متابعات

هروب العاملات .. أزمة موسمية

البلاد – رانيا الوجيه – أحمد الاحمدي – مرعي عسيري

 قبيل إطلالة شهر رمضان الفضيل في كل عام يتكرر هروب الخادمات بسبب الطلب المتزايد عليهن بشكل يدعو للقلق، ورغم متابعة الجهات المختصة للعمالة المخالفة والهاربة وجهودها في هذا الصدد فقد أوضح مواطنون أن هناك عصابات منظمة تنسق مع الهاربات بغية تهريبهن للعمل بمبالغ مضاعفة رغم الانظمة الصارمة التي تطبق على مشغلي عمالة الغير التي تصل إلى السجن والغرامة، لافتنين إلى أن السماسرة يصعدون نشاطهم المحموم في رمضان لحصد أكبر قدر من الأرباح والعمولات. “البلاد” فتحت ملف السماسرة لتضيء الملامح المعتمة لعناصر لا تنطلق من خلفية نظامية وتغلغلت في المجتمع وتموضعت في إطار تجاري فوقع المواطنون ضحايا التعامل مع نصابين.


العاملة سيتي من اندو نيسيا تقول كنت اعمل لدى كفيلي براتب ١٥٠٠ ريال لمدة ٤ سنوات راضية بما قسمه الله لي من رزق، وفي احد الايام اتصلت بي زميلة لي اعرفها من مكة المكرمة وشرحت لي وجود فرص عمل في مكة المكرمة في شهر رمضان المبارك برواتب مغرية جدا ٣٥٠٠ ريال وان الحاجة ملحة لدى الا سر للموافقة على العمل بهذا الراتب الكبير ما أدى إلى هروبي والالتحاق بالسماسرة والعمل لدى اسرة أخرى.

راتب مغرٍ
العاملة المنزلية منور قالت: أحضرني رجل من بني جلدتنا من الطائف الى مكة المكرمة في شهر رجب الماضي واسكننا في منزل لا اعلم في أي حارة واغلق علينا الباب وفي نهاية شعبان احضرني للعمل بمنزل براتب 4 آلاف ريال خلال شهر رمضان . وتقول آمنة الرواتب المغرية وحاجة الاسر الملحة للعاملات لا سيما خلال شهر رمضان المبارك هي التي دفعتنا للهروب من كفلائنا والتعاون مع السماسرة والعمل لدى الأسر المحتاجة.

“البلاد” تواصلت مع شريحة من سماسرة الخادمات وعلمنا كيفية تأجيرهن بالساعه أو تشغيلهن بالشهر والكسب من ورائهن.
أمين أحد السماسرة للعاملات من جنسيات افريقية يوضح بقوله: هناك خادمات بعد هروبهن من كفلائهنم إما بسبب المعاملة السيئة أو بسبب ضغوط العمل في البيوت، يقمن بالتواصل مع معارفهن من نفس الجالية باحثات عن مسكن وعمل لهن وحين زادت الأعداد بشكل كبير جاءت فكرة توظيفهن لبعض الأسر التي في حاجة للعاملات المنزليات بأي ثمن ، وبالتالي أستقطع نسبة مالية جيدة من العائلة حين توصيل العاملة لهم بالإضافة لحصولي على نسبة كل شهر من راتب العاملة نفسها المتفق عليه والباقي لها. السمسارة ليندا الاندونيسية وجدت فرصة ثمينة في أزمة العاملات وخاصة مع تفضيل أغلب العائلات للعاملة الإندونيسية حيث تقوم “سيتي” بتأجير العاملات الإندونيسيات بنظام الساعة وذلك بمبلغ قدره 25 ريالا في الساعة بالإضافة 50 ريالا مواصلات، أما في رمضان تصل الساعهة الى 30 ريالا، ووجدت إقبالا كبيرا وكونت قاعدة كبيرة من السيدات اللاتي يتهاتفن عليها لإرسال عاملة اندونيسية بالساعة .

مشكلة موسمية
وعد الجبيلي أوضحت بقولها: أزمة العاملات المنزليات أصبحت مشكلة موسمية تواجهها الأسرة السعودية في كل عام من شهر رمضان ، دون إيجاد حلول مناسبة، ومن جهة أخرى استغلت خادمات هاربات نقص العمالة المنزلية في البحث عن فرص عمل برواتب أعلى، كما أن نقص العمالة المساعدة ليس وحده العائق الحالي في جلب خادمات حيث أن المشكلة تعود إلى افتقادها للخبرة، وعدم خضوعها لتدريب يؤهلها للقيام بمهامها في المنازل في ما بعد، وبالطبع عدم توافر الخبرة يشكل عبئاً على الأسرة، وعدم الاستقرار فيها ، وبدلاً من قيام الخادمة بمساعدة ربة المنزل بتنظيفه والعناية بالأطفال واحتياجاتهم، تتحول إلى عبء كبير لكونها أحد أفراد الأسرة الذي يحتاج للتوجيه الدائم، وبالطبع مع قلة عدد العاملات في مكاتب وشركات الاستقدام، وزيادة الطلب عليهن في الوقت ذاته مع بدء رمضان، أصبحت عددهن محدوداً ومن دون خبرة.


روحانية الشهر
تقول فاطمة باصالح عن استغلال السماسرة لحاجة العائلات للخادمة في شهر رمضان قائلة: ساعد في تفاقم ظاهرة هروب الخادمات وارتفاع اسعارهن وجود من يسهل لهن العمل، سواء من جانب السماسرة ، وفي ظل مطالب الأسرة المتزايدة خلال هذا الشهر المبارك تتضاعف متاعب ربات البيوت وخاصة الموظفات، إضافة لرغبتهن في التفرغ لعيش روحانية هذا الشهر الكريم وللارتياح من بعض تلك الضغوطات فيتم الاستعانة بالعاملات المتخلفات أو الهاربات على الرغم من المبالغ الكبيرة التي تدفع لهن.

وتصف تجربتها آمنة عبيد الله مع أزمتها للخادمه قائلة: لجأت إلى مكتب تأجير لتوفير عاملة بالساعة طول شهر رمضان 4 ساعات كل يوم، وقالت : منذ شهرين وأنا أبحث ولم تتوفر أية عمالة مما اضطرني أن أتفق مع إحدى العاملات من الجنسية الإندونيسية ، وطلبت الساعة بـ30 ريالاً، ووجدت حسابها في أربع ساعات 120 ريالاً. وتابعت: بالرغم من أن المبلغ كبير إلا أنه لا بدائل أمامنا.

نظام الساعة
وتقول مها العبدالله ربة منزل: من وجهة نظري أجد أن نظام الساعة من الصعب جدا التعامل به ولا يحقق المساعدة والعون بشكل كافٍ، حيث أن شهر رمضان تكثر به أعباء المنزل مقارنة بالشهور الأخرى طيلة السنة، بالإضافة الى أن الاعتماد على الخادمة بنظام الساعة اذا كان حضورها يوميا طيلة الشهر ستكون النتيجة مكلفه جدا وتتعدى قيمة راتب الخادمة المقيمة بشكل دائم في البيت.


تكثيف الحملات
المواطن فهد الحربي ناشد الجهات المختصة بتكثيف حملاتها التفتيشية على المنازل الشعبية وخاصة المنزوية والتي في اعالي الجبال خاصة خلال شهري رجب وشعبان وهو موسم نشاط السماسرة في تجميع العاملات وايوائهن بعيدا عن انظار الجهات المختصة حتى ما أن يهل شهر شعبان حتى يتم توزيعهم على المنازل لتشغيلهن بمبالغ خيالية نظرا لحاجة بعض الأسر لذلك مقابل حصول هؤلاء السماسرة على مبالغ مالية منهم والمطلوب تكثيف هذه الحملات على منازل السماسرة المنزوية والقبض عليهم وتطبيق اشد العقوبات في حقهم وابعادهم عن البلاد ٠كما ناشد الحربي عموم الاسر بعدم مساعدة هؤلاء السماسرة والتستر على الخادمات وتشغيلهم ولولا أن وجد هؤلاء السماسة وعاملاتهم تجاوبا من الاسر لما اقدموا على تشغيلهن وفتح المجال لهم.

ظروف خاصة
المواطن بندر العاصمي قال: البعض لديهم ظروف خاصة، وبحاجة الى عاملات سواء بنظام الساعات أو العقود الشهرية، وبسبب الأسعار المبالغ فيها والتي تحددها تلك الشركات والمكاتب لم يستطيعوا الحصول على العاملات لمساعدتهم في شؤون المنزل خاصة خلال الشهر الفضيل حيث تعب الصيام، وتجهيز الافطار والسحور، والالتزامات اليومية والاعمال، وهو ما يزيد من حجم معاناتهم. وقال عبد العزيز مداوي إن السعي لتحقيق الكسب المربح وراء الاستغلال فيتعرض المواطنون في كل عام للاستغلال من قبل الشركات التي توفر عاملات بنظام الساعات والنظام الشهري، اذ أن تلك الشركات تستغل الشهر الفضيل برفع الاسعار الى اضعاف ما كانت عليه في السابق، وذلك لكونها تعتبر شهر رمضان موسما لابد من استغلاله بتحقيق اعلى معدلات ربح، مستغلة بذلك عدم وجود ضوابط وغياب الرقابة عليها، وتستغل ايضا حاجة المواطنين للعاملات بنظام الساعات او النظام الشهري برفع الاسعار ، فضلا عن سماسرة العاملات المنزليات الذين ينشطون في كل عام منذ دخول شهر شعبان.


الرأي القانوني
المحامي سيد الشنقيطي أوضح بقوله : هناك فرق بين العاملة المنزلية الهاربة والمتسللين المخالفين لأنظمة الحدود وتختلف العقوبة ، فعلى صاحب الشأن في حال هروب عاملته يستطيع رفع قضية عليىها يطالبها بجميع التكاليف التي تم دفعها بالإضافة الى رفع قضية أيضا على الشخص الذي قام بتشغيلها والحصول على التعويض.

 

التعريف بالعادات السعودية

تشير الأرقام إلى أن أعلى نسب بلاغات الهروب هي التي تأتي بعد أن تتمكن مافيا الشغالات من إقناع العاملة بأجر أكبر في مكان ما، وهنا يجب أن تتكاتف جهود جميع الجهات المختصة، ووضع حد للهروب بإلزام مكاتب وشركات الاستقدام بفتح مكاتب خاصة تابعة لها في بلدان العالملات المنزليات ، تتولى عقد دورة لكل خادمة راغبة في العمل بحيث يشرح لها كل ما يتعلق بالأعمال التي ستمارسها في المنازل، ونوع العادات السعودية التي يجب أن تتعرف عليها وكيف تتعامل معها، والعقوبات المترتبة على تركها مكان عملها، وعند القبض عليها أو تسليم نفسها للشرطة، على مراكز الشرطة والقبض على مشغلي تلك الأماكن عن طريق فرق التحري، إضافة إلى تكثيف التوعية بين العاملات والمجتمع حول الأضرار المترتبة على الهروب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *