جدة – البلاد
مع كل صعود للعملات المشفرة، تبدو أوهام الثراء السريع ، وترسم لضحاياها أحلاما وردية ، مهرولين لاستثمار أموالهم في مجهول يحسبه الغافلون ، عن ظمأ أو طمع ، كنوزا من المال ، دون وعي وإدراك بالمخاطر العالية لأموالهم التي تذروها رياح المغامرة في أضابير تلك الشبكة المظلمة وإغواءات محترفيها ، وتصبح مدخراتهم أو ما اقترضوه (في خبر كان).
وكان ياما كان ، من قصص مؤلمة ، وأخرى تتربص بهم شباك فرائس شبكة وسوق الفوركس غير المرخصة ، لتبقى الحقيقة المؤكدة ، أن القنوات المشروعة هي الوعاء الآمن لاستثمار الأموال.
يشهد سوق المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية حمى انتشار على مستوى العالم، عبر منصات “الفوركس” غير المرخصة التي تنعدم فيها أية ضمانات لحفظ وحماية أموال العملاء.
ومنذ بدايات تلك المنصات المظلمة ، أطلقت هيئة السوق المالية، والبنك المركزي السعودي، ووزارة التجارة حملة توعوية لحماية المجتمع من خطورة التعامل مع المواقع الإلكترونية المشبوهة التي تسوّق للاستثمار في الأوراق المالية دون حصولها على التراخيص المطلوبة من الجهات ذات الاختصاص، والتعريف بالوسائل المبتكرة التي تنتهجها الشركات غير المرخصة أو الأشخاص المحتالين للإيقاع بضحاياهم في أنشطة الفوركس أو العملات الرقمية غير المرخصين.
نصب واحتيال
يقول رئيس قسم الاقتصاد بكلية الاقتصاد والإدارة بجامعة الملك عبدالعزيز الدكتور هيثم ذاكر خوج أن المملكة حققت ريادة عالمية في محاربة تجارة “الفوركس” غير النظامية، وذلك بالتوعية والتحذير من التعامل والاستثمار مع الجهات غير النظامية وغير المرخص لها؛ عقب تضرر بعض الفئات وذلك بإيداع الأموال الخاصة بهم لجهات وشركات بطرق غير نظامية دون الرجوع للجهات المختصة.
وبيّن أن المملكة تقدم عدة برامج لمواجهة الجهات والشركات غير النظامية، منها اللجنة الدائمة للتوعية والتحذير من نشاط المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية (الفوركس) غير المرخص، وتشترك فيها عدة جهات رسمية بهدف حماية الأشخاص من الانجراف وراء هذه الاستثمارات التي قد تكون مضرة للاقتصاد بشكل عام وللأفراد بشكل خاص.
وأكد الدكتور ذاكر ، بحسب استطلاع لـ “واس” أن المخاطر التي قد يتعرض لها المستثمرون والمتاجرون في الأوراق المالية بسوق العملات الأجنبية تكون عالية جداً بخسارة رأس المال للأفراد المساهمين، عادّا الاستثمار الذي تسوّق له الجهات غير النظامية يكون هدفه غالباً كسب الأموال بطرق غير مشروعة عن طريق إيهام المستثمرين بأن الاستثمار لدى هذه الشركات آمن، ويساعدهم في ذلك عدد من المواقع المشبوهة التي خصصتها هذه الشركات للإعلان عن الأرباح المضمونة التي يكون محصلتها النصب والاحتيال .
الرقابة والشفافية
من جهته، أشاد المحامي والمستشار القانوني علي بن عبدالله الشريف بالبنية التحتية الرقمية في المملكة، عادها نموذجاً يحتذى به في عمليات التحول الرقمي، محذراً من مشاركة المعلومات والبيانات الشخصية والخاصة مع الآخرين وضرورة التأكد من مصادر المعلومات بالرجوع للجهات ذات العلاقة والتأكد أيضاً من وجود التراخيص اللازمة للشركات قبل البدء في أي استثمار لديها والحذر من الإغراءات بالكسب السريع الذي تروج له شركات المتاجرة في الأوراق المالية بسوق العملات الأجنبية “الفوركس” غير النظامية.
وشدد على ضرورة مراقبة الأنشطة غير المرخصة وتعمل بشكل غير قانوني وضبطها وتحويلها إلى الجهات المختصة، لافتاً إلى دور الجهات الإعلامية للقيام بالواجب المناط بها لتوعية أفراد المجتمع بأهمية متابعة كل ما يرد من معلومات في المواقع الرسمية مثل هيئة السوق المالية، وأيضاً البنك السعودي المركزي للتأكد من المواقع المرخص لها بممارسة أنشطة الأوراق المالية في المملكة وعدم الانجراف للمواقع المشبوهة ومخاطر لا يحمد عقباها.
وسبق أن حذرت اللجنة السعودية الدائمة للتوعية والتحذير للمواطنين والمقيمين من نشاط المتاجرة بالأوراق المالية في سوق العملات الأجنبية (الفوركس) ومحاذير الاستثمار بهذه العملات الرقمية الافتراضية، باعتبارها عملة غير معتمدة داخل المملكة، ولا يتم تداولها من خلال أشخاص مرخص لهم في المملكة، وهي رسالة توعيه وإشارة حمراء لكل من يغامر عن جهل بخطورة تعاملات مالية محظورة نظاماً ، أن أمواله لن يعرف لها مصيرا ، ولا ضمانة لاستردادها ، فلا مقر ولا مرجع مسؤول بتلك المنصات وشبكاتها العنقودية، وهنا الدرس المرير (الحسرة والندامة) لكن بعد فوات الأوان حيث لاينفع الندم.