البلاد – مها العواودة
اتسعت رقعة الاحتجاجات الإيرانية الرافضة لسياسيات الملالي لتشمل أكثر من 18 محافظة وعشرات المدن في يومها السادس، بينما أعلنت ست منظمات وأحزاب دعمها للاحتجاجات الشعبية في مختلف أنحاء البلاد، محذرة مسؤولي النظام من القمع والعنف وقطع الإنترنت وحجب المعلومات ورفض مطالب المتظاهرين.
وقال بيان مشترك للمنظمات والأحزاب: إن المتظاهرين خرجوا إلى الشوارع، ورددوا هتافات، انطلاقاً من شعورهم بالمسؤولية، للاحتجاج على سياسة النظام المعادية للشعب، التي تسببت في مزيد من الفقر والحرمان، مشيراً إلى أنه من المتوقع أن تمتد الاحتجاجات إلى مدن إيرانية أخرى في الأسابيع المقبلة، بعد أن تتجلى الآثار التضخمية للخطة الجديدة للحكومة. وألقى الموقعون على البيان باللوم في الظروف الحالية غير المستقرة والاحتجاجات الشعبية على السياسات والإجراءات والقرارات المدمرة وغير المدروسة لمسؤولي النظام الإيراني، مؤكدين أن مزاعم الحكومة والجهاز الدعائي للنظام الإيراني، بوجود علاقة بين الاحتجاجات الشعبية والخارج لا أساس له من الصحة، منوهين إلى أن الاحتجاجات شعبية خالصة تهدف للتخلص من النظام الحالي. وطالبت الأحزاب والمنظمات الست في بيان مشترك بالإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين خلال الاحتجاجات الأخيرة وجميع السجناء السياسيين وسجناء الرأي والنشطاء النقابيين. وبعدما فرضت القوات الإيرانية، أجواء أمنية مشددة في طهران وعدد من المدن، منها مهاباد وسنندج ونور آباد ممسني وملاير وفارسان وبروجرد، توسّعت رقعة الاحتجاجات لتشمل مناطق من محافظة خوزستان، جنوب غربي البلاد، فردت القوات الأمنية بإطلاق النار على المحتجين واعتقال العشرات منهم. وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي مقاطع فيديو رفع فيها المحتجون شعارات مناهضة للنظام الإيراني.
وتواجه إيران أزمة اقتصادية ومعيشية تعود بشكل أساسي إلى العقوبات التي أعادت واشنطن فرضها على طهران، بعد قرار الأولى الانسحاب أحاديا من الاتفاق بشأن البرنامج النووي الإيراني في 2018. وطالت تبعات الأزمة خصوصا مستوى المعيشة وسعر صرف العملة والتضخم الذي يتجاوز عتبة 40 % سنوياً.
من جهته، أعرب الباحث في الشأن الإيراني الدكتور حسن راضي، عن تخوف النظام الإيراني من استمرار المظاهرات العارمة ووصولها إلى المدن الكبرى واشتعال ثورة الجياع التي تطالب النظام بالرحيل، مؤكداً لـ”البلاد”، أن ما يجري في إيران هي احتجاجات شاملة وحالة غضب عارمة تجاه سياسات النظام القمعي الذي يصرف المليارات على المليشيات والسياسات التوسعية والأسلحة، بينما أبناء الشعب في جوع وتحت القمع.
وقال: إن شرارة الاحتجاجات كانت بسبب ارتفاع أسعار الخبز والمواد الغذائية عامة حيث رفع النظام الإيراني الدعم عن الخبز والدقيق، ما أدى إلى صعود الأسعار بشكل جنوني، فضلاً عن مواصلة الاقتصاد الإيراني للانهيار وسقوط العملة الإيرانية بنسبة 300%، مشيراً أن هذه الاحتجاجات رافقها تظاهرات سياسية على المرشد خامنئي والرئيس إبراهيم رئيسي بالرغم من محاولة النظام حرف سهام الغضب الشعبي باتجاه الحكومة وتبرئة المتهمين، لافتاً إلى أن حالة الوعي التي يعيشها الشعب باتت عالية والإدراك موجود بسبب الأزمات التي يعيشها المواطنون نتيجة هيمنة وسيطرة خامنئي على القرارات المفصلية. وأشار الدكتور راضي، إلى أن النظام إيران الظلامي استهدف هذه الاحتجاجات بالقمع والتنكيل ما أسفر عن سقوط قتلى وعشرات الجرحى ومئات المعتقلين، كما قيّد حركة المواطنين بمنع التجوال في بعض المناطق في محاولة منه لتطويق الاحتجاجات خوفاً من الانفجار الكبير فضلاً عن قطع شبكات الإنترنت. وأضاف: “في محاولة فاشلة لحرف البوصلة عن من يقف خلف الأزمات، زعم النظام الإيراني أن هناك دولاً غربية تدعم الاحتجاجات وهو حديث غير صحيح”، موضحاً أن 80 % من المواطنين يعيشون تحت خط الفقر، لذلك جاءت التظاهرات عارمة بسبب سوء الأوضاع المعيشية، فالعمال والمعلمون وغيرهم من القطاعات الأخرى لم يفارقوا شوارع إيران بينما قابلتهم الحكومة بقمع عنيف وتنكيل واعتقالات واتهامات لإسكات صوت الحق المطالب بالحرية والخلاص من هذا النظام. ويرى راضي أن هذه الاحتجاجات من الممكن أن تؤتي أكلها وتحقق أهدافها المشروعة، في حال واصلت الاستمرار والتلاحم مع بعضها لتغيير النظام الفاسد.