوَقَّعَ الصندوقُ نمو إجمالي الناتج المحلي الإجمالي للمملكة بنسبة 7.6% في العام الحالي 2022م، وارتفاع النمو غير النفطي إلى 4.2%، وزيادة فائض الحساب الجاري إلى 17.4% من الناتج المحلي الإجمالي، وكذلك احتواء التضخم الكلي عند 2.8% في المتوسط. وأشارَ البيانُ إلى أنَّ المملكةَ نَجَحَت في التعامل مع جائحة فيروس كورونا (كوفيد – 19)، مؤكدًا أنَّها في وضع جيد يمكنها من تجاوز المخاطر التي تشكلها الحربُ في أوكرانيا ودورة تشديد السياسة النقدية في الاقتصادات المتقدمة، مشيرا إلى أنَّ النشاط الاقتصادي فيها يشهدُ تحسناً قوياً مدعوماً بارتفاع أسعار النفط والإصلاحات التي تجريها الحكومة في إطار رؤية 2030، وتأثير محدود لتشديد الأوضاع العالمية بفضل مستويات الرسملة القوية التي يتمتعُ بها القطاعُ المصرفي.
أيضا أكدَ خبراء صندوق النقد الدولي أنَّ مواصلةَ تنفيذِها للإصلاحات الهيكلية ستساعدُ في ضمان تحقيق انتعاش قوي وشامل وصديق للبيئة، لافتين إلى أنَّ المملكةَ تتعافى بقوة في أعقاب الركود الناجم عن الجائحة، مبينين أنَّ دعمَ السيولة والدعم المقدم من المالية العامة وزخم الإصلاحات وارتفاع أسعار النفط وزيادة إنتاجه ساعدت المملكة على التعافي، وأنَّ النمو الإجمالي شهد دفعة قوية، حيث بلغَ 3.2% عام 2021م، مدفوعاً في الأساس بتعافي قطاع التصنيع غير النفطي وقطاع التجزئة (بما في ذلك التجارة الإلكترونية) والقطاع التجاري.
وأشارَ البيانُ إلى زيادة مشاركة المواطنين في القوى العاملة؛ وانخفاض معدل البطالة إلى 11%، أي بتراجع قدره 1,6 نقطة مئوية عن عام 2020، نتيجة ارتفاع معدلات توظيف المواطنين السعوديين، وبخاصة المرأة في القطاع الخاص.
استدامة مالية
جانب آخر في تقرير الخبراء، هو ترحيب بعثة الصندوق بالتزام المملكة بالحفاظ على استدامة المالية العامة، وبالجهود المبذولة لتجنّب مسايرة اتجاهات الدورة الاقتصادية بوضع سقف للإنفاق لا يتأثر بتقلبات أسعار النفط. كما توقَّعَ خبراءُ الصندوق تفوقَ أداء المالية العامة في عام 2022م عن توقعات الميزانية، وتراجع نسبة الدين إلى إجمالي الناتج المحلي الإجمالي. وأكدَت البعثةُ أنَّ مخاطرَ الاستقرار المالي محتواةٌ بشكل جيد، فمستويات الربحية والسيولة والرسملة جيدة على مستوى النظام المصرفي، متوقعة أن يكون التأثيرُ الناجمُ عن زيادة تشديد أوضاع السياسة النقدية العالمية محدودًا على نمو الائتمان وإجمالي الناتج المحلي غير النفطي، وإيجابي على ربحية القطاع المصرفي.
وتَطَرَّقَ البيانُ الختامي لخبراء صندوق النقد الدولي إلى جهود المملكة فيما يتعلق بالسياسات المناخية، مؤكدين أنَّ الحكومةَ تعملُ على تكثيف الاستثمارات في إنتاج الهيدروجين الأزرق والأخضر، إضافة إلى جهودها المتواصلة في البحث والتطوير مع التركيز على الاقتصاد الدائري للكربون.
طموحات وإنجازات
هذه المضامين المهمة التي سجلها تقرير خبراء صندوق النقد الدولي، تعد شهادة دولية جديدة توثق نجاحات مراحل مستهدفات رؤية المملكة 2030، بدعم ورعاية خادم الحرمين الشريفين، حفظه الله، وهي رؤية سمو ولي العهد، وتجسد تطلعاته الكبيرة، وفقه الله، لمستقبل هذا الوطن العظيم؛ حيث تسعى المملكة من خلالها لاستثمار مكامن قوّتها التي حباها الله بها، من موقع إستراتيجي متميز، وقوة استثمارية رائدة، وعمق عربيّ وإسلاميّ، وتولي القيادة الرشيدة لذلك كل الاهتمام، وتسخّر كل الإمكانات لتحقيق الطموحات.
وخلال السنوات القليلة الماضية منذ انطلاق الرؤية الطموحة واستراتيجياتها، تم تحقيق الكثير من الإنجازات غير المسبوقة في كافة المجالات، واستمرار ممكّنات التحول للتنمية المستدامة التي أسهمت في تحقيق نتائج ملموسة، على صعيد منظومة العمل الحكومي والاقتصاد والمجتمع، وأرست أسس النجاح للمستقبل، في الوقت الذي تواصل فيه المملكة مكتسباتها في صدارة العديد من مؤشرات التنافسية العالمية.
يأتي ذلك رغم التحديات الكبيرة التي واجهتها المملكة والعالم جراء جائحة كورونا، ودورها الرائد في قيادة العالم خلال رئاستها لمجموعة العشرين؛ لتعزيز جهود التعافي الصحي والاقتصادي العالمي، وحققت نجاحا متميزا أشادت به المنظمات والمؤسسات الدولية الصحية والاقتصادية، ومنها التقرير الحالي لخبراء صندوق النقد الدولي. وبهذه الإرادة العالية واستشراف استحقاقات المستقبل، تواصل المملكة إنجازاتها للحاضر والمستقبل، برصيد متعاظم من الخبرات، وثقة في تحقيق الأهداف الطموحة بأيدي أبنائه وبناته، والاستثمار في التحول الرقمي وآفاق رحبة للنمو والاستثمار، واستحداث العديد من القطاعات الاقتصادية الجديدة، وتعزيز إسهامها في التقدم العالمي والحضارة البشرية الحديثة المتسارعة، ورفع مستوى جودة الحياة والازدهار للوطن والمواطن.