متابعات

الكافيهات.. أسعار فلكية ترهق المرتادين

جدة – إيمـان بـدوي

من الترويح على النفس إلى “النكد”.. هكذا وصف البعض حال “الكافيهات”، التي كان يقصدها الجميع لقضاء وقت ممتع بعيدًا عن ضغوطات الحياة، بيد أن الأسعار الجديدة للمشروبات المقدمة أصبحت تشكل عبئا إضافيا على مرتادي المقاهي، الذين يرون أن غياب الرقابة له الأثر الأكبر في المبالغة بأسعار المشروبات الباردة والساخنة، مطالبين في الوقت ذاته بالرقابة اللصيقة في الفترة المقبلة؛ لكي تعود الأمور إلى نصابها الطبيعي، ويتمكن كل الأشخاص من ارتياد المقاهي دون معاناة.

واعتبر بعض مرتادي “الكافيهات” أن ما يحدث عبارة عن استغلال من أصحابها لزبائنهم، مطلقين في الفترة الماضية حملة للمقاطعة إلى حين فرض الجهات المعنية تسعيرة محددة كحال المحلات التجارية الأخرى، بينما برر ملاك ومديرو بعض المقاهي لـ”البلاد” الزيادات في الأسعار بالزيادة الكبيرة في المنتجات الأخرى التي تدخل في صناعة القهوة والمشروبات الأخرى؛ مثل الحليب والبن والسكر.


ويرى علاء الشريف، مالك كافيه، أن ثمة عوامل عدة أدت إلى ارتفاع أسعار أكواب القهوة، مثل: الارتفاع العالي في الإيجارات العقارية، وارتفاع أسعار آلات القهوة، مضيفا: “قد يصل سعر الواحدة منها إلى 80 ألف ريال دون المطاحن والتجهيزات الأخرى، وإن ذهبنا إلى متوسط سعر كيلو القهوة المختصة، سنجده لا يقل عن 160 ريالا في حال الجملة، أما السعر الفردي ففي حدود 200 ريال، كما أن أغلب الكافيهات تهتم بأدق التفاصيل من فخامة ديكور وغيره من الجماليات بالمحل، وذلك من أجل المنافسة، كما أن راحة العميل من الأمور التي توضع في الحسبان، بينما لا تقل رواتب العاملين في مجال القهوة عن 4 آلاف ريال، فهذه بعض التحديات التي نواجهها، والتي ساهمت في ارتفاع الأسعار”.

وقال ماهر صالح، مالك أحد المقاهي: “نعمل وفق نظرية العرض والطلب، فكلما زاد الطلب وقلت الكمية زاد السعر، وكلما زادت الكمية وقل الطلب قل السعر، فالقهوة تستهوي الشباب، لذلك نعمل على إنتاجها بجودة عالية، مع ابتكار طرق جديدة في تحضيرها، ومن الطبيعي أن يكون هناك تفاوت في الأسعار والخدمات، طالما أن التنافس موجود وكل مقهى يريد تقديم الأفضل لمرتاديه، كما أن ارتفاع سعر التكلفة يجعلنا نضع أسعارًا تغطي المصروفات، وتدر بعض الربح القليل علينا”.

ارتفاع سعر التكلفة
أرجع عبدالعزيز الزهراني، مدير فرع أحد الكافيهات، ارتفاع أسعار المشروبات في المقاهي لارتفاع سعر التكلفة الإجمالية لإنتاج القهوة تحديدًا. وأضاف: “على سبيل المثال زاد سعر الحليب في الفترة الأخيرة، وهو من أهم مكونات كوب القهوة، كما أن مكائن صناعة القهوة تشترى بثمن ليس زهيدا، بينما سعر محمصة البن يبدأ من 300 ألف ويصل حتى 500 ألف، أضف إلى ذلك رواتب العمالة والإيجار والكهرباء وغيرها من العوامل التي يتحملها صاحب المحل”. ولفت الزهراني إلى أن غلاء أسعار القهوة يعود كذلك لأسباب أخرى، من بينها أن بعض المبتدئين في صناعة القهوة يضعون الأسعار دون عمل دراسة جدوى للمشروع، وبالتالي تكون هناك فوارق في الأسعار؛ لأن صاحب المشروع لم ينظر إلى التكلفة الحقيقية. وفي السياق ذاته، قالت سارة مديرة فرع أحد الكافيهات: إن التصعيد ضد غلاء أسعار القهوة غير منطقي، لأن تكلفة الإنتاج تختلف من مقهى لآخر، وكذلك نوعية البن المستخدم، فمن الطبيعي أن تتفاوت الأسعار. واستطردت قائلة: “شراء كوب من القهوة بسعر 18 ريالا مع خدمة ممتازة بمكان مريح أفضل بالتأكيد من شربه بمكان عادي، فهناك خيارات وبدائل كثيرة يمكن للشخص الذهاب لها حال وجد أن أحد الكافيهات مبالغا في السعر، ولا أرى مبررًا لإطلاق هاشتاق (مقاطعة الكافيهات)، وأعتقد أن المشاركين فيه ليس لديهم خلفية عن عالم صناعة القهوة”.


تسعيرات غير منطقية
أكد جمعان عسيري، أحد رواد المقاهي، أن الذهاب للمقهى في الأصل يكون بالنسبة له للتنزه أو الالتقاء بالأصدقاء أو لاجتماع عمل، وبالتالي ينبغي أن تكون الأسعار في المتناول، مضيفا: “اعتدت ارتياد المقاهي للاستمتاع بكوب قهوة، ربما لما يقارب العشر سنوات، وكانت أسعار كوب القهوة تتراوح بين 8 – 16 ريالا، بينما وصلت حاليا إلى 35 ريالا في بعض المقاهي، وهي أسعار مبالغ فيها. هناك” مقاهٍ” عالمية أسعارها معقولة جدا مقارنة بالمقاهي العادية داخل الأحياء، وليس على الشارع العام. كلما قارنت الأسعار بالدول الأخرى التي سافرت إليها أستهجن الأمر، ففي الخارج قد يتفاوت سعر الكوب من 1 – 3 دولارات فقط، لذلك اقتنيت ثلاث آلات لتحضير القهوة في المنزل”.

ويوافقه في الرأي محمد الجحدلي (باريستا)، الذي أكد أنه شغوف بالقهوة، ويحب العمل في هذا المجال، لكنه في الوقت ذاته يرى أن أسعار القهوة حارة كنات أو باردة ارتفعت بشكل كبير عن السابق، متمنيا النظر في هذا الأمر من قبل الجهات المختصة. وتابع: “قد يكون ديكور المقهى له دور في نسبة الارتفاع، وكذلك غلاء مكائن القهوة والبن المختص، ولكن غير المبرر أن ترتفع أسعار الحلويات، والزبدة وكريمة الخفق والڤانليا الطبيعية”.


وقال منصور العباسي، من رواد الكافيهات: “عادة أفضل طلب أنواع معينة من القهوة وأجد أن الأسعار مرتفعة لحد ما، وتختلف من كافيه لآخر، وربما يعود ذلك إلى معايير مختلفة، تبدأ من مدى جودة القهوة والبن، وطريقة التحميص والصنع والإعداد إلى جمالية المكان من حيث الديكور. عادة لا يكون السبب الوحيد من أجل الذهاب إلى مقهى هو الرغبة في طلب كوب منها، إنما قد يكون بداعي الخروج مع العائلة أو أحد الأصدقاء لكسر الروتين اليومي. وشخصيا لا أؤيد مقاطعة الكافيهات، لكن أتمنى من وزارة التجارة أن تحد من ارتفاع الأسعار، وأن يضع ملاك المقاهي أسعارا منطقية”.

تلاعب وعدم جودة
من جانبها، شددت أبرار الزهراني، من رواد الكافيهات، على أن أغلب المقاهي رفعت أسعارها بشكل واضح دون توفير جودة عالية في المنتج، معتبرة أن التلاعب بالأسعار لا مبرر له. وقالت: أحب البحث عن النكهات الجديدة في قهوتي المفضلة، ربما هذه أحد الأسباب التي تجعلني ارتاد المقاهي رغم ازدياد الأسعار، وأرى أن وزارة التجارة بإمكانها ضبط الأسعار بشكل مناسب”. بينما قالت عهود الحارثي: “الأسعار تخطت حدود المعقول ما جعلنا نقلص فترات الذهاب إلى المقاهي. كنت في السابق أذهب إلى المقهى ثلاثة أيام في الأسبوع، أما الآن قد أكتفي بزيارة واحدة خلال أسبوعين، لذلك أوجه رسالة لأصحاب المقاهي بأن ينظروا إلى غيرهم حتى لا يفقدوا زبائنهم. صحيح أنهم يعانون في بعض التجهيزات ولكن المبالغة في الأسعار شيء غريب وينّفر رواد المقاهى”.


إلى ذلك، قال عمر حسين: “أعتقد أن بعض الكافيهات تبالغ في تسعيرة القهوة والمشروبات الأخرى، ويتحدث بعض الملاك أن المنتجات والخدمة المقدمة ذات جودة عالية لذلك يرتفع السعر، وهذا مبرر غير كافٍ لارتفاع الأسعار الجنوني، فمثلا في إيطاليا سعر فنجان الإسبريسو يورو واحد فقط، وبالسعودية يتجاوز ٩ ريالات، وفي تقديري أن الحملات الداعية لمقاطعة الكافيهات قد تكون مفيدة جدا للمستهلكين، باعتبار أنها قد تسهم في العودة للأسعار الطبيعية، وأعتقد أن الجهات المعنية لا تستطيع فرض أسعار معينة، لكن نطالبها بالتحرك لفرض بعض القيود على المنشآت، فالكافيهات أصبحت مكانا لتمضية بعض الوقت برفقة أفراد العائلة والأصدقاء، حتى إنها أصبحت تنافس المطاعم في جذب المستهلكين وتعرض منتجات جديدة وبطريقة مبتكرة، لذلك غدت مكانا جاذبا حتى إن بعضها توفر كل أنواع

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *