متابعات

رؤساء وأعضاء سابقون لـ(البلاد): التداخل مع الأمانات أعاق أعمالنا.. المجالس البلدية.. إنجازات غير مرئية وخدمات غائبة

البلاد – أحمد الأحمدي، مها العواودة، مرعي عسيري

أعوام عديدة مرت على عمل المجالس البلدية، وهي تتوق للتمديد لدورة رابعة أو عامين إضافيين، بيد أن عدم التجديد لها من قبل وزارة الشؤون البلدية والإسكان مع توزيع موظفيها على أمانات المناطق، كما رشح مؤخرا، كان مفاجئا لمسؤوليها، غير أنه لم يفاجئ سكان الأحياء الذين انتظروا الإنجازات على مدى الدورات الماضية -البالغة في مجملها ثلاث دورات (عمر كل منها أربع سنوات)- دون أن يروا ما حلموا بتحقيقه، فالكثير من الخدمات غائبة -وفقا للأهالي- ما شكل مصدر ضغط على أعضاء المجالس الذين ظل يلاحقهم تساؤل: ماذا قدمتم خلال الفترات الماضية؟ فأجاب بعضهم لـ”البلاد”: إنهم أنجزوا العديد من الملفات وأخفقوا في أخرى لأسباب مختلفة؛ من بينها تداخل الصلاحيات مع الأمانات، فيما أكد مواطنون أن حل هذه المجالس خطوة صائبة نحو التصحيح.


يرى رئيس المجلس البلدي في مكة المكرمة خلال دورتيه الأولى والثانية الدكتور عبد المحسن عبد الله آل الشيخ، أن تجربة المجالس البلدية حققت بعض أهدافها، معتبرا أنها تجرية مميزة بالنسبة له، مضيفا: “قدم أعضاء المجلس ما لديهم من آراء وأفكار من خلال التقائهم بالمواطنين سواء في أحياء مكة أو من خلال اللقاءات التي نظمت بمقر المجلس لمعرفة متطلباتهم واحتياجاتهم، ومن ثم رفع التوصيات للإدارات المختصة بالأمانة وطلب إقرارها وتضمينها بميزانيات مشاريع أمانة العاصمة المقدسة باعتبارها الجهة التنفيذية، غير أن الأمانة اعتبرت ذلك تدخلا في أعمالها، فلم نجد التجاوب المأمول، مع العلم أننا كلنا نعمل في خندق واحد من أجل خدمة أم القرى وسكانها. ومن بين الإنجازات خلال الدورتين الرفع عن أراضٍ كانت مجمدة لأكثر من 30 عاما، وتطوير مخططات سكنية واعتمادها وغيرها من المشاريع، أما بقية دورات المجلس فعلى أعضاء مجالسها الأجابة عن سؤال: ماذا أنجزتم؟”.


وللإجابة على السؤال السابق، يقول نائب رئيس المجلس البلدي بمكة المكرمة في دورته الثالثة فهد محمد الروقي: “أعتقد أن المجالس البلدية لم تحقق أهدافها المنشودة بسبب الاختيار غير الموفق لأعضائها أثناء الانتحابات، فغالبيتهم غير مؤهلين لشغل مناصب بالمجالس البلدية”.

وأضاف الروقي: “من واقع معايشتي لفترات انتخابية أقول: إن الانتخابات الثانية والثالثة شهدتا تنظيم دورات تدريبية غير مجدية للأعضاء، على الرغم من التكلفة المالية الباهظة لهذه الدورات، فكان من الأولى أن تصرف هذه الأموال على مشاريع بلدية مفيدة للمواطن”. وتابع: “أقترح أن يتم الاستغناء عن هذه المجالس تماما، مع إنشاء موقع إلكتروني يتبع وزارة الشؤون البلدية والإسكان، تحت إشراف منسقين في الأمانات والبلديات لاستقبال طلبات واحتياجات المواطنين ومقترحاتهم لتنفيذها بشكل مباشر، فإنشاء المجالس البلدية مكلف للغاية بينما أعضاؤها غير منتجين”.

 

دور رقابي
أكد عضو المجلس البلدي بجدة حسن بن سلطان بصفر، أن المجلس البلدي في جدة قام بدوره الرقابي على أكمل وجه في الفترة الماضية، واستمع للعديد من الملاحظات والشكاوى من المواطنين، ورفعها للأمانة، كما ساهم في تسريع تنفيذ مشاريع عدة، من بينها معالجة المياه النظافة والإنارة في عدد من أحياء، فضلا عن إنشاء الحدائق.

وحول إنهاء تمديد عمل المجالس البلدية، قال بصفر لـ”البلاد”: “طبقا لنظام المجالس البلدية، فمدة الدورة الواحدة أربع سنوات، يحق للوزير تمديدها لعامين. لقد استنفدت الدورة الثالثة قانونا لمدة ٦ ست سنوات.


في السياق ذاته، قال رئيس المجلس البلدي لأمانة منطقة المدينة عيسى بن سالم السحيمي: إن المجالس البلدية أنشئت في الأساس لخدمة المواطنين، وبالتالي استقطبت عن طريق الاقتراع والتعيين نخبةً من الكفاءات الوطنية حملت صوت المواطنين واحتياجاتهم في كل ما يتعلق بالخدمات البلدية، كما شـاركت في تعزيزها وتطويرها، وتقديم العون والمساندة للأمانات والبلديات في المناطق والمحافظات كافة، وكانت المجالس البلدية عينا للدولة وصوتا للمواطن، مؤكدا أن أعضاء المجلس البلدي لأمانة المدينة المنورة بـذلوا في دوراته المتعاقبة جهوداً كبيرة لخدمة الأهالي.

وتابع: “الـمجـلس البلدي في المدينة ساهم مع الأمانة في تطوير الشؤون البلدية، وذلك عبر أكثر من 77 جلسة ومايزيد عن 120 زيارة تفقدية وعدد 2925 عملية رصد للتشوه البصري، و40 زيارة لتقييم الشوارع وإصدار 647 قراراً ومقترحاً ساهمت وبشكل كبير في تسريع عجلة التنمية، ومن هذه القرارات ما نفذ ومايتم تنفيذه حاليا. وأغلب القرارات تركزت حول تطوير الحدائق ورفع مستوى الاستثمار بالمدينة واستكمال مشاريع درء أخطار السيول، وفق صلاحيات المجلس وإمكاناته المتاحة”، لافتا إلى أن المجلس نفذ العديد من المبادريات المجتمعية مثل: مجتمع صحي التي تعزز من ثقافة الرياضة (المشي)، ومبادرة “المدينة صديقة المعاق”، ومبادرة من حقك أن تصل بسلام (المسارات الآمنة) التي تستهدف خلق بيئة آمنة للطلاب والطالبات محيطة بالمؤسسات التعليمية، ومبادرة “صلة” التي تستهدف التواصل مع ملاك العقارات ومعالجة الإشكاليات التي تتعارض مع المشاريع التنموية وتسريع استكمال إجراءات تسليمها، فضلا عن ورش لصناعة المحتوى، وأخرى لسيدات المدينة المساهمات في التنمية.

طموحات لم تتحقق
رئيس المجلس البلدي في أبها اللواء متقاعد محمد سعيد بن بريق، اعتبر أن المجالس البلدية نجحت في أعمالها، غير أنها بالتأكيد لم تحقق كامل طموحات المواطنين، قائلا: “المواطنون منحونا ثقتهم الكاملة وعملنا من أجل خدمتهم، ووجدنا تعاونا اهتماما كبيرا من سمو أمير منطقة عسير المهتم بالتنمية، وكذلك أمين المنطقة ومعاونيه، وما أفلحنا في تحقيقه يرجع للتعاون من جميع الجهات ذات الصلة، وما لم نستطع تحقيقه نعتذر عنه للمواطنين الذين لم نتمكن من تحقيق كل طموحاتهم، ولعل التنظيم القادم سيكون أكثر وضوحاً وشفافية”.

ولفت اللواء بريق، إلى أنهم عملوا بجد من أجل إنجاز كافة المشاريع عبر أفكار متنوعة ومتابعة دقيقة، مع نقل هموم المواطنين للأمانة غير أن الإجراءات البيروقراطية تسببت في تعثر الكثير من المشاريع، مضيفا: “استفدنا من تجارب المجلسين السابقة ولقاءاتنا مع المواطنيين والإعلام. وقد كانت المجالس عونا للبلديات والأمانات وأقرب للمواطن، بيد أن قرار إنهاء تمديدها ربما يكون صائبا لأنه يتم استبدالها بمنصات يرفع عبرها المواطنون احتياجاتهم وملاحظاتهم بشكل مباشر لوزارة الشؤون البلدية”.

بينما قال عضو المجلس البلدي في أبها عامر عبد الله: “تجربة الدورتين الثانية والثالثة كانت جيدة. لقد كنا نرفع ملاحظات المواطنين بكل اهتمام للجهات المعنية ونواجه بها مسؤولي البلديات؛ لذلك تمكنا من تحقيق الكثير من الإنجازات من سفلتة طرق لبعض الأحياء والقرى وغيرها من المشاريع. نقدر طموح المواطن، لكن كثيرا من الآراء والانتقادات ليست منطقية لأنها تحاسب المجلس كجهة تنفيذية وليست رقابية”.

وأشار أول رئيس للمجلس البلدي في أبها الدكتور سعد بن عثمان، إلى أن المجلس واجه عقبات كبيرة؛ من بينها عدم اقتناع أمين عسير -وقتها- بإنشاء المجلس واعتبره كيانا غير مرغوب فيه، ما أعاق أعماله. وأضاف: “وزير البلديات حينها ونائبه استقبلوا أعضاء المجلس واستمعوا لملاحظاتنا وتحسن الأداء بعد ذلك. وبالرغم من ذلك أرى أن قرار إلغاء المجالس حاليا سيكون صائبا، لأن البدائل موجودة بحيث يصل صوت المواطن للجهات المعنية بأسرع ما يمكن، وبالتالي تتحقق التنمية بشكل أسرع”.

فقدان ثقة
قطع عضو مجلس بلدي الأحساء الدكتور صالح محمد التركي، بأن إنهاء تمديد المجالس البلدية أنه إجراء طبيعي للأعضاء الحاليين بعد انتهاء الدورة الثالثة التي امتدت ست سنوات بعد التمديد لعامين، مبينا أن عدد المجالس البلدية بلغ خلال الدورة الثالثة ما يقارب 256 مجلسا بمجموع أعضاء وصل إلى 2600 عضو أنجزوا أعمالهم بشكل مميز، مؤكدا أن الفترة الأخيرة من عمر الدورة الثالثة شهدت إطلاق وزارة الشؤون البلدية والإسكان لمشروع حملة إزالة التشوه البصري في مختلف مناطق المملكة، الذي عمل عليه أعضاء المجالس البلدية بقوة وفعالية، ما نتج عنه إزالة التشوه البصري بحجم لم يسبق مثيل.


إلى ذلك، يقول المواطن محمد ظافر الشهري: إن حل هذه المجالس خطوة موفقة خاصة أن أداءها كان رتيبا، ولم تقدم ما يشفع لها بالاستمرارية، مضيفا: “أعتقد أن الأمانات والبلديات لديها خطط داخل المدن والقرى تسير حسب ميزانياتها السنوية، وهنا لن يكون صوت المجالس إلزاميا، كما أن الأهالي فقدوا الثقة في هذه المجالس ولم يهتموا بالتصويت لها في آخر دورة، ما يؤكد أنه لم يعد لها أهمية بالنسبة لهم، خصوصا وأن المنصات سمحت لهم بإيصال أصواتهم للبلديات والأمانة والوزارة دون وسيط”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *