المحليات صحة و عافية

كيف تخفف “آلام” الانتظار في مركز الاتصال؟

جدة : البلاد

هل تعلمون ما هو أسوأ من قضاء وقت مضني طويل قد يصل لأكثر من ساعة في انتظار الرد عليك في شركة ما؟ أن يرد عليك الموظف في مركز اتصال ليضعك مرة أخرى في الانتظار عدة مرات، بينما يحاول فريق العمل حلّ المشكلة التي تستفسر عنها.

هذه وصفة فريدة من نوعها لخسارة العملاء، والأخطر هو مواجهة الضرر الذي يلحق بالسمعة المؤسساتية بمجرد أن يقوم المستهلكون الغاضبون بنقل شكواهم إلى وسائل التواصل الاجتماعي.

لهذا بالتحديد، يمثل “متوسط مناولة الاتصال” (AHT) أولوية قصوى، ووقت المناولة هو الفترة الزمنية التي يقضيها الموظف الذي تلقى الشكوى في عملية حلّ المشكلة. لا بل يمكن القول أيضا أن “متوسط وقت مناولة” الاتصال يشكل تحد لكل الذين يعملون في مراكز الاتصال، وهو يمثل أيضا مسألة تتطلب توازنا دقيقا بين حلّ المشاكل بسرعة والتأكد من أن النتيجة التي يتوصل إليها فريق العمل هي السيناريو الأفضل لجميع الأطراف.

أما إذا نظرنا إلى القضية من زاوية تجربة العملاء (CX)، يعكس ارتفاع متوسط مناولة الاتصال AHT حاجة المتصلين إلى بذل جهد متزايد لحل مشكلاتهم، ما يؤدي إلى الإحباط وعلاقات غير سليمة مع العلامة التجارية.

وتترك هذه المعضلة أيضا تأثيرات على تجربة الموظف (EX)، لأنها تؤدي إلى إرهاقهم خلال محاولتهم حلّ مسائل لا تتطلب عادة سوى جهود بسيطة. نتيجة لذلك، تواجه مراكز الاتصال مصاعب كبيرة ومتزايدة خلال محاولة تحقيق أهداف محددة على مستوى الخدمة (SL).

من وجهة نظر تشغيلية، يُعد متوسط مناولة الاتصال عاملا مؤثرا على التكلفة في مراكز الاتصال، ويمكن أن تتسبب ثوان إضافية عدة خلال كل مكالمة في التأثير بشكل كبير، سلبا أو إيجابا على نتائج الأعمال السنوية الكلّية لمراكز الاتصال.

ثمة العديد من العوامل التي يمكن أن تُسهم في ارتفاع متوسط مناولة الاتصال، من أبرزها قلة الخبرة والتدريب غير الكافي. وفي أغلب الأحيان تؤثر الأدوات الموضوعة بين أيدي موظفي مراكز الاتصال على تجاربهم وتجارب العملاء.

لكن هذه الحالة تشكل من جهة ثانية، فرصة للمؤسسات لمراكمة جهود التحوّل الرقمي الخاصة بها والتي جرت على مدى السنوات القليلة الماضية، ودعم وكلاء مراكز الاتصال وتمكينهم من الاعتماد على وسائل كالأتمتة و”تعلم الآلات” Machine Learning  والذكاء الاصطناعي AI لتقديم الخدمات بروحية فريق عمل رقمي واحد خلال التعامل مع العملاء.

على سبيل المثال، يمكن لاستخدام برمجيات بسيطة مثل “النافذة المنبثقة” Pop up ضمن منصات “إدارة علاقات العملاء” CRM أن يساهم في تعزيز خدمة المتصلين. هذه النافذة توفر بشكل آني بيانات المُتصل لموظف مركز الاتصال الذي يرد على طلبات العميل. وهذا يعني أن الموظفين ليسوا مطالبين بالبحث في واجهات مختلفة للعثور على المعلومات ذات الصلة، ما يوفر ما يصل إلى دقيقة في كل مكالمة. وبالنسبة إلى مؤسسة تتعامل مع أكثر من 30000 مكالمة يوميا، فإن هذه الأداة البسيطة تملك تأثيرا هائلا على الإنتاجية.

وإذا أخذنا هذه الحلول بعين الاعتبار، يمكن لمراكز الاتصال أيضا إضافة أتمتة العمليات الآلية إلى المكوّن “السحري” لنجاحها، وهذه الخطوة تجنّب الموظفين التعامل مع عشرات التطبيقات المختلفة. وبدلا من ذلك، يمكنهم التعامل مع الاستفسارات المعقدة حتى من خلال واجهة استخدام برمجية واحدة أو على الأقل من خلال عدد محدود من الواجهات، وبذات الوقت استكمال المهام المشتركة والإدارية تلقائيا في الخلفية. يمكن تطوير هذه المقاربة بشكل أكبر من خلال تحسين إدارة التعاطي مع البيانات خصوصا المعلومات الحساسة المتعلقة بسياق الاتصال والعميل المُتصل. هذا الأسلوب يمكن الموظفين من تقديم تجربة شخصية أو “مُشخصنة” لكل متصل، بالإضافة إلى مساعدين رقميين مدعومين بالذكاء الاصطناعي ممن يعالجون الاتصال في “الوقت الفعلي” Real Time لدعم وتوجيه الموظفين خلال تعاملهم مع المواقف الصعبة.

لقد خفضت شركات الاتصالات الأوروبية الكبيرة من معدلات الـ AHT بشكل كبير من خلال تغيير تصميم تجربة المستخدم UX. لقد قامت بدمج عشرات التطبيقات ضمن جهاز كومبيوتر مركزي لضمان وصول الموظفين بشكل فوري إلى جميع بيانات العملاء ذات الصلة بمجرد إجراء الاتصال. وبدلا من استخدام واجهات متعددة، يتم تزويد الموظفين بالتفاصيل الصحيحة بشكل فوري، بالإضافة إلى أتمتة الاتصال لمشاركة المعلومات بين تلك التطبيقات. يؤدي القيام بذلك أيضا إلى تحديد التطبيقات التي تتسبب بمشاكل وإصلاحها. وبالتالي يصبح الموظف مستعدا للتعامل مع استفسارات أكثر تعقيدا دون طلب المساعدة من الزملاء. وهذا أدى في النهاية إلى توفير فائدة إضافية تتمثل في ارتفاع معدلات “التعامل بنجاح مع الاتصال من خلال أول موظف” FCR.

ومن الأهمية بمكان الانتباه إلى أنه ليست بالضرورة أن تكون كل الزيادات في مؤشر متوسط مناولة الاتصال AHT سلبية. في الواقع إن معظم الشركات على استعداد لقبول معدلات AHT أعلى إذا كان ذلك يساعد على تحسين مؤشر الـ FCR، أو تحفيز فرص المبيعات الجديدة. قد يستغرق الأمر وقتا أطول قليلا في البداية، لكنه سيؤدي إلى تحسينات على المدى البعيد، حيث لن يضطر العملاء إلى إعادة التعامل مع ذات الطلبات، ما يتيح لهم التركيز على الاتصالات والاستفسارات الجديدة.

إن التطورات في عالم التكنولوجيا، خصوصا منها التقدم الكبير في مجال الأتمتة وتعلّم الآلات والذكاء الاصطناعي، توفر فرصة لمراكز الاتصال للتحكم في مؤشر الـ AHT وتخفيضه. وهذا يتحقق من خلال دمج التطبيقات ضمن الأنظمة التي يعتمد عليها الموظف، لتصبح المؤسسات مجهّزة لتحقيق أفضل السيناريوهات بين المتصل وموظف مركز الاتصال وتقديم “تجربة كاملة” TX للجميع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *